جواز ومقال 7

معالم باريس المحظوظة !!

إن كنت تؤمن بأن الحظ شيء يخص عالم الانسان فقط فهو ليس كذلك. الحظ يمكن أن تراه معجونا في كل شيء حتى الجمادات لدرجة أنه من الصعب أحيانا أن تجد تفسيرا منطقيا لحدث ما سوى التسليم بالحظ والصدفة !.

فعلى سبيل المثال : عندما تزور متحف اللوفر في باريس ستجد آلاف التماثيل البيضاء التي نحتت بفن وعناية واتقان على مدار عصور تاريخية مزمنة، بعضها يعود الى شخصيات مهمة، لكن من النادر ان يتوقف عندها الزائر لأكثر من ثواني معدودة بسبب كثرتها وتشابه أفكارها، باستثناء تمثال فينوس دي ميلو الذي يظهر بوجه امرأة دون ذراعين حيث الوحيد الذي يتزاحم عنده الزوار. فعلى الرغم ان التمثال اكتشف نسبيا حديثا عن طريق الصدفة في القرن التاسع عشر، وقام الملك الفرنسي لويس الثامن عشر بضمه الى اللوفر، الا أن شهرته فاقت أغلب التماثيل المعروضة دون سبب حقيقي واضح ومفهوم سوى أنه الحظ الذي مال إليه دون بقية التماثيل!.

ليس التمثال هذا هو الوحيد الذي قاده الحظ ليصبح الأكثر شهرة، فهناك أيضا الموناليزا أشهر لوحة فنية عالمية موجودة في المتحف على الاطلاق، وربما لو سألت العشرة مليون زائر سنويا: لماذا تزور متحف اللوفر سيقول لك باعجاب من أجل رؤية الموناليزا. فهذه اللوحة كانت مغمورة قبل سرقتها ومن ثم استعادتها من جديد لتصبح أغلى وأشهر لوحة فنية. نفسه الفنان دافنشي ربما سيجهل السبب الحقيقي وراء شهرة هذه اللوحة بالتحديد، فعندما وصلت القاعة رقم ٦ التي توجد بها اللوحة، لم أستطع رؤيتها من كثرة ما ازدحم عليها الناس، وكأنهم يتزاحمون على ضريح ديني او معلم مقدس لكن هذه المرة عل الطريقة العلمانية !!.

المعلم الشهير برج ايفل هو الأخر أنقذه الحظ من الزوال مرتين على الاقل، فحتى الباريسيون لم يرتضوا في البداية أن يظل هذا البرج الحديدي منصوبا في مدينتهم، وكان العقد بين المهندس ايفل وبلدية باريس يقضي أن تتم ازالته بعد عشرين سنة، قبل أن تتغير المعطيات ويألف وجوده الجميع معترضين على ازالته. لكن من اصعب اللحظات التي صادفت هذا البرج، حينما حل عليه ضيف ثقيل في عام ١٩٤٠، واي ضيق لقد كان هتلر بشحمه ولحمه عندما احتل باريس ونزل فيها متبخترا بانتصاره على دولة كانت تحت يديها عشرات المستعمرات حول العالم. وكان الاقتراح المقدم لهتلر يقضي بان يتم صهر الفولاذ لبرج ايفل للاستفادة منه في الصناعات الألمانية المتصاعدة، وهذا الذي لم يحدث لحسن الحظ !!.

صدفة الحظ نفسها اختارت جسر الفنون على عشرات الجسور المعلقة على نهر السين، ليكون أشهر جسور الحب الذي تُربط عليه أقفال المحبين قبل أن تقرر بلدية باريس ازالتها. الحظ هو نفسه الذي اختار باريس لتكون قبلة للعطور والاناقة والاتكيت بعدما كانت في يوم من الأيام من أكثر المدن قذارة تاركا بذلك وراءه عشرات المدن التي كانت في قمة توهجها وجمالها !.



28/06/2019

ليس التمثال هذا هو الوحيد الذي قاده الحظ ليصبح الأكثر شهرة، فهناك أيضا الموناليزا أشهر لوحة فنية عالمية

Join