لندن وليال عشر !


جواز ومقال 10

ظلت لندن مرتبطة في الذهنية الخليجية بالاثرياء، الذين اعتادوا أن يقضوا عطلاتهم الصيفية وحتى الاسبوعية في هذه المدينة الفارهة. ولا أعرف لماذا لندن تحديدا!! لكن اعتقد أن الموضوع تاريخي يعود الى حقبة الاستعمار البريطاني والعلاقات التي كان الاستعمار ينسجها مع الطبقة البرجوازية والوجهاء في المنطقة. هذه الطبقة سرعان ما تعلقت بلندن واصبحت تبعث بأبنائها للدراسة هناك ومن ثم اصبحت مقصدا للعلاج بفضل ما تمتلكها من مستشفيات وتطور علمي متقدم، وأخيرا صارت مقصدا للاستثمار والتملك العقاري والاستجمام بالنسبة لهم.

وعندما سألني أحدهم لماذا تذهب إلى لندن!! قلت لازاحم البرجوازيين !! ولأقول للناس أن لندن مدينة يقصدها الصعاليك أيضا!!. فهناك قضيت أطول مدة سياحية في مدينة على الاطلاق.. عشرة ليال بالتمام والكمال، وكأني اتعمد بالفعل أن أزعج بوجودي الأثرياء الذين تجدهم يتسكعون في شارع اوكسفورد التجاري، او بيكاديلي او في حديقة الهايد بارك بغنج وعنجهية وهم يجوبون شوارعها بسياراتهم الفارهة التي تجذب بانبهار أنظار الناس بمختلف جنسياتهم !!.

لكن لندن الغلاء فيها لايشبه أي غلاء، الا أنه أكثر ما يميز السياحة اللندنية والبريطانية بشكل عام وجود العديد من الأماكن والمتاحف والحدائق الغنية والرائعة وبالمجان. فلو أردت أن تتعرف على التاريخ الحضاري للعالم أجمع مثلا فهناك المتحف البريطاني الذي سيمكنك من رؤية أهم وأثمن القطع الاثرية العالمية التي استحوذ عليها ايام الاستعمار. ولو كنت مغرما بالجولوجيا ونظرية التطور ستجد ثالث أكبر متاحف التاريخ الطبيعي، وفي متحف العلوم يستعرض أهم محطات الثورة الصناعية البريطانية ودخول عصر الآلة وأجمل السيارات الكلاسيكية. أما الفنون فهناك المتحف الوطني أو متحف فكتوريا والبرت، وان كنت لا تميل الى الفنون الناعمة وتعشق الفنون الخشنة ستجد متحف الحرب الذي تنتصب فيه الصواريخ والدبابات الحربية!!.

ثم هناك نهر التايمز الذي يخترق لندن ويضفي رونقا للمدينة خاصة مع وجود ساعة بيغ بن الشهيرة على ضفته، هذه الساعة التي يود ان يراها اي سائح يأتي الى لندن، لكنه يصدم بأنها مغطاة بأعمدة الصيانة التي تخضع إليها من كل جانب منذ عام ٢٠١٧ وجعلها تبدو بشكل قبيح يستسمر حتى عام ٢٠٢١.

صنعت لندن لنفسها ايقونات سياحية فريدة أحبها الناس، من لا يعرف تاكسي لندن الاسود بمظهره الفريد والانيق، أو حافلات روت ماستر ذو الطابقين، أو كبائن الهاتف الحمراء أو حتى لافتات المترو التي صارت مقصدا للتصوير، لندن مدينة كل شيء، مدينة التنوع الثقافي والاعراق والمهاجرين والهاربين من البؤس والصراعات، مدينة يعرفها الخليجيون بأسواقها الفارهة أو مقاهيها العربية في شارع ادجوير، ويعرفها آخرون من السواح بمدينة الفنون حيث تحتضن حوالي ٢٤٠ مسرحا، تقام عليها أفضل العروض. لكن لندن في شهر يونيو مدينة الشمس الحارقة فلا ضباب رأيت كما اعتقدت ولا شاور تحت سمائها أخذت !!.



10/12/2019



Join