نتفلكس في زمن الكورونا 2

أحاديث لا تمت للخيال بصلة

لا أخفيك عزيزي القارئ وأنت من كابدت قراءة التدوينة السابقة البائسة على ما أخشى أنها لم تفترض أن توجد من الأساس! فقد أقلعت عن مشاريع الكتابة منذ أن استبد بوقتي مخدر لعين يقتات على كثير من ساعات يومي، نتفلكس! تلك الشبكة الترفيهية التي لا تقل خطورة عن الهيروين وبقية المحظورات التي تذهب بالعقل! تقوم برفع كمية إفراز الدوبامين المسمى بهرمون السعادة واللذاذة لأنها ببساطة تمتعك! وهكذا تتشربك العلاقة و تبدأ أعراض الإدمان التي تغذيها ع العبقرية التسويقية الشريرة التي تنتهجا شبكة نتفلكس لإغرائك بالمزيد. وليس في هذه أية مبالغة! فقد سجلت الهند أول حالة إدمان على نتفلكس حيث قال أطباء فى في أقليم "بنجالور" إن المريض البالغ من العمر 26 عامًا العاطل عن العمل بدأ فى مشاهدة أفلام وعروض تلفزيونية حتى انعزل عن الواقع، ووصل الأمر إلى أنه يشاهد نتفلكس لأكثر من سبع ساعات يوميًا، أدى الإدمان الشديد إلى إرهاق العين واضطرابات النوم، وتدهور صحته العامة.


فالمختصين النفسيين قاموا مؤخراً بإدراج نتفلكس الى فروع (الادمان على الشاشة) التي تشمل الهواتف والاجهزة اللوحية والألعاب الالكترونية وبالطبع التلفاز. فمتابعة نتفلكس توفر راحة مفرطة تحفز الدماغ وقد تصل به الى مرحلة تشبه نشوة المخدر. ربما، عند الكثيرين من المتابعين تشكل نتفلكس عادة ترفيهية لا يلتمس ضررها ويسهل عليه تجاهلها والانقطاع عنها. ولكنها لا تعني بأنها لا تشكل سلوكاً خطراً يزداد سوءً مع الوقت لمتابعين آخرين، فمشاهدة نتفلكس توفر لهم نفس ظروف بقية العقاقير المخدرة التي تشكل مهرباً او تشتيتاً من شيء ما، وذلك يحفز الدماغ على مواصلة هذا السلوك المريح والممتع، وبينما كان يكتفي بمشاهدة ساعتين او ثلاث فإنه مع الايام يضطر ان يصل الى خمس وست ساعات واكثر للوصول الى درجة الرضا. ولعل استدرك هنا أنني لم أنوي أن أخصص كل ما سبق للتوعية! ولكن لأوصل رسالة أن الفكاك من مصيدة نتفلكس ليست بتلك السهولة التي تتمتع بها أنت أو هو! كنت مضطراً والظروف كما علمتم، لأن أقضي اليوم يليه الآخر منعزلاً في المنزل خصوصاً في ظل عائلة صغيرة وبيت أصغر، وجدت نفسي أتنقل بين عشرات الأفلام والمسلسلات والبرامج التي لم تتح لي روتين حياتي السابقة في أن أحظى بفرصة لاكتشافها من قبل! وإذا ما أعيتني المتابعة - لم أعتقد أن متابعة التلفاز قد تسبب إرهاقا غريبا بهذا الشكل ! - اقتطع بعض الوقت لتناول وجبة أو اثنتين قبل أن اكتشف أن المتعة تتضاعف عندما أجمع الوجبات الخفيفة مع المشاهدة، وأحياناً إذا ماكان مزاجي صافياً وبطارية هاتفي فارغة أقوم لقراءة لبضع صفحات كتاب من هنا أو هناك لإراحة الضمير، أو أمارس أشبه ماتكون بأنشطة أسرية باهتة أحاول أن استرجع من خلالها إنسانيتي التي خبئت.


Join