لماذا كل الطرق تؤدي اليك؟
اكتب هذه التدوينة في الساعة الثالثة فجرًا، يوقظني ابي ليطمئن انني غير مصابة بالسخونة، ولا يعلم انني مصابة بك لا اكثر، الكثير من”لماذا”تستيقظ في رأسي مع استيقاظي، حتى انها لا تنام، ويترأسهم سؤال: لماذا كل الطرق تؤدي اليك دون غيرك؟كنت عزائي الوحيد، ملجأي الأشد رسوخًا، ولأن الانسان لا شيء يوجعه اكثر من احبائه، فعلت هذا، الامر أشبه بأن تكون في وسط الزحام معه ممسكًا يده فتشعر ان ايديكم بجانب بعضها البعض مثل ازهار وعشب، تبقى مبتسمًا مطمئنًا، وفجأة يتركها دون ان يبالي انك متروك وسط هذا الزحام، هكذا يتركك دون تبرير مسبق او مقدمات، دون ان يمنحك الصفحة الاخيرة، كل شيء يصبح متوقف حتى ابتسامتك تلك، تبقى عالقة في وجهك، احاول ان اتذكرك فلا ارى سوى صورة رمادية مشوشة غير واضحة، هل هذا تأثير السخونة؟ام انك غبت حد ان وجهك غاب عن ذاكرتي؟ربما في حياة اخرى قد نكون مناسبين لبعضنا، ربما في حياة اخرى تكون قد وجدت نفسك ولا تكون ذلك الشخص العشوائي في قرارته و الضائع في نفسه، ربما في حياة اخرى تكفُ عن النظر الى المرآة قائلاً: من هذا؟ من انت؟..لطالما كنت تردد انك تود ان تغادر، ان تسير، ان لا تعود ابدًا، ان تختفي، ان تمحى ذاكرتك، ان تنسى، كنت في كثير من الايام تهذي بأشياء عديدة لا افهمها، احاول فهمها جاهدةً ولكن لا جدوى، تقول بأنك تعيش حياة رجلٌ اخر، والاخر يعيش حياتك، ما اعرفه انني كنت رئيفة به وبجنونه اكثر من رأفتي على نفسي، ما يزعجني انك لم تكن تؤمن بإمكانية الهرب، وكنا قد اتفقنا انك عندما تؤمن بها، ان نهرب معًا، لكنك هربت من نفسك، ومني، من كلانا، فبقي جزء منك معي نسي ان يغادر مثلك، وها انا محتفظة به في جيب بنطالي، ادعوا ان لايفسد مع مرور الزمن، لانه لزج، وليّن، انه قلبك..كنت تستيقظ من نومك بهلع وخوف، وكثير بنوبة بكاء طويلة المدة، وكنت أعفيك من الشرح، حتى لا تتعب اكثر، فلم يكن امامي سوى ان ابعث في نفسك الاطمئنان واهمس”خير ان شاءالله، خير”فتهدأ مثل طفل صغير في مهده، كنت من المستحيل ان تغضب او تصرخ، تقول لي ان هناك حبالاً مشدودًا حول عنقك لا تقدر على الصراخ والغضب، خطيئتك الكبرى انك كنت تبحث عن نفسك في نفس اخرى، تبحث عن نفسك فيني، ولم تستطع الاستيعاب، انني جزء من نفسك، لا محطة للضائعين، او ملاذ لهم، لو كنت طبيبة لكتبت بشأن حالتك: المريض يعاني من ضياع نفسه، وضياع الحياة..الان تكمل سنوات عديدة-توقفت عن عدها-وانت مغادر، متيقنة انك لم تجد نفسك الى الان، لم تجد ذلك الرجل الذي يعيش حياتك كما تدعي، لأنك رحلت بطريقة خاطئة ولأسباب خاطئة، اعرف انك ستعود، ليس محبة بي، بل لانك لم تجد مكانًا اخر لتهرب له، لكن حينها سأقفل كل الابواب بوجهك، انا التي وعدتك ان لا اقفل اي باب بوجهك، الان اغلقها كلها وبإحكام، في السابق كنت استطيع بحبي ان اخلق منك انسانًا جديدًا تمامًا،كنت مستعدة ان اساعدك ان نتخلص من ظلك الذي يزعجك ويلاحقك كما كنت تقول، ان اتقبل جنونك، ان اتقبل فكرة ان اخر يعيش حياتك، اما الان لا..فقط اشكرك، لانك ساعدتني على رؤية الاشياء التي بتُ قادرة على رؤيتها وحدي، لا تعود لانك تسمم قلبي، وانا لست سوى فوضى جنونك، ولا تمُت..لانك عندها فقط سترغمني على الاكتراث لأمرك.