إلى من يعرف قدر نفسه
رَحِمَ اللهُ امرأً عرفَ قدرَ نفسِه) من وجهة نظرٍ مختلفة)
هذا ليس مقال إيجابي، ولست أنوي فيه شحذ همتك. أسرد هنا حقيقة غائبة عن أذهان بعض البشر، حقيقة باتت حبيسة لخوفهم ورهينة لجهلهم.
ينوي محمد الإقدام على خطوة كبيرة في حياته، يخاطب صاحبه بها ويتوجس من قدرته على إنجازها.. ثم في الحوار نفسه يختم بإحجامه عن فعلها ظنًا منه بأنها صعبةٌ عليه أو شبه مستحيلة، قائلًا: يا رجل “رَحِم الله امرأً عرف قدر نفسه”، وينتهي بذلك لنقلها إلى أرشيف الأمنيات، ليقف في ضفته منتظرًا معجزة إلهية تشق له البحر ليتمكن من بلوغ الضفة الأخرى، وإلا فلا. وبذلك يقرر محمد ألا يبحر.
هل أنت محمد في قصة أخرى؟
على قدر حلمك تتسع لك الأرض
محمود درويش
حين يستسلم الإنسان لمشاعر القلق ويتوجس من الإخفاق ويرفض التسليم بإمكانية وحتمية الفشل كمحطة قد يمر بها في رحلته، فهو يرتكب في حق نفسه أسوأ أمرٍ سيلقاه في حياته على الإطلاق بأن: “لا يمنحها قدرها” أو يُحَجِم من قدراتها إستهانةً بها بجهله وتذاكيه. العقبات والصعوبات شرٌ لا بد منه، وقوفك أمامها مكتوف الأيدي مستسلمًا مسلمًا بأنك “لا تستطيع” أو “لا تقدر” وتظن بأنها “رحمة وحكمة” تهبها لنفسك هي ظلمٌ كبيرٌ لها.
وتحسبُ أنك جرمٌ صغير
وفيكَ انطوى العالمُ الأكبرُعلي بن أبي طالب
أنت قادر، يقول الله عز وجل: (لا يكلفُ الله نفسًا إلا وسعها) لن يهبك الله فرصةً ويضعك في موقفٍ لا تقدر على تحمله. اقبل المحاولة، اسع، خذ بالأسباب، وابذل ولا تحقر من قدر نفسك وتُحَجِم مما تستطيع تحقيقه. وإن ظننت عكس ذلك، لا تستسلم قبل أن تحاول.
Your fear is a compass
Seth Godin
قد يخيل لك الخوف والجهل أنك لا تستطيع، وتتعلل بقول: ”رحم الله امرأً عرف قدر نفسه” ولكنك في حقيقة الأمر (قادرٌ لا يريد). وعليهِ فإنك ستعيش حبيس خوفك، في ضيق خياراتك بعيدًا عن براح الحياة، ستبقى عالقًا في حدود بدائل قليلة، تلون حياتك بلون أو لونين بما اعتدت عليه، حارمًا نفسك من جمال ألوان أخرى يمكنك أن تبتدعها، هكذا بجهلٍ ومن دون وعي؛ لكيلا يقع ما تخافه! يقول Seth Godin إن خوفك هو بوصلة، اذهب باتجاهها.
لولا المشقةُ سادَ الناسُ كلهمُ
المتنبي
هل أتحدث من برجٍ عاجي؟ وهل أدعي أن الإقدام هو الأمر الحاسم وأن كل شيءٍ سينتهي بيسر وسهولة بعدها؟ أبدًا. أؤمن بـقول المتنبي “لولا المشقة سادَ الناسُ كلهُم” كما أؤمن أن الطريق يستحق، والسعي يُرى، والأثر يدل على المسير، والمغامرة طبيعة الحياة، والصعوبات محطة لا بد أن نمر بها، لكنها حتمًا ليست وجهتنا النهائية.
الحقيقة .VS الأعذار
ضع كافة الأعذار الواهنة أمامك الآن، سنضعها على الطاولة لنكتشف “قدر نفسك” وما تقدر على تحقيقه بالفعل.
- تعتقد أنك لا تستطيع لأنك خائف؟
الحقيقة أن الخوف لا يمنعك من فعل شيء حتى تسمح له أنت بذلك.
- تعتقد أنك لا تستطيع لأنك تشعر بعدم الارتياح؟
الحقيقة أن شعور عدم الراحة لا يمنع الإنجاز؛ بل يسبقه.
- تعتقد أنك لا تستطيع لأنك غير متأكد؟
الحقيقة أن لا شيء مضمون. كل شيء قابل للفشل.
- تعتقد أنك لا تستطيع لأنك لا تعرف كيف؟
الحقيقة أن كل شيء يمكن تعلمه. قد يستغرق الأمر وقتًا، لكن مسألة تعلمه ممكنة.
ختامًا.. هذا المقال لن يصنع المعجزات، أنت فقط تستطيع متى ما عرفت قدر نفسك حق المعرفة. فكر الآن.. ما هو قدر نفسك وأين ستختار أن تضعها؟