أم كلثوم - نظرة استكشافية
فاطمة البلتاجي (1898 - 1975)، المعروفة فنيًّا بـ أم كلثوم. ولدت لأسرة فلاحة وأب مؤذن ومنشد في المناسبات وحفلات الزواج. حفظت القرآن، وبدأت الغناء مع والدها في مرحلة مبكرة. حتى انتقالها للقاهرة 1922 وانطلاقتها الحقيقية. وعلى مدى 49 عام، هي سنوات نشاطها، قدمت فيها أكثر من 280 عمل من 49 شاعر و13ملحن. تربعت فيها على عرش الموسيقى العربية.
ساهمت السيدة من خلالها في تشكيل الذائقة الفنية، ووضع الأسس الغنائية في العالم العربي.
استطاعت الست وضع بصمتها في الثقافة المصرية على وجه الخصوص. ولعل أبرز ما أحدثته هو غناء القصائد الشعبية والفصحى، بدل الموشحات، والطقاطيق والأغاني الدينية - والتي جرت عليها العادة آن ذاك.
هذه التدوينة ليست عن أم كلثوم، من ناحية فنية على الأقل، غيري تناولها بطريقة أفضل وأكثر تفصيلًا.
لكن سأحاول إلقاء نظرة عامة على مسيرتها وأهم اللحظات من ناحية احصائية، حسب البيانات التي جمعتها من صفحتها على ويكيبيديا.
مقدمة
1924- الصب تفضحه عيونه:
لم يكن هذا العمل الأول لأم كلثوم، لكنه يشكل نقطة محورية في تاريخها الفني. أولها، لأنه أول عمل يجمعها بـ الشاعر أحمد رامي، وثانيها أنه كان افتتاحية لمسيرة المغنية الشابة. وجدت فيه أم كلثوم شاعرها، وعثر رامي على صوته!
قد تكون رباعيات الخيام - لعمر الخيام، خير مثال على عبقريته. لم تكن المرة التي تترجم (قرأت في مكان أنه سبقه لها 30 شاعر) ، لكن ترجمته من الفارسية، وانتقاءه للمفردات، إضافة إلى شاعريته، ساهمت في نجاح الترجمة.
تلا ذلك أكثر من 135 أغنية، شكّلا فيها ثلاثيات رائعة مع محمد القصبجي ، ورياض السنباطي.
1926 - محمد القصبجي:
لم تحتج الشابة فترة طويلة لتحشد الشباب حولها، وكان من جملة من انضم لها هو محمد القصبجي. كان للتو بدأ يخطو خطواته في التلحين، ومع أم كلثوم، كان هو الأول فيما عرف لاحقًا بين جمهورها "عقود أم كلثوم". حيث عرف عنها تجديد الملحن كل عقد.
كانت التعاون الأول بينهم في "قال ايه حلف ما يكلمنيش"، تبعه أعمال مثل: يا بهجة العيد السعيد، مدام تحب بتنكر ليه، ورق الحبيب.
استمر القصبجي يلحن لأم كلثوم حتى عام 1948، حتى مع ظهور ملحنين شباب أمثال زكريا أحمد ورياض. فيما ظل عازف العود الأساسي في فرقة السيدة حتى وفاته عام 1966. بينما احتفظت الست بكرسيه فارغًا خلفها.
غلبت على ألحانه الخفة والسهولة، وساهم في إدخال آلة الكمان للموسيقى العربية.
1935- على بلد المحبوب وديني:
حتى لو أردت، لا يمكن أن أكتب عن رياض السنباطي وأم كلثوم بحيادية. ولأنه في المسودات تدوينة عن السنباطي، أختصر بأن "على بلد المحبوب" هي بداية التعاون بين رياض والست. لحقها أكثر من 90 عمل ، على مدى 40 سنة من حياة الست. قدّما فيه روائع الغناء العربي: نهج البردة، رباعيات الخيام، سلوا كؤوس الطلا، جددت حبك ليه، دليلي احتار، قصة الأمس، ثورة الشك، من أجل عينيك. والتاج الذي يتربع على أعمال السيدة: العملاقة "الأطلال".
أم كلثوم:
1924 - 1973
بدأت أم كلثوم الغناء فنيًّا من عام 1924 ، وحتى توقفها لظروف صحية 1973، ووفاتها 1975. خلال 49 عام، قدمت فيها أكثر من 280 أغنية، تعاونت فيها مع 49 شاعر وَ 13 ملحن.
عرفت الفترة الأولى بالغزارة في الإنتاج، تبعتها فترة من التروي. على افتراض صحة البيانات، قد يعود السبب اما لنضج أم كلثوم، تغير في لونها الفني، أو ظروف سياسية محيطة. خصوصًا أن منتصف القرن العشرين كانت فترة حافلة بالأحداث العالمية وعلى المستوى المحلي.
استأثر أحمد رامي على الحصة الأكبر من صوت أم كلثوم، بـ 140 أغنية، وتقريبا نصف ما غنت السيدة.
أقربهم لأحمد هو الشاعر بيرم، أو محمود بيرم، بـ 31 أغنية.
أما من ناحية الألحان، فـ السنباطي والقصبجي وزكريا أحمد استحوذوا على أكثر من 75% من أعمال أم كلثوم. بينما البقية توزعت على 11 ملحن. الملفت للانتباه، أنه للسيدة تجربتين للتلحين. 1928، على عيني الهجر. والثانية 1936، يا ريتني كنت النسيم.
أبرز الثلاثيات في مسيرة أم كلثوم كان أحمد رامي طرفًا فيها، مع القصبجي (66 أغنية)، والسنباطي (34 أغنية)، وزكريا أحمد (18 أغنية). وبيرم وزكريا أحمد (20 أغنية).
الملحنين وتنوع الشعراء:
أحد نقاط تميز أم كلثوم هو اقتناصها للملحنين، في وقت كانت مهمة الملحن لا تقتصر على كتابة النوتة الموسيقية أو تلقين اللحن للفرقة، بل تتعداها إلى أداء المغني، نوع الكلمات والمفردات. معظم الملحنين الذين استمرت معهم أم كلثوم، تميزوا بلمسة شخصية أو إضافة على أعمالهم. للدرجة التي تميز أعمالهم من أول 5 وقفات.
رياض ؟ يحب أن يبدأ أعماله بالعود والآلات الوترية.
بليغ؟ يميل للجمل السريعة.
عبدالوهاب؟ يميل إلى النوتات الغربية، الجيتار، والناي.
لو قسمنا مسيرة أم كلثوم إلى عقود، بداية من إنطلاقتها عام 1924، سنظهر بالشكل التالي:
العقد الأول: برز فيه القصبجي، بـ 44% من أصل 87 أغنية.
العقد الثاني: تركز تعاونها مع زكريا أحمد، 35 عمل من أصل 83. مع بداية ظهور رياض السنباطي.
العقود التالية (من الثالث إلى الخامس): لحن السنباطي 74 أغنية من أصل 114. مع ملاحظتين جديرة بالذكر:
انخفض انتاجها خلال هذه العقود إلى النصف (بين 33-45 أغنية كل عقد، مقارنة ببداياتها).
العقد الرابع شهد بداية تعاونها مع بليغ ومع محمد عبدالوهاب. ولكل منهما لمسته المميزة.
أحد الملاحظات الأخرى، والتي يجب تؤخذ بسياقها، هي:
من أصل 14 ملحن و284 عمل. 7 ملحنين تجاوز تعاونهم مع الست 10 أعمال.
رياض الذي قدم أكثر من 90 عمل لأم كلثوم، لحن لـ 22 شاعر تقريبا بنسبة تنوع 24%. على رأسهم أحمد رامي، أحمد شوقي، بيرم، د. ابراهيم ناجي، والأمير عبدالله الفيصل. قد ، وتحتها ألف خط، يعكس هذا إمكانات رياض، وقدرته على التعامل مع نصوص مختلفة.
أقرب شخص لرياض من هذه الناحية هو زكريا أحمد بـ 12 شاعر، بأعمال مثل: هو صحيح الهوى غلاب، حبيبي يسعد أوقاته. ويغلب عليه تعاونه مع محمود بيرم.
بينما لو قسنا هذا على ملحنين أمثال محمد عبدالوهاب، فهو قدم 10 أعمال لأم كلثوم، 3 منها من كلمات أحمد شفيق (ابتدأها بـ أنت عمري). البقية شعراء مختلفين. وبكل أمانة، كل أعماله العشر تعتبر من كلاسيكيات الموسيقى العربية. أمل حياتي، دارت الأيام، هذه ليلتي، فكروني، أغدًا ألقاك؟