هل سأصبح مليونيرة بسبب هذه المدوّنة؟

رغم أنه ليس سؤالًا حقيقيًّا ولا حاجة جدّية للإجابة عليه، لكنني سأقول” لا طبعًا”، وبطبيعة الحال لأني لا أبحث عن الملايين، من السهل استثناء هذا الهدف، إلا أن المهمة الصعبة هي تحديد الأهداف التي أكتب من أجلها.

لقد كانت الكتابة دائمًا جزءًا مني، من هويتي.. في سنيّ المبكرة عرفني من حولي بدفاتر صغيرة في حقائبي، بنصوص متفرقة قد يكونوا قرؤوها، عرفني من حولي بـ: حنان تجيد الكتابة.

أردت في طفولتي أن أكون كاتبة، ثم حين وصلت للصف السادس الإبتدائي عزمت أن أتخذ من الكتابة مهنة وأصبح صحفية.

ثم توقفت في مراهقتي لفترة طويلة بعد حادثة غير سعيدة، واستمر هذا التوقف لفترة طويلة، إلا أنني بقيت على عزمي، ودخلت قسم الإعلام، وتخصصت في الصحافة.

فترة دراستي الجامعية عشت الكثير من القلق لمختلف الأسباب، أحدها هو ألا أكون كاتبة جيدة كما ينبغي لي حسب الأقدار التي رسمتها لنفسي أثناء الطفولة، أن أكتب فأكتشف أني لا أجيد ذلك وينهار جزء مهم من الهوية التي احتفظت بها عن نفسي، وكوني قد انقطعت عن الكتابة لمدة طويلة لم يساهم في تخفيف قلقي أبدًا.

ثم بدأت متلازمة الدجال تسيطر عليّ كأي فرد من أفراد هذا الجيل المثقل بالأهداف العظمى وقائمة المنجزات التي يجب تحقيقها قبل الثلاثين، فلم أسعَ لنشر أي أعمالي الصحفية أثناء فترة الدراسة مثل بقية الزملاء والزميلات (كان ذلك بسبب عدم ثقتي، وموقفي من الصحف.. للأمانة).

لذا قررت أن أنشر على الانترنت، إلا أن الفاصلة بين الوصول لهذا القرار وتطبيقه لم تكن وجيزة، فالكثير من التشكيك في الذات، والتوجس من نظرة الغرباء والأقرباء، ومحاصرة السؤال الأكبر: ماذا سأنشر؟


كمتلقية، أحب قراءة تجارب الآخرين -خصوصً النساء-، أحب أن أقرأ تعبير الناس عن حياتهم، محاولاتهم المستمرة لتحسين جودتها ، مقاومتهم، أفكارهم، آراؤهم حول الكتب التي يقرؤوها، خواطرهم حول المسلسلات التي شاهدوها مؤخرًا، وجهات نظرهم ...إلخ، لكن ككاتبة محتوى، مالذي أودّ تقديمه؟

لا أذكر مالذي كان يدور ببالي حين أنشأت المدونة، لكنني أعرف أن ذلك احتاج مني تجاوز الكثير من القلق حول ما سيقوله عني الآخرون، كم سيضحك فلان من فرط ثقتي، وكم ستهزأ فلانة من سخف ما أكتب، أتذكر أنني أنشأت المدونة ذات ليلة بعد أن قررت أن أتجاهل كل مخاوفي الصغيرة، كتبت، ثمّ نقحت، ثم نشرت دون الكثير من التفكير.

النشر لوحده كان يكفيني.

بعد بضعة أيام من طفرة ألأدرينالين، بدأ سؤال: ماذا بعد؟ عماذا سأكتب الآن؟ وما زال هذا السؤال ملحًّا.


شاركت المدونة هيفاء القحطاني مقطع من يوتيوب بعنوان: (كيف جعلني التدوين مليونيرًا)، فألقيت به في قائمة الإشارات المرجعية في تويتر، حتى وجدت متسعًا من الوقت المزاج هذه الليلة وفتحته، وكان بالتحديد ما أحتاج إليه.

يتحدث (علي) عن كل الأفكار التي منعته من إنشاء مدونة لبضع سنوات، وكيف تخطّاها بكتاب (أظهر عملك)، بدءًا من: كيف سينظر إلي الآخرون؟، ووصولًا إلى: ماذا لو عثرت الشركة التي أريد العمل فيها على مدونتي؟ ومرورًا بـ: مالذي يمكن أن أقدمه في عالم قد قيل فيه كل شيء، ولست خبيرًا فيه بأي شيء؟

والواقع أن المدوّن هنا لا ينكر كل ذلك، لا يخبرك بأنك أفضل مما تظن ولا بأنك بالتأكيد قد وجدت سرًّا لم يعرف عنه أحدٌ بعد والعالم بانتظار أن تفصح عنه، إنما باختصار، يخبرك بأن كون العالم زاخر بالكثير من المعلومات، لا يعني بالضرورة أن مشاركتك غير مهمة، وأن كتابتك عن الأمور التي ما زلت تتعلّم مبادئها وتكتسب خبراتها سيفيد أولئك الذين يمرون بنفس المرحلة.

ورغم أن المقطع لا يعطي كل الإجابات التي أحتاجها، ولم يساعدني بعد على تحديد بوصلة النشر، وما إن كنت أريد مشاركة اليومي العادي، أو أن أجعل المدوّنة مخصصة للقضايا التي أهتمّ بالقراءة فيها والبحث حولها، إلا أنه ساعدني على أن أتخذ القرار من جديد بتجاوز القلق حول ما يظنه الناس، وأن أتخذ من المدونة مساحة للمشاركة والتعلّم، فأنشر متى ما شعرت بالرغبة، حتى تتشكّل هوية متكاملة لهذه المساحة أرضاها.

إلى لقاء .. :) 


Join