صفحة من دفتر قديم..

تعال ايها القارئ لنفتح صفحة من ذلك الدفتر القديم، هل تذكر ذلك الالم؟الم خفيف ومتقطع في صدرك، تلك الدموع التي لطالما ترقرقت في مقلتيك كل ما تذكرته حينها، تلك اللحظات حين شعرت انك خاوٍ على نحوٍ يائس من دونه، ذلك الالم أنت تعرفه جيدًا حين يطلُ عليك من شباك الحنين كل فترة، إنه الم الفراق..هل تذكر كيف كانت اول ليلة بعد الفراق؟كيف كنت تقول انك لو كنت تعلم انه كفيف القلب ما كنت لوحت له يومًا، هل تذكر كيف كنت تشعر انها نهاية العالم و تحسبُ ان العالم سيتوقف بأكمله لخروج هذا الشخص من دائرة حياتك؟ والحقيقة انه مجرد شخص لا يُشكل فارقة من بين سبعة مليار نسمة في هذا الكون، لكنه كان يمثل لك كل هذا العدد بتواجده، أنا ايضًا كنت اشعر ان الارض تتصدع و الجدران تتشقق عند فراقنا، ولكن الحقيقة الغائبة ان كل هذه المشاعر والانهيارات كانت فوضى قبل الادراك..في بعض الاحيان حين يكون الانسان يغوص في عمق العلاقة يكون من الصعب عليه ان يحدد متى يجدر به ان يتوقف، دون ان يدرك يواصل الغوص باحثًا عن حب وتعلق اكثر، غير عالم بأن الاشخاص كالبحار، الغوص في دواخلهم لا تكون دائمًا بالفكرة جيدة، لقد فاتك ان تدرك انك كنت تمسك معه حبل طائرة ورقية لن تطير يومًا، فاتك ان تدرك بأن الكون لا يعبأ بحزنك ولا برحيل هذا الشخص، والمجرات لا تلقي لدموعك بالاً، فاتك ان تدرك هذه الحقائق لا لتحزن، بل لتحيا، ولكن ها أنت ذا! تتشافى ببطء، تنهض وتضرب الفوضى والانهيارات في عرض الحائط، تصبح اكثر وعيًا، اكثر تربصًا، تعلمت كيف تجعل قلبك يتراقص على اليابسة، و ابتعدت تمامًا عن الغوص، ها أنت أمامي اراك قوي لا سلطة تهزمك ولا ارض تهزمك ولا بُعد شخص يهزمك، ولا مشاعر حنين وشوق تسطوا عليك، وجميعنا نعلم جيدًا انه حتى ان عاد بدموع وندم لن تستقبله، لم تعد تبغي له وصلاً وربما تضمر له كفرًا، نسيته حد انك نسيت لون عينيه الهاربتين من العالم، اعلم انك لم تعد تؤمن به، ولا تعبأ بعودته.. كتبت هذه التدوينة القصيرة لأعبر لك عن مدى فخري بك، انك تجاوزته، بهدوء، لم تتجاوزه وتتخطاه كالمجنون وتتناسى وجوده وهو موشوم على قلبك، لأ، عشت مراحل الفراق بالترتيب، اخذت وقتك في البكاء على ذكرياته، ثم غرقت في وحل الاستسلام و التبلد، بدأت تتحرر منه و تنظف بقاياه من روحك، طمست الوشم يومًا بعد يومًا بهدوء حتى لا تتألم، جميعنا فخورين بك، لأنك بتَ أكثر وعيًا وعلمًا بعاطفتك، لأجل ما أنت عليه الان، اراهن حتى انك ترفع رأسك نحو السماء عاليًا تبتسم لأنك مررت بكل هذا، لا مانع من فتح صفحات من دفاتر قديمة، بل اشجع على فتحها، حتى تدرك ما كنت عليه، وكيف اصبحت، وان كنت لم تتجاوزه الى الان او انك انفصلت عنه للتو وصادفت هذه التدوينة، فأقول لك ان الساعات والايام ستحنو عليك عمّا قريب، لا تخاف من الرحيل والوداع. اليكم جميعًا، أٌصلي من اجل ان تغمركم الايام بحب يهون عليكم الليالي المنهكة، لا حب الاشخاص، حب الحياة لكم وحبكم للاشياء والخالق، عِمت مساءً وحياة، احبكم ملء قلبي بصدق، واتمنى ان تصبح ايامكم هانئة يحوفها الدفء و الرضا.



Join