يوم الحب: الليلة التي أَكْملت نصاب الرحيل
قصة قصيرة
لم أكن على دراية كافية باليوم الذي قرر العالم أن يسميه يوم الحب، لكنني على علم كافٍ بمعرفة الحب دون أن أقيده بيوم، آنذاك طغت أحاسيسي وتذكرت نـعيم آنوثتي في حِماه، قبل ليلتين مـــــــــــــــن 14 نوفمبر، حينما اتخذت قراري فــي إلقاء السلام عليه عبر محادثة في الهاتف، ومـثل كل بداية حديث أخوضها مــــــــعه، لا أعلم لماذا قررت الإرسال له، وماذا ســــأقول، أرمي بالتحية ثم أشرد مثل غزال مر أمام أســــــــد نائم، أتخبئ تحت اللحاف خشية مـــن تعليق يزيد محكوميتي في قوقعة الحزن، حين تتراعد فرائصي من كلمة تحطم حـــــــــــــطام قلبي أكثر.
سعدت برده الانيق الذي كان كفيلاً بإن يتجاوز مفعوله مفعول الكافيين، تــــــــــسارع جريان دمي وكاد يتفجر مضخ الدوبامين، الأمر الذي جمعَ مزاجي المتناثر، وأحــسست أخيراً بعد أن حاوطتني رائحة الموت، بإني إنسانة على قيد الحياة. حديثه الأنيــــــــــــــــــق يعكس وجهه وصفاته وخطواته وأسمه ورائحته، الأنيقة، لا يـــــــــمكنني تصور سحره الأخاذ حين يلقيه من خلال كلماته الفاتنة التي يغلفها بالجديّة، وسرعــــــــان ما انزعها ليجد عقلي أرضاً خصبة للتفكير بإنه لا يزال على عهده الذي قطعه لي قــــــــــبل ثلاث سنوات من الآن.
طلبت منه الخروج وانا ذائبة على الأرض، في البدء تمددت على سريري حتى أســــــمح للخوف أن يمضي من رأسي حتى أخمص قدماي، أما الآن، بدوت مــــــــــــــــــثل راقص صــوفي أنهكه الدوران، في منتصف الغرفة شعرت بإن عقلي يخبرني بــــــــــــــــحدوث أمــــــــر خاطئ، رغم ذلك تجاوزته فور قراءتي لموافقته، في أن نخرج فـــــــــــــي ليلة العشاق.
خشية من مرور الـ 12 شهراً وهو عازم على الرحيل، ارتديت فستاناً أحمـــر، وأعــــددت حديثاً مصفصف لردعه عن عزمه قبل أن يكمل عامه الاول فـــــــــي ليلة نوفـــــــــــمبر الحمراء، لا أنسى ذاك اليوم منذ أن استيقظت وهناك ابتسامة عــريضة مرتسمة على وجهي، كأن أحدهم أمد فاهي بيده قبل أن أصحو، أمضيت يـــــــــــــــــــــومي والبهجة تسايرني، حتى أظلمت السماء وباتت إنارة الطرقات مثل خدٍّ أُلقيت عـــــــــــــليه تعاويذ الرومانسية.
بدوت قطعة من الخشب خُلقت من مقعدي الذي اتخذته للجــــــــــــلوس حتى تجاوزت عقارب الساعة موعدنا،وقت طويل أجبرني على الإرسال، حتى خَلا المكان وانــــــــهالت القبلات وتساقطت الأوشحة الحمراء عند باب المقهى، وباتت الشوارع مـــــــوحشة إلا مــــــن أضواء الغرف، أجبرني عامل المقهى أن أجر قدماي الخائبة للعودة، حـــــــــــــتى تمضي في الدائرة ذاتها، مثل هامستر يدور في عجلته دون كلل.
أخذت أجر جسد أنثى كان في حياته السابقة لمحارب مات رمياً بالرصاص، كــلانا كان لا يقبل الهزيمة، في الوقت الذي انتظرنا فيه طائرة الإنقاذ، حلّقت ارواحنا للـــــــــسماء بعد أن مات الجندي من فجعة الخذلان قبل أن ينفذ الجنود حــــــكم الإعدام.