ليالي اكتوبر
تدوينات يومية
١ اكتوبر
أفكر وأنا أهم بكتابة واجبي الأول، وعقلي يهيم باحثًا عن موضوع للكتابة.. أفكر في بحثي عن موضوع يستحق النشر، يستحق الكتابة عنه، ثم أستدرك.. ألم يكن هذا التمرين تدريبًا على التعبير وبناء المعنى لا أكثر؟ لأعبِّر إذن!
الكتابة مصطلح عام وواسع حد التيه، فعندما تكون ممارسة الكتابة "الحرة" واجبًا لا فعلًا تلقائيًا فإني سرعان ما أتوه... أأكتب عن ماذا أفكر؟ ماذا أشعر؟ إذا لم أملك رؤية أنطلق منها أكون أشبه بسائح مبتدئ وسط نيويورك في وقت الذروة.. لا يعرف أين يتجه ويصارع الزحام ليجد طريقًا، أي طريقٍ.. يأخذه حيثما كان..
ها أنا أمارس سياحة التيه في عالم الكتابة، في مدينة لا أفقه فيها شيئًا: الكتابة التعبيرية.
٢ اكتوبر
أحب تأملي للحياة..
كثيرًا ما أفكر كم أحيا التأمل حياتي! كم أضاف حلاوةً لكل الأشياء التي كدت ألا أستسيغها. أحب استغراقي في التفاصيل، التفاصيل التي لا تعني أحدًا وأعرف كذلك أنها لا تهمني بالضرورة، لكنها تلون الأيام الرتيبة.. وأحب شعوري حين أميز الأيام المتشابهة... بالواقع حينًا وبالتأمل أحيانًا، كأن أستمع لشيءٍ ممتع في طريقي القصير إلى الجامعة فيستحيل الطريق رحلةً بذاته.. أو أن أسير ماشيةً لقاعة محاضرتي فأتصور مسيري هذا مسيرتي في الحياة، فأعدِل الخُطى وأتأمل العابرين حولي بهدوءٍ وترقبٍ في آنٍ معًا. وكم أحب أن أترك هاتفي معلقًا في يدي.. هذا اللي طالما علَّق عينيَّ عليه! أتركه هناك وأنا أسير، أفضِّل طبعًا أن أسير دونه على أن أكون أسيرته..
٣ اكتوبر
لطالما تغنيتُ بحب البدايات وشعورها.. مزيجها المتضارب من الخوف والحماس والترقب والارتباك!
كل بداية هي كنفخة روح، كنار اشتعلت في جمر كان خامدًا أبدًا لولا فتيل البدايات.
أتذكر بداياتي في الغربة.. في خيالي، كنت أصور تجربتي القادمة كشعلة وردية؛ متقدة ومزهرة! تغير واقع التجربة بفعل الزمن؛ أصبحت مثمرة وحسب.
في الحياة كذلك، لم توجد الشعلة ولا الزهرة إلا لإيجاد الثمرة وإنضاجها، فلا الشعلة باقيةً على اشتعالها ولا الزهرُ على نداوته..
٤ اكتوبر
أثيرةٌ عندي اللحظات المضحكة التي تربطنا بالعائلة أو الأصدقاء.. تلك المواقف الصغيرة التي كادت تُنسى لولا تكرار تعليقنا عليها واستحضارنا لها بمناسبة أو دون مناسبة؛ فقط لنعبر عن احتلالها جزءًا من ذاكرتنا المشتركة. أحب هذه المواقف لأنها تمثل الأسرار الصغيرة للعلاقات، الروابط الإضافية التي قد لا توجد في كل العلاقات.. ليس لأن المواقف لم تحصل، بل لأنها سقطت سريعًا في غياهب النسيان وعدم الاهتمام.
هذه الأسرار غالبًا ما يكفي الترميز لها لاستحضارها في أذهان المعنيين وسط استفهام البقية، وقد تكون سخيفةً إذا حكيناها لكنها تظل مضحكة بسياقها الأول وتفاعلنا معها.
قد تكون هذه المواقف أقل الروابط أهمية وذكرًا، لكنها من الأعلى قدرًا في صدق الحضور والشعور..
٥ اكتوبر
حين نختار الكتمان فإننا نختار الغرق.
الكتمان بئرٌ عميقة، ماءٌ تبدو داخلها الأشياء أكبر حجمًا مما هي عليه حقيقةً.. خطرٌ أكبر، خوفٌ أعمق، حتى طلبُ النجدة يكون منهِكًا بالنسبة للغريق.
أيختارُ أحدٌ الغرق؟ نحن نغرق لأننا أخطأنا تقدير عمق البئر، أو لأننا سقطنا فيه بِعَثْرةٍ في الطريق.
٦ اكتوبر
في سنواتي الأخيرة من كل مرحلة يعتريني سلامٌ غريب! أظنه أشبه بشعور المحتضر وهو يرى الحياة بعينيِّ الوداع الأخير؛ يلقي سلامه نحو كل الأشياء، زاهدًا فيما عنده وما لم يحصل عليه على حدٍ سواء.
أتساءل، هل يحنُّ المرء حين يحتضر؟ أم هو شعورٌ يخص الوداعات الصغرى كوداعي المرتقَب؟ ولماذا أحِنُّ أنا الآن قبلما يئن الأوان؟ لماذا يسابقني الحنينُ الخطى ويتقافز أمامي قبل حتى أن نصل؟
آه، لن يكفَّ الأطفالُ أبدًا عن تكرار طلب الأشياء واستعجالها، دون أدنى تمييزٍ لتلك التي سيحصلون عليها حتمًا ودون سؤال...!
٧ اكتوبر
نحن لا نصاحب الأشخاص فقط، إننا نملك أصحابًا من كل شيء! يذكرني هذا ب"حكاية لعبة" الذي دفعني للتساؤل عن الدمى -وكل الجمادات-.. ما شكلُ شخصيات ممتلكاتنا لو لم تكن مجرد جمادات؟ هل كانت ستشبه صفاتها التي هي عليها الآن؟
ترى لو كان قميصي المريح المفضل إنسانًا، هل ستكون صحبته مريحةً كذلك؟
وقطعة الشوكولاتة المعهودة، أكنت سألجأ لها عند حزني لتواسيني؟
وذلك القميص الآخر البغيض.. كم أتحاشى ارتداءه! أتكون روحُه كقماشه الخشن وصفاتُه كرداءةِ تفصيلِه؟
أتساءل ما الذي سيقولونه عني! تُرى كيف ترى الأشياء صُحبَتنا؟
"سلامٌ على كل هين لَيِّن لا يشقى بصحبته أحد" ليس من الأشخاص وحسب.. من المأكل والملبس، والأماكن، والأزمنة، والذكريات.
٨ اكتوبر
نحن نحمل داخلنا إجابات أسئلتنا الشخصية.. قد نغفل عنها أو نتغافل، لكنها تظل قابعةً تحت رداء الغفلة الملقى على رف الوعي، هذا الذي طال عليه الزمن دون أن ننفضه ونعيد ترتيبه. تظل هناك لا تبرح مكانها، في انتظار أن يبحث عنها صاحبُها أو يجدها في الوقت المناسب (حين يزيح غفلته) أو هكذا تظن..
رداءُ الغفلةِ هذا (أو ما يمكن أن ندعوه "رداءَ الإخفاء" كشبيهته "قبعة الإخفاء") يخفي كل ما خلفه حتى كأنه لم يكن، لذا قد يكون صعبًا أن نجد ما تخفيه الغفلة.. لكننا حين نعرفها عن قرب، تتحول من رداءٍ سحريّ إلى كذبة خجولةٍ في فم طفل، ألقت بحقيقتها على ملامحه.
ملاحظة سلوك الغفلة قد يكون أجدى كثيرًا من التفتيش عما تخفيه خلفها، في سلوكها تكمن الإجابات.
٩ اكتوبر
أحيانًا يكون جُل ما نرغبُه هو أن نرى أنفسنا كما هي فعلًا، على حقيقتها دون إفراط أو تفريط، لا نغلو فيها ولا نكفر بها.. معرفة لا تضيرنا معها ظنون الآخرين عنا؛ لأن أكثر الناس حيادًا تجاهنا هم غالبًا من لا يعرفوننا أصلًا! نريد معرفةً تقفُ بنا في المنتصف، على محور التوازن بين المادحين والقادحين، معرفة مجردة من الأحكام، محصنة بالقبول، مفعمة بالرضى.
مرهقٌ هذا السعي بين الإفراط والتفريط.. كسعي هاجر سَبعًا.. بيد أن سعينا هذا يكادُ يكون عُمرًا...
١٠ اكتوبر
إلى جانب الآنسات الصغيرات بداخلي -كأولئك اللاتي تحدثت عنهن ألِف شفَق- هناك مدينة صغيرة يسكنها نخبة من معارفي، أقصدهم في حاجاتي التي لا يسعفني الواقع في عرضها عليهم.
كتبت لي مرةً إحدى الصديقات ما معناه: "أطمئنُ كثيرًا لصوتك الذي بداخلي.. حين أكون في موقفٍ محير ولا يمكنني سؤالك، فأتقمص شخصيتك وأتصرف وفقًا لها".. استوقفني وصفُها جدًا! منذ ذلك الحين وأنا أراقبهم يتجولون داخلي وأتحدث إليهم بين الحين والآخر.. قد أستشيرهم فيما يحيرني، وقد ألجأ إليهم لأستدل بهم على صوتي الضائع في زحامهم، وزحامي.
مذهلٌ هذا العقل الإنساني! يحمل ألف صوتٍ وصوت، ويستطيع تمييز من ينتمي إليه منها ممن يستوطنُه..
١٢ اكتوبر
العين التي نبصر بها المحسوسات كالعين التي نبصر بها الملموسات.. أردد دائمًا: لكي نرى بوضوح نحتاج أن نكون على مسافة مناسبة من الأشياء؛ لأن الابتعاد الزائد يفقدنا الرؤية، كما أن الاقتراب الزائد يفقدنا الإدراك لهوية ما نراه. وكعادة القدماء، تقاس المسافات هنا بالزمن اللازم للوصول..
تُرى مسيرة كم من الأيام تكفي لتتضح الرؤية؟
لا أدري، تتجلى الأشياء حسب اختلافها على مسافاتٍ متفاوتة، كاختلاف المسافات اللازمة لقراءة كتب الأطفال ونشرات الأدوية.. يختلف الأمر في المحسوسات فقط في صعوبة تحديد مدى وضوح الرؤية مقارنةً بالصورة الحقيقية.. كمن يولَد ويعيش بضعفٍ في البصر لكنه لا يدركه؛ لأنه لم يعرف أصلًا أن الأشياء في الواقع تبدو أكثر صفاءً وأغنى بالتفاصيل مما يراه فعلًا.
ملحق ١٢ اكتوبر
أقرأ على غلاف مذكرتي "Enjoy the Little Things" وأسترجع كم الأشياء الصغيرة الكبيرة في نفسي..
كنت كثيرًا ما أتسلى بخلق الحكايات داخلي من تفاصيل المواقف في الاجتماعات التي أحضرها ولا أشارك فيها.. ولأن غالب تلك الحكايا من خلق خيالي فإنها لا تكون إلا كما أحب! تقاطع سردها ضحكاتٌ ساخرة من الآنسة العملية على تفاهة هذه الفعالية برمتها.. أوافقها الرأي، لكن لا يهم، المهم أن هذه الحكايا ترفع مزاج اللحظة وتخلق لي ذكريات وارتباطات محببة..
١٥ اكتوبر
هذه أنا، الأم التي لم تنجب بعد.
أصطحب أبنائي حيثما ذهبت.. أدعهم يلعبون حولي لكن بهدوء؛ فمع احترامي لذوقيات الأماكن العامة إلا أنني ضد قمع الأطفال بداعي الذوق. أبنائي مختلفون جدًا كلٌ عن الآخر، اختلافٌ لا يمكنك معه أن تصدق أنهم لذات الأم! ربما جمعتهم صفةٌ واحدة، وحتى هذه الوحيدة لم يأخذوها من أمهم! بالطبع لن يفعلوا، فهم إن فعلوا انتفت عنهم بطوعِهم لي.. كلهم يفرض شخصيته ورغباته دون تنازلات، وكأنه طفلي الوحيد المدلل! حتى أكبرهم، ابنتي البكر "روح"، الحكيمة.. الابنة التي أشعر أحيانًا أنها أمي باحتوائها.. تقترح ما تراه، ثم إذا لم أطعها غضبت وابتعدت.
وابني الصغير، الطفل المدلل الذي يرى دائمًا أنه لم يعد طفلًا، وهو الكبير فعلًا برصانته ورزانته، لكنه المغرور بنفسه.. عقل، الذي أخذ نصيبًا وافرًا من اسمه، يحلل كل شيءٍ ثم يقدم رأيه ويقرر ما يجب علينا فعله، وكعادة آخرِ العُنقود، الويل لمن يعارض قراره أو ينتقد رأيه!
حتى ابني الأوسط.. العطوف المنسيُّ دائمًا.. يخبئ خلف مسالمته شخصية جامحة.. صحيحٌ أنه يستخدم الأساليب الناعمة، لكنني أعرفه جيدًا هذا المحتال اللطيف. قلب بارعٌ جدًا في قلب الطاولة عليَّ، وقلب موازيني! يريدني أن ألمح رغباته وألبيها دون أن ينطق بها.. وإذا لم أفعل فإنه لا يثور، بل يبتزني عاطفيًا بلطف قاتل.. المكار! لطالما نجح..
١٨ اكتوبر
يا لشقاوة الكلمات، ويا لشقائي معها!
تلتفُّ حولي كالأطفال، يشاكسونني محاولين استفزازي لأمسك بهم، وما إن ألتفتُ إلا ويهرعوا هاربين. لا يكتفِ الواحد منهم بالهرب، بل يساعد المحتالُ الأقلَ حيلة لينجوا جميعًا من قبضتي! هذه تسليتُهم.. لا يلهون فيما بينهم ويتركونني وشأني، ولا يتبادلون معي أدوار الهرب والمطاردة..
تعلمتُ لغةً أخرى.. كسبَتْ كلماتُها ثقتي وصرتُ أستدعيهم متى ما بدأت الكلمات من لغتي الأولى لعبتَها المستفزة، ثم عقدنا اتفاقًا أن يلعبوا دور الطُعم للكلمات الهاربة.. لكنها الكلمات... تظافروا جميعًا، ولم أجنِ إلا ازديادًا في أعداد الهاربين!
٢٠ اكتوبر
أحب الحوارات التي تؤتي أُكُلها بعد مدة من انقضائها.. وكأنما ألقى أحدهم بذرةً في نفسك لم تلحظ لها أثرًا، ثم تكبُرُ فيك شيئًا فشيئًا... حتى تفيء عليك بظلالها وتدنو منك ثمارُها، فتدرك وجودها فيك بما تركته من أثر.. تمامًا كنبتة ياسمين نمَت عند منزلك بشكلٍ طبيعي دون استرعائك، ولم تنتبه لوجودها إلا بعدما أزهرت وشممتَ عطرَها. هذا النوع من الحوار، الحوار النباتي بطيء الأثر، يتجذر فيك كما يمد النبات جذورَه في الأرض، ثم يعيش ما شاء الله له أن يعيش، لا يشبه نباتات تجارب العلوم في الصف الأول الابتدائي تلك التي تورِق في يومين ثم ما تلبث أن تموت قبل أن يكتمل نضوجها..
٢٢ اكتوبر
كثيرًا ما تكسبُ الراحة ولائي على حساب الفخامة، بل كثيرًا ما أجدُ الراحة تعريفًا وتمثيلًا لمفهوم الفخامة الحقيقي. الفخامةُ عندي هي تحقيق الراحة والرفاهية دون الحاجة لجذب الانتباه بوسائل أخرى، لا بالاستعراض الشكلي ولا بالقيمة المادية.. لا شيء غير تحقيق الراحة الفعلية.
في السيارات على سبيل المثال، غالبًا ما أُفضِّل الأنواع ذات المقاعد القماشية الوثيرة على المقاعد الجلدية الضعيفة أمام لفحات الشمس وموجات الشتاء، رغم ما للجلد من قيمة مادية ومعنوية في أغلب الثقافات.
ينطبقُ مبدئي هذا على كثيرٍ من مجالات الاختيار، بدءًا باختيار قطع الأثاث وانتهاءً باختيار الأصدقاء!
٢٣ اكتوبر
نزعتُها، كما ينزِع المرءُ ثيابه..
لا.. بل كما تُنزَع الروحُ من الجسد.. لم يسبق لي أن أرى كيف تخرج الروح، ولم أجربها قطعًا! لكن يبدو لي أن لو كانت الروح شيئًا يتمزق لخرجت بعض الأرواح أشلاءً أشلاء وهي تُنزَع.. وهكذا، كما ينزع ملَكُ الموتِ الروح، نزعتُ المثالية...
لكن هذه الأخيرة ليست كالروحِ الواحدة.. هذه تتمزقُ حقًا.. تُخلِّف أشلاءها وكلما نزعتَ شيئًا منها تمزق أكثر، فأكثر.. فأكثر... حتى تُخرجَ كل آثارها الممزَّعة ، ثم ما إن تطمئنَّ نفسُك حتى تذعر بأثرٍ صغير لم تنتبه لوجوده! تنتفضُ لإخراجه ثم تتوقف، تُفكِّر.. لم يكن الذعر لأجل الأثر فحسب، بل ربما كان نتيجةً لوجوده لا أكثر؛ إذ أن الذعر الذي يثيرُه أثرٌ لا يكاد يُرى من صِغَرِ حجمه هو على الأرجح رغبةٌ ملحَّةٌ في إزالة الآثارِ بشكلٍ كامل... هي هكذا إذن: نزعُ المثالية بشكلٍ مثالي!
٢٥ اكتوبر
قد يشبه الواحد منا راكب أمواجٍ مبتدئ، تتلاطمُه الأمواج الهائجة الخطرة، ويظلُ منتشيًا بسذاجة.. يتأرجح مع اللوح ومع الغرق الوشيك..
أحيانًا، تُلاطِمنا المشاعر بينما نظن أن العقلانية هي من يدير سلوكنا.. وفي المقابل، يكون التصرف بعاطفية أحيانًا هو التعقل وعين العقل.. فعندما يتحيَّنُ لنا إظهارُ عواطفِنا، فنجْمَدُ خوفًا أو خجلًا، فإننا نكون حينها أبعدُ ما نكون عن العقل؛ نكون حينئذ مستسلمين للغرق وسط أمواج هذه المشاعر الهائجة، وأسوأ ما قد يفعله الغريق هو ألا يفعل شيئًا..
تدوينة هامشية..
٣١ اكتوبر
يصادف يوم ميلادي بالتقويم الهجري لهذه السنة آخر أيام اكتوبر. الواحد والثلاثون من اكتوبر هو أيضًا يوم "الهالوين"، والذي عُرف بيوم الرعب: مشاهدة أفلام الرعب، طقوس قراءة قصص الرعب، مقالب الرعب.. وهذه السنة تحديدًا: يوم ميلادي ال٢٦!
ألم يدرك الهالوين حجمَ الرعب الذي يصاحب طيف عمري كلما زارني ذلك الطيف؟ ليته كفاني بقرينِ العمر الذي يلازمه كشبحٍ شيطاني لكائن لطيف، يطلُ من خلفه كلما أطل العمرُ، فلا أعودُ أعرف هل أُحبُّ الضيفَ بقرينِه أم أُبغضهما معًا!
وكما يمارسُ غالبُ الأمريكيين هنا طقوس الهالوين من باب المتعة لا الاعتقاد.. ها أنا اليوم أمارسُ لعبة الهالوين المرعبة لا لشيءٍ سوى المتعة.. فأُسائل نفسي.. كيف وصلتِ إلى هنا؟ كيف انتهى بكِ الطريق إلى سنواتكِ العشرينية الأخيرة بهذه السرعة؟! وكيف لم تسعفكِ السنين لإنهاء ما كنتِ تسابقين إليه؟
ماذا وجدتِ بانتظاركِ في عَقْد أحلامك؟ وما الذي ينتظركِ في قادم الأعوامِ والعقود؟
أتمنى لكِ عامًا سعيدًا، عامرًا بالإيمان، غامرًا بالأمان، مليئًا بما تحبين، وحياةً حافلة بالحياة! ~ Happy Halloween Birthday