هناك أحلام لم تعُد على مقاس قلوبنا، وأهداف تنوء بحملها أكتافنا، وآمال مكتوبٌ عليها أن تبقى أمنيات. هناك أقدارٌ ليست لنا، وأيام ليس بوسعنا عيشها، وهناك راحة في ثوب يأس. وفي اللحظة التي نُفلت فيها أيدينا مما تيقّنا أنه ليس بمقدَّرٍ لنا؛ يشفينا الأمل مجددًا؛ لنقوى على مسيرٍ جديد، ومحاولة أخرى، في اتجاه ما نشبهه ويريدنا. 

  "واليأس إحدى الراحتيْن"  

لا بأس من اليأس أحيانًا؛ ففكرة الإلحاح في طرق باب موصد قد تستنزف من الجهد ما لا يقوى على فتحه، وتُطفئ من الشغف ما لا يوقده مرور الأيام. واختيار كلّ منا لمعاركه المستحقة ليس بضعف، كما أن تجديد المآرب ودقة انتقاء المحابّ مرة بعد أخرى ليس بتأرجح؛ وإنما هو سبيل إنسانيّ أصيل للوصول الرضيّ آخر المطاف. ومَن لم يجرّب ذلك ولو لمرة؟

ومِن قَيد الآمال أن تنفض لنا أيدينا مما عداها، فإذا لم نتمكّن منها أوهمتنا أننا على غيرها أعجز، غير أن ذلك محض وهم، فمن كان قادرًا على البدء أول مرة، كان على إكمال السير أقدر.

أعلم أن هناك لذّة استثنائية حين حصولنا على ما سعينا لأجله.. شعورٌ ما يشبه نشوة شطب آخر مهمة في قائمة عمل يومٍ طويل وشاق. لكنّ من جرب أن يعلَق دون أملٍ بالخلاص، سيدرك رحمةَ ما أعنيه. وليست هذه بدعوة لليأس الذي يُفضي إلى التراخي، وإنما محاولة للقبول بتغيير المسار متى ما تيقّن كلّ منا أنه ليس في مكانه أو زمنه .