:مراجعة كتاب
الكيمياء العاطفية
كيف يمكن للعقل علاج القلب
تارا بينيت
بقلم : أفنان المبارك
إن الكيمياء العاطفية تسمح باحتمال تطور شعورنا بالاضطراب و الفوضى إلى رؤى ثاقبة
صدر كتاب الكيمياء العاطفية عام ٢٠٠١ للمؤلفة تارا بينيت زوجة المؤلف دانيال جولمان مؤلف كتاب الذكاء العاطفي .
ما هي الكيمياء العاطفية ؟
كما أن الكيمياء يمكنها الرصاص الى ذهب،فهي تسمح بتحول شعورنا-بالاضطراب، إلى رؤية ثاقبة تجعلنا نفهم هذه المشاعر و نتصالح معها و نتقبلها و نتجاوزها ثم نتحرر منها.
إن الكتاب يعلمنا كيف نحرر أنفسنا و نستبدل مشاعرنا المضطربة بالشعور بالشفقة اتجاه انفسنا بواسطة التأمل و ممارسة الوعي، حيث نستطيع رؤية الأشياء كما هي بدون تشويه و لا إطلاق أحكام.
في الفصول الثلاث الأولى تحدثت الكاتبة عن التيقظ، و هو أن ترى الأشياء على حقيقتها بدون تغييرات، أن تكون على علم بما يحدث في اللحظة الراهنة و تشعر به و بوجوده من الممكن أن نتعلم التيقظ من الاطفال لانهم يعيشون اللحظة و يتجاوزون الماضي بسرعة و لا يفكرون في المستقبل و بإمكانهم تكريس كل جوارحهم و انتباههم للحظة.
عند تراكم الافكار في عقولنا نصبح خارج الوقت الحاضر.
التشتت يعرقل سير حياتنا و لايجعلنا نستمتع أو حتى نفهم الامور بشكل صحيح.
يظهر من خلال الكتاب تأثر الكاتبة بالثقافة الشرقية و اليابانية حيث تعلمت الكثير من الطقوس و الممارسات التي ساعدتها على فهم الوعي و التأمل التيقظ.
في الفصل الثالث تحدثت الكاتبة عن "عقلية تناول الشاي" و ذكرت أن مذهب التأمل الشرقي استوحى فكرته من فن تناول الشاي الياباني.
"خلال مراسم تناول الشاي، ينصب الانتباه الى الوقت الحالي، حيث نستمتع بالتفاصيل الدقيقة :مذاق الشاي، و الرائحة، و صوت الضربات الخفيفة التي يصدرها المضيف عندما يخلط مسحوق الشاي الأخضر مع المكونات الأخرى…….إذا تجاوز هذا الانخراط غرفة الشاي إلى الحياة حتى يصل إلى تجاربنا اليومية فإنه يلهمنا ثم المزيد من الوعي". “إن تبطئة وتيرة الحياة تجعلنا نستمتع بالحياة و نقدرها بشكل اكبر.”
ثم انتقلت للحديث عن العواطف و ذكرت بالتفصيل كيف يمكننا أن نتعامل مع العواطف بحكمة عن طريق التيقظ "عندما تظهر العواطف في وعيك، انتبه لخصائصها، و اعترف بوجودها، و اقبلها على طبيعتها، من دون مقاومة أو تحيز أو تفضيل".
في الفصل الرابع تحدثت عن المخططات،و بالمناسبة فإن العلاج بالمخططات هو أسلوب علاج حديث في علم النفس schema therapy و هو قائم على فهم الأنماط العاطفية الخفية التي تبدأ من الصغر و تستمر حتى الكبر ، مثال ذكرت الكاتبة هذه القصة في بداية الكتاب" في الأسبوع الماضي، كان يجب علي القيام بعرض تقديمي مهم للغاية و كان سيتواجد العديد من الاشخاص الذين تهمني آراؤهم كثيراً ، و أعتقد أنني قمت بعمل جيد للغاية و وجدت الإطراء من عدة اشخاص لكن أحدهم قال "عمل رائع لكن كان من الممكن ان يكون أقصر قليلاً".
شعرت العميلة بالإحباط و القلق و تبين أن هذه ليست المرة الولى التي يحدث معها امر كهذا.
كان دائماً يستحوذ عليها إحساس أنها لا تقوم بالامور بشكل جيد بما فيه الكفاية و قد قادها البحث المنهجي ان جذور هذا الاستحواذ يعود الى نمط عاطفي خفي (مخطط) و هو النزعة المثالية، هذا المخطط مثل النظارة التي تشوش الأمور و الحقائق و تجعلها لا تصل إلينا بطريقة صحيحة. فالمثالية هنا مثل العدسات الذهنية التي تشوش الرؤية تجعل الشخص يرى زلاته ضخمة و انجازاته صغيرة.
المخططات الخمسة الأولى تتعلق بالدائرة القريبة (الحياة العاطفية، الاصدقاء العائلة) و تنشأ عادة من الصغر.
١. الهجر Abandonment١
قد ينتج عن الفقد، كفقد أحد الوالدين أو انشغالهما و عدم تواجدهما. لدى صاحب مخطط الهجر خوف شديد من الوحدةو يعتقد أن الاخرين سيتركونه. قد يظهر على شكل التعلق المرضي و القلق المرضي ، كالأم التي تتعلق بابنها و تخاف أن تفقده و و تكون في حالة توتر دائم و قلق و تفكير.
صاحب هذا المخطط يركز دائما على اشارات الاخرين السلبية انهم سيتركونه.
الاستجابة لهذا المخطط تكون بالمزيد من التعلق أو الهرب من العلاقات مثلا إنهاء العلاقة بدون سابق إنذار.
٢.الحرمان Deprivation
شعار المخطط "حاجتي لن تجد من يلبيها " قد يكون السبب ان أصحاب هذا المخطط قد شعروا بالتجاهل في صغرهم لذا يواجهون صعوبة كبيرة في إبراز حاجاتهم العاطفية. يشعر أصحاب هذا المخطط أن الآخرين يتجاهلون احتياجاتهم، و مهما أُعطو فهم يشعرون بعدم الاكتفاء. يشعرون بأن لأن الآخرين لامبالين بالنحو الكافي.يعتقدون أن على الآخرين قراءة أفكارهم.
٣. القهر Subjugation
شعار المخطط "حاجتي ليست أولوية"
يظهر هذا المخطط عند أبناء الوالدَيْن المستبدَيْن الذين يقمعون أطفالهم. يشعر صاحب هذا المخطط بالقمع، و يتعلم منذ طفولته أن مشاعره غير مهمة ، قد يستسلم بسرعة و يفقد الأمل بسرعة، قد يصبح بلا شخصية و لا يستطيع حتى أن يتخذ قرارات مصيرية بنفسه كالتخصص الجامعي و الزواج. كما أنه نادراً ما يدافع عن آرائه و قناعاته. قد يذعنون للزوج المستبد و قد ينتج عنه تمرد أو ميل لإرضاء الآخرين.
٤. انعدام الثقة Mistrust
قد يكون صاحب هذا المخطط قد تعرض لصدمة نفسية أو فكرية (اعتداء لفظي أو جسدي). يعتقد أن العالم مكان خطير و الناس ليسو اهلاً للثقة كما يعتقد أن الثقة بالناس غير ممكنة. دائماً ما يفترض الأسوأ. يعتقد أن جميع الناس لديهم دوافع خفية.
٥.الشعور بعدم استحقاق الحب Unlovability
شعار المخطط "أنا لست أهلاً للحب" قد تكون الأسباب أبوَيْن ناقدَيْن ، سبّابين. قد ينظر لنفسه باحتقار كما يفعل والديه و لديه شعور عميق بعدم الاستحقاق،أحياناً قد يختبئ خلف ستار الغرور و الأضواء و البحث عن الشهرة. .
المخططات في العالم الأوسع [ الحياة الدراسية، المهنية، المجتمعية]
1. الإقصاء ِExclusion
"شعار المخطط "أنا لا أنتمي لشيء"، يظهر المخطط حين يجد المرء نفسه خارج الأحداث، يظهر بشكل كبير عندما ينشأ الشخص في محيط مختلف عنه فيتولد عنده شعور بالإقصاء و عدم الانتماء.قد يتحاشى الجماعة،و قد يتجه للعزلة أو في بعض الأحيان قد يسعى جاهداً لإرضاء الآخرين و ليكون فتى الجماعة المثالي.
٢. سهولة التأذي Vulnerability
يتسم أصحاب هذا المخطط بالخوف المبالغ فيه و كأن كارثة ستقع. يغلب عليهم كثرة التهويل و المبالغة ، قد يصاحبهم التوتر المبالغ فيه في بعض المواقف مثل (السفر، إقفال الجوال، الخ) في الحالات المتطرفة : قد يتخذ شكل الرهاب ( الوسواس) .
٣. الفشل Failure
شعار المخطط "لست مميزاً بما يكفي" "أنا لست كفؤاً" . ذكرت الكاتبة مثال جانيت جاكسون التي قالت عندما وقّعت عقدا بقيمة 58 مليون دولار "نجاحي ليس مستحقا" ، تبين انها عندما كانت صغيرة كان زملائها في المدرسة يمارسون التنمر و السخرية و الأذية و كان ذلك يؤثر عليها بشكل كبير.الشعور بالفشل هو الشعور أنك ناقص و نجاحك غير مستحق،يشعر أصحاب مخطط الفشل أن أن نجاحهم ادعاء ، ضربة حظ أو غير حقيقي.
٤.النزعة المثالية Perfictionism
"شعار المخطط "لا بد أن أكون مثالياً", لديهم معايير صارمة لتحقيق المثالية و قد يلزمون الآخرين بمعاييرهم . يرون العالم عبر عدسات التطلعات العالية. يضغطون على أنفسهم
و يتوترون من الخطأ. تنافسيين إلى حد كبير، فكل مكان هو ساحة حرب حتى النادي الرياضي..