لوحة رينيه ماغريب
ابن الإنسان
شخصٌ يلبس لباساً رسمياً؛ معطفاً طويلاً وقبعةً سوداء، واقفٌ أمام البحر مسبلٌ يديه يفصل بينه وبين البحر سور حجري صغير والسماء فوقه ملبّدة بالغيوم، وتغطي التفاحة الخضراء الكاملة بغصنها جزءاً من وجه الرجل، فلا يظهر من وجهه سوى جزءٌ من عينه اليسرى.
هذا هو العمل الفنّي الذي عنوَنه رينيه ماغريت بـ «ابن الإنسان» (Son Of Man)
مدخل
ولد الفنان البلجيكي رينيه ماغريت في عام 1898م ودرس الرسم في مدينة بروكسل؛ ومن هناك؛ بدأ يكتشف مواهبه، وينمّي معها أدواته الجمالية التي تساهم في إضفاء ذاتيته الخاصة منذ سنيّه الأولى، والتي رسمت سماته البارزة في فنه تلك الحياة الاجتماعية الغريبة التي كان يعيشها، والتقى بشغفه الفني الحقيقي وأسلوبه الخاص في الفن السريالي حوالي عام 1924م
لا يصنف الفنان البلجيكي رينيه ماغريت فناناً كباقي الفنانين، هو فيلسوفٌ في فنّه، وبقي تأثير فلسفته التي عرضها في فنّه مسيطراً على المشهد الثقافي ما بعد الحداثي رغم مرور أكثر من ٤٠ عاماً على وفاته.
وتأثّر الفنان ماغريت كثيراً بحادثة انتحار والدته التي ألقت بنفسها في النهر ولم تظهر جثتها إلا بعد بضعة أيام، وهذه الحادثة لامسته كثيرا ولامست فنّه بشكل واضح في تأثيرها التي تظهر وجوهًا نسائية ورجالية حاجبًا ملامحها بطرق مختلفة، والتي تُعرض في متحف بروكسل، حتى صار ذلك الشيء أيقونته الخاصة، وبقيت إلى اليوم لغزه الأخّاذ للمتأمل في لوحاته.
في السنوات الأخيرة، اكتسبت لوحاته اهتمامًا متزايدًا من قِبل النّاس والنقّاد، وأصبح بعضها رموزًا وعناصر تداخلت مع الثقافة العامة والإعلام؛ فنجدها في الموسيقى مثلاً، بما نراه من تأثر مغنين البوب في أغلفة ألبوماتهم الغنائية
تلقفت السينما تأثيرها من لوحات رينيه، فظهرت لوحة «ابن الإنسان» في الكثير من الأعمال السينمائية مثل فلم قضية توماس كراون ( (1999) The Thomas Crown Affair ) في العديد من مشاهد الفلم، ناهيك عن ما نراه من تأثر المخرج السينمائي روي اندرسون بأعمال ماغريت في صناعة مشاهده وفي فلم ( (Stranger Than Fiction (2006 ) للمخرج : مارك فورستن
حتى في الجانب العربي، لوحظ التأثير في عدّة أعمال متأخرة، على سبيل المثال التناص الواضح في برومو مسلسل طريق المعروض على تلفزيون mbc، يظهر فيه التناص الواضح في عناصر لوحة ابن الإنسان، من السماء الزرقاء الملبدة بالغيوم والبحر واللباس وكذلك صخور السور.
وحيث أصبحت لوحة (ابن الإنسان) بالذات محل اهتمام الفنانين والنقّاد، فأعيد انتاجها بعدة صياغات تستبدل تارة التفاحة بأجهزة الهواتف الذكية، وتارة بالرجل إلى شخص خليجي أو شخصية كرتونية، فكلها تشير إلى اهتمام واسع طال جميع الساحات الفنّية.