اثنان وعشرون

“توارى مثل الاحلامِ”

شريط فيلم سريع لا تستطيع إيقافه، ربما تشعر بالمتعة في أحد المشاهد -حينما تكون هي حاضرك- وسرعان ما تغادر ذلك المشهد الذي خالج قلبك بسببه طمأنينة لا أبعاد لها.


تظن أن العمر مقتصر على تلك الأشياء التي أحببتها، حيث أن ثمنها لا يقدر، ومكانتها لا تستبدل، تظن الكثير من الأفكار البلهاء، الذكية حينها بنظرك، تفتعل الحماقات وتتصور بإنك تفعل الصحيح، ربما يضللك عقلك، لأنك ببساطة قمت أنت بتضليله بكثير من القناعات التي اخترعتها لتوافق رغباتك، حتى يعطيك الإذن بالإنطلاق.

مر عقدانِ بين رشدٍ ورشدٍ .. فمتى الغي؟ يعقب الغي رشدُ

الشاعر: زاهد القرشي

أتعجب، سابقاً، حين سماعي تأوه كبار السن من سرعة العمر ويعقب ذلك، تغضنات وتنهيدة أخترقت كل تلك العقود، لتخرج حارّه مُثقله بحزن.. لم أعد أتعجب، فهمت الآن كل ذلك.


تعلمت في المره الثانية والعشرين.. أن لا أندم في شيخوختي، قراري الخاطئ -وإن أستمر سنوات- عليّ إيقافه فوراً حين أكتشف ذلك!، لأعطي ندمي فرصة أن ينال من قلبي، اسابيع أو حتى شهور، المهم أن لا يكدر صفو عيشي.


في المرة الثانية والعشرين، آمنت أن الألم هو من يصنع الأبطال، و “الصدمة” و “الفقد” و “الوجع” و”الخيبه” أشياء تجعل من قلبك أكثر صلابة وتحمل، ستستطيع بعدها تمييز مذاق الأشياء. الثقة لا تُعطى لأي إنسان، والصداقة معيارها المواقف لا السنين، والعائلة رمز والعطاء له فرض.


في المرة الثانية والعشرين، بدأت إختيار أصدقائي بعناية، بالمقابل خسرت فرصة إنشاء علاقات جيدة-سابقاً- وتوطيد بعضها، لتعاقبني حسرة يعقوب الواقعه في قلبي.

الكثير من الأخطاء، تحملك مسؤولية القرار الصحيح مستقبلاً، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.


يا ربيع الحياة أين ربيعي؟

أين أحلامُ يقظتي وهجوعي

الشاعر : محمد السنوسي

كل ما أبتعدت خطوة، عن طور الطفولة، كل ما زدت تعلقاً بها.. وكل ما خشيت أن تبهت تلك اللحظات التي أعيد تشغيلها في مخيلتي بين الفينة والإخرى. جارتنا التي مدت لي بقطعة حلوى حينما رأتني ألهو أمام المنزل. بيدها أشرت، هرعت نحوها لتضيف للحلوى، أبتسامه، بعد سنين.. أستوعبت الخبر .. تلك المرأة غادرت إلى بارئها.

الحديقة الخلفية وصديقي صاحب الشعر المجعد الذي رافقني آنذاك، غادرنا مبكراً المنزل لأحتفظ بصورته تحت وسادة في عقلي.

ثنائية الإزعاج والاضطرابات والمشاكل مع أخي الأصغر. الطفوله عالم مبهج.

في داخلي طفل ما يعقل ولا يكبر

لا الحين يلعب مع ان الهم يلعبّي

ما غيرته السنين ولا الزمن الاغبر

كنه مع الهم والاحزان .. متربّي!

الشاعر : محسن الحمري

في المره الثانية والعشرين تعلمت الإتزان بين الترفيه، والتعليم، في الأولى لا مانع أن تعطي نفسك مساحة لِتمد بها قدماك من ثقل الحياة، وفي الثانية استثمر الوقت من أجل تطوير ذاتك وتعليمها.


لا شيء يساوي لذة السعي نحو النجاح، في سبيل صقل أدواتك ومهاراتك، لم أكتفي من ذلك بعد، سأسعى طوال حياتي للنجاح.


العمر ليس مقياساً للتجارب والخبرات، ماتمر به من لحظات في هذه الحياة هو مقياس ذلك.




في المره الثانية والعشرين ظننت أن قاربي حان وقت وصوله للميناء، أبت الأمواج الهائجه ذلك، ويأبى قاربي الأنصياع لها.

تتقلب الفصول وتتبدل الوجوه وتتغير العقول وأسافر رغم الأرهاق الذي انهكني أتجاه المتغيرات حاملاً هويتي رغم أنفها، اسعى ما بين صفا ومروة أوجاعي لأحقق حلم، وارضي أب وأم، وأكسب رضا أخ وأخت.

في المره الثانية والعشرين قررت حمل كبريت الكتابه، يقول نزار “نار الكتابة أحرقت أعمارنا فحياتنا الكبريت والأحطابُ

ما الشعر؟ ما وجع الكتابةِ ؟ ما الرؤى؟

أولى ضحايانا هم الكـُـتــَّابُ”

قررت.. البقاء صحفياً حتى اللحد، والركض مثل الفهد حتى السهد، قبل أن يمضي بي العمر.

أخيراً، إلى من هم بعمري ودوني.. إياك قضاء مراهقتك وفتوتك في أشغال فارغه، والتورط في مشاكل العاطفه، ومزاملة العقول الناقصه، غذّ عقلك بما ترتضيه لغذاء معدتك، وأسقيه من ما تشتهيه من أنهار المعرفه، لا ترتضي له الخمود والكسل، ولا تسلم نفسك للعجز والفتن، ما فاتك قليل، وأمامك الكثير.

Join