الوزير القصيبي:
الأمريكي سمين يبحث عن التطوير!
توصيف الشعوب جزء أساسي في مواضيع أدب الرحلات، ونادراً ما تجد مسافراً حتى لو كان سفراً قصيراً عابراً لا يتحدث عن أهل البلد سواء بالايجاب أم بالسلب. وقد نحكم على جمال البلدان بسلوكيات شعوبها مع الغرباء. وقد نمارس تعميماً مجحفاً لشعب ما بموقف فردي واجهناه خلال فترة إقامتنا.
في كتابه العودة سائحاً إلى كالفورنيا، تحدث الوزير الراحل غازي القصيبي عن هوس الامريكي نحو تحسين الذات، قائلا: (لا تكاد تجد أي أمريكي قانعا بوضعه، راضياً بحاله، سعيداً بواقعه. الامريكي طيلة الوقت، يبحث عن هوايات جديدة أو يدرس مذهباً جديداً، أو ينظم إلى ناد جديد، أو يتبع ريجيماً جديداً أو يبحث عن مورد دخل جديد). هذه النزعة نحو تطوير الذات وإن كان في ظاهرها ايجابي، تستغلها مراكز الدورات والإعلانات التجارية كما يرى الوزير بأفضل استغلال وأنجحه. فهي تلعب على حالة عدم الرضا والثقة التي تسيطر على الأمريكي خاصة حين يتعلق الموضوع بالرضا الجسدي. فتضخ التلفزيونات للمشاهد الكثير من الدعايات، وتحوي على المتناقضات حين تسوق لهم مثلاً مختلف أنواع المنتجات المفتحة للشهية متبوعة باعلانات حبوب إنزال الوزن وأخر صرعات الرجيم!!. واعتبر القصيبي أن ذلك ظاهرة استفردت بها امريكا _في فترة ما قبل الألفية الجديدة طبعاً_، اذ أنها انتقلت بعد ذلك مع العولمة واجتاحتنا نحن أيضا العدوى الأمريكية، والاعلانات التجارية وكتب التنمية والدورات الاندومية السريعة التحضير والدبلومات الركيكة التي تشبع هوس الراغبين في تحسين ذواتهم !!.
أما التغير الملحوظ الذي طرأ على الشعب الامريكي خلال عشرين عاماً بحسب ما رأه الدكتور القصيبي، فهو زلزال السمنة الذي اجتاح ديزني لاند والمجتمع الأمريكي بشكل عام. وحاول أن يجد لها عدة تفسيرات كأن تكون لأسباب اقتصادية مع زيادة الدخل، واجتماعية مع دخول العديد من المأكولات الأجنبية عن طريق المهاجرين، والتفسير النفسي بسبب الاعلانات الموجهة، وأخر سياسي جاءت بعد اخفاقات حرب فيتنام وما تلاه من انتشار لثورة الجنس وثورة المخدرات وثورة الأكل!.
سمعت كثيراً عن سمنة المجتمع الأمريكي التي تشكل حوالي ٤٠٪ من البالغين، انهم قرابة نصف المجتمع يا رجل !. يموت منهم سنويا قرابة الربع مليون، وتأكد لي ذلك حين زرتها فشعرت بالوحدة والاغتراب بينهم وانا مجرد ٦٠ كيلو غرام يمشي بين أوزان من الحجم الثقيل، وازدادت غربتي عندما زرت عالم البحر الترفيهية في اورلاندو لدرجة أني خشيت أن يأكلوا حوت الاوريكا القاتل بعد انتهاء العرض الترفيهي !!.
تذكرت كلام معلمتي الاسترالية وهي تصف ضخامة الأشياء التي رأتها في لوس انجلوس بدأ من الناس إلى السيارات والناطحات، إنك أمام ظاهرة تضخم الأشياء حيث الثقافة الاستهلاكية الأمريكية التي تسوق للبرجر اكس اكس لارج جامبو وعلب الفرايز الكبيرة في مطاعم الوجبات السريعة، وثقافة ملء كؤوس المشروبات الغازية بلاحدود Free Refill، التي تم حظرها في اوروبا ضمن برامجها الجادة لمكافحة السمنة في محاولة منهم لوقف أمركة الأجساد الأوروبية الرشيقة.
أخيراً، توقف الوزير عن الحديث عن الطعام حتى لا يقول له أحد الخبثاء ما يقوله المثل الانجليزي : أنظر من الذي يتكلم !!.
٢٠٢٠/٠٧/٢٢
الامريكي طيلة الوقت، يبحث عن هوايات جديدة أو يدرس مذهباً جديداً، أو ينظم إلى ناد جديد، أو يتبع ريجيماً جديداً أو يبحث عن مورد دخل جديد
غازي القصيبي