ماذا يعني السَّرد؟!

“اقترنت دلالة السرد في اللغة العربية بالنّسج، وجودة السبك، وحسن الصوغ، والبراعة في إيراد الأخبار وفي تركيبها. وتردّدت هذه المعاني مجتمعة، أو متفرقة في المعاجم اللغوية، وفي مصادر الأدب العربي.

وقد كرّس القرآن الكريم هذا المعنى في قوله تعالى :


أي أحكم يا داود نسج الدروع، وأجِد في تثقيبها، وكن متقنًا صناعتها، فاجعلها تامة الجودة، وحسب التأويل القرآني، فقد كانت الدروع صفائح ثقيلة من الحديد تعيق الحركة، ولذلك أمر الله النبي داود بأن يسردها، أي أن يصنعها حِلقًا متداخلة بعضها في بعض، فتيسّر حركة المقاتل بها عند الحرب.

ومن المعنى اللغوي جرى اشتقاق الدلالة الاصطلاحية للسرد الذي يحيل على الإجادة في حبك الكلام، ومراعاة الدقّة في بنائه، فالسرد تقدمة شيء إلى شيء في الحديث بحيث يؤتى به متتابعًا لا خلل فيه، أي إن نظم الكلام على نحو بارع تلازم عناصره، فلا تنافر يخرب اتساقها، والسارد هو من يجيد صنعة الحديث، ويكون ماهرًا في نسجه.”

للاستزادة: موسوعة السرد العربي - د. عبدالله إبراهيم

السرد في الدراسات الأدبية هو العمل الذي يتم من خلاله تقديم قصَّة أو حكاية بشكل منظم ومرتب، سواء كانت خيالية أو واقعية.
ويُعتبر السرد جزءًا أساسيًا من الأدب والأعمال الأدبية، حيث يمثل طريقة لنقل الأحداث والشخصيات والمشاعر والأفكار بطريقة تثير اهتمام القارئ أو المستمع.

السرد يشمل تنظيم الأحداث في تسلسل منطقي وإنشاء تسلسل زمني يجذب القارئ إلى القصة. ويشمل أيضًا تطوير الشخصيات وإظهار تفاصيل الخلفيات والمكان والزمان وقد يشمل عناصر مثل التوتر والتصاعد والتنويع في سرد الراوي لإبقاء القارئ متشوقًا لمعرفة ما سيحدث بعد.

ويظهر السرد على عدّة مستويات وأشكال، يمكننا إيجازها في ثلاث:
السرد المنطوق - السرد المكتوب - السرد المتخيّل المصوّر


السَّرد المنطوق

السرد المنطوق هو شكل من أشكال السرد يقدّم عن طريق الكلام أو اللفظ، دون استخدام النصوص المكتوبة.

يتميز السرد المنطوق بأنه:

  1. وسيلة شفاهية: إذ يرتكز السرد على النطق بالكلام والألفاظ والنقل عن من سمع.

  2. التفاعل المباشر مع الجمهور: وهي تتمثل في عملية نقل القصة أو الحكاية والتي تتطلب تفاعلًا حيًا بين الشخص الراوي والأفراد المتلقّين.
    هذا التفاعل يتضمن
    الاستماع في كون الجمهور مركزًا ومنتبها للأحداث التي تروى عليه وهنا يتفاضل الراوي بعناصر تشويقه وطرق جذبه للانتباه، والتفاعل اللفظي من الأسئلة والتعليقات والاستفسارات بين المستمعين والراوي.

  3. ومسرح القول: والذي يتمثل في طريقة سرد الحكاية من تغيير في نبرة الصوت والتلحين والسرعة والبطء والإشارات والإيماءات والتعبيرات الوجهية أثناء الحديث مما يضفي عمقًا في تفاصيل الحكاية.


السَّرد المكتوب

يقدم هذا النوع من السرد من خلال النصوص المكتوبة، وهي عديدة الأشكال مثل: الروايات والقصص والمقامات والرسائل والشعر، بدلاً من الكلام المباشر.



يعتمد السرد المكتوب على التنظيم الهيكلي البنائي واختيار الكلمات بعناية ودقّة، لإيصال المعنى بالشكل الصحيح.
ويتميز هذا النوع من السَّرد بأنه:



  1. يعمّق التفاصيل: إذ يرتكز السرد فيه إلى إضفاء التفاصيل الوصفية أكثر وتثبيتها بتعمّق أكثر.

  2. يوثّق الأحداث بدقّة: يميل السرد المكتوب في ثبات كلماته وصعوبة التلاعب فيه وتزويره إلى أن يكون النص مسوَّرًا محصنًّا من الإضافة والنقص أكثر من السرد المنطوق والذي يتدخل فيه الراوي تصرفاته على الأحداث.

  3. مرجعًا تاريخيًّا: يستند إليه في الدراسات من تحليل السياق التاريخي وتحليل المضمون، ودراسة الشخصيات والبحث المقارن والتحقيق ويرجع إليه في معرفة الأحداث بدقّة.


السَّرد المتخيَّل المصوَّر

هذا النوع من السرد يعتمد على الصور والرسوم التوضيحية لنقل الأحداث والقصة.


ويعتمد على استخدام الصور والرسوم التوضيحية لتوضيح الشخصيات والمشاهد وتطور الأحداث، على عكس السرد المكتوب الذي يستند إلى الكلمات لنقل المعلومات.

وأكثر أشكالها انتشارًا ما نراه في الكتب المصوّرة والروايات الهزلية والكوميكس والمانغا والقصص المصورة،

وتمتاز بكونها:

  1. وسيلة بصريّة: حيث لا تعتمد على السماع ولا قراءة النصوص اللغوية.

  2. الثَّبات والتأمل: مما يجعل المتلقّي على دراية بالأحداث عليه أن يفكك الصور المركبة في السرد المتخيّل المصوّر، ويتأمل في المعاني التي تخفيها وما تحويها من أحداث جرت قبلها وستجري بعدها ويتناغم مع إيقاع تقديم الأحداث فيها

  3. القوة التعبيرية: لما تمتاز به عن نظيرها المكتوب والمنطوق في كونها لغة عالمية، وما تستطيع من التأثير المباشر في نقل المشاعر والأفكار، وتبسيط الحكاية وتلخيصها، وقوتها في تفعيل الخيال وإضفاء المعاني الخاصة عليها.

  4. الزخم التأويلي: حيث يسمح للمتلقّي بأن تتوارد في ذهنه تأويلاته الخاصة، حول تعقيدات الحكاية من تفسيرات وتحليلات لرموزها.


علاقة السرد بالصورة

اللوحتان، أحدهما حجر طيني مكتوب فيه باللغة المسمارية، والأخرى ختم اسطواني، وهما يحكيان ذات الحكاية وهي حكاية إيتانا الراعي وصعوده إلى السماء عبر النسر المجنّح والتماسه بالهلال في السماء وتنصيبه ملكًا..
بمجرد النظر إلي اللوحين، أيهما استشرفت القصة واقتربت منها أسرع؟

بالتأكيد ستكون الإجابة الختم الاسطواني، لانها تعبّر عن القصّة بوجود العناصر التي ذكرتها لك، رعي الأغنام في جهة، والنسر المجنّح الذي يحمل شخصًا إلى السماء مقتربًا من الهلال في السماء.
لماذا؟ أولًا لابتعادنا الزماني عن الخط المسماري، وعدم فهمنا، نرى اللوح فيه ما يشير إلى الكتابة، ولا ندري ما المكتوب فعليًّا، إلا أن الختم الاسطواني يوضح لنا معالم يمكن فهمها بسهولة ورموز سهلة الفهم، حتى لو ضاع الكثير من التفاصيل في الحكاية، إلّا أننا اقتربنا إلى وجود حكاية بمجرد النظر إلى اللوحة، دون أدنى معرفة بالأحداث.

هذا ما يجعل للصورة علاقة وطيدة بالسرد، ومنه نستخلص أنّه علينا أن ندرس الفنون البصرية والصور بكونها مادة سردية، نتطلع فيها إلى تقنيات السرد وآلياته والحكايات التي تنسجها والعناصر التي برزت بهذا الفن البصري.


على الرغم من أن مصطلح "فن السرد" ظهر لأول مرة في منتصف الستينيات من القرن الماضي، فإن السرد المرئي كان دائمًا وظيفة مركزية للفن.

يشكل الكثير من الإبداعات الفنية في العالم سردًا، حيث ينقل قصصًا مرتبطة بالدين والأسطورة والأساطير والتاريخ والأدب أو الأحداث المعاصرة.

كما ازدهر الدافع السردي أيضًا في الثقافات ذات التقاليد الفنية غير الواقعية. قرب نهاية القرن التاسع عشر، قدم الفنانون والنقاد في أوروبا والولايات المتحدة نهجًا للفن أكدوا فيه على الصفات الشكلية للعمل أكثر من محتواه السردي.

غالبًا ما يغفل هذا النظرة التاريخية للفن أو يقلل من قيمة وسائط السرد التقليدية، وكذلك انتشار أشكال السرد الجديدة، مثل الصحافة الجماهيرية والسينما والإعلانات، التي وجدت طريقها إلى العديد من جوانب الحياة اليومية.

دور السرد في الممارسة الفنية قد تطور وتوسع عبر الزمن ولايزال في التطور والتوسع


عناصر السَّرد المتخيَّل المصوَّر

الإطار والترتيب الزمني

محاسبة الميت أمام أوزوريس ، الإله توت يسجل بالقلم نتيجة الميزان، والوحش الخرافي «عمعموت» يقف مستعدا لالتهام الميت وقلبه إذا كان كاذبا مجرما في حياته. يقف الأربعة أبناء لحورس أمام أوزوريس على زهرة اللوتس

يعد عنصر الإطار والترتيب الزمني من العناصر المهمة في السرد المصوّر، حيث يساهمان في تنظيم القصّة وتوجيه تدفق الأحداث بطريقة تجذب القرّاء وتبث إليهم تجربة سردية متكاملة.

يتضمن هذا العنصر بناء هيكل توجيهي للقصة، سواءً من خلال تقديم إطار زمني للأحداث أو من خلال ترتيب الأحداث بشكل منطقي، وممكن أن يظهر الإطار تحديدًا للزمن أو المكان الذي تجري فيه الحكاية، أو ترتيب الأحداث إما بتسلسل منطقي من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل، أو العودة للوراء (Flash Back) أو القفزة إلى المستقبل (flash forward)، أو حتى اقتناص اللحظة الآنية، وقد يقوم أيضًا بعملية وظيفية أخرى كتقسيم فصلي للحكاية، وغيرها من الوظائف.

رسم توضيحي -كما تصوره البعض- عن فكرة أصل التطوّر من منظور داروين وتطوّره من القرد إلى الإنسان المستقيم

وقد يعين الإطار والترتيب الزماني أيضًا في تصوّر الأفكار وفق فصولها الزمنية البعيدة. فتعد أداة توضيحية وتفسيرية ووصفية للأفكار.

لوحة “تفكيك إصرار الذاكرة” The Disintegration of the Persistence of Memory
من الفن السريالي للفنان الأسباني الشهير سلفادور دالي

أو قد تشكّل لنا تجربة زمانية خارج السياق الزماني المعتاد، كالزمن الحُلمي والهلوسة، والتي أيضًا استفيد منها كثيرًا في اللوحات السريالية، بحيث يخرج الإطار عن كونه عالم مصغّر إلى رحاب أوسع، والزمان إلى التداخل والعشوائية.

الإطار والزوايا

يستخدم هذا العنصر في توجيه وتشكيل الرسالة من الصورة في توزيع الحكايا على أطر وزوايا من جهة المنظور، فيستخدم فيه الزخارف في الفنون ذات الطابع التاريخي، وزوايا الرؤية في ما يراد منه نقل الأحداث والمشاهد إن كانت من زوايا جانبية أو علوية أو سفلية، فيعزز القصة بتصوّر العالم المنظور، بالإضافة إلى المربعات التوضيحية والشرحية التي تضيف تفصيلًا آخر ومرجعًا مفتاحيًّا لقراءة الصورة.

لوحة آخر حكم (Last Judgement) من الفن الفلمنقي بريشة هيرونيموس بوس

تتميز اللوحة بإطار فني مُركب ومُفصّل، حيث يمثّل الإطار الأيسر جانب الجنّة والإطار الأيمن جانب الجحيم. هذا الإطار الفني يخلق تباينًا بين الجزئين، وقد قسّم الإطار اللوحتين وكأنهم لوحة واحدة شُطرت، مما يعزز المعنى المراد من كون الجنة والنار كيان واحد، إضافة إلى اللوحة الكاملة في النصف والتي تعطي (بين البين) أو ما يعرف باسم (الأعراف)، والذي يكون فيه المشهد كامًلا، وتظهر اللوحة العوالم من زاوية علوية، حيث يمكن للمشاهد أن يرى المشهد الكامل من فوق ويشرف عليه. مما يسمح بتصوير التفاصيل المتعددة للجنة والجحيم والأعراف، ويخلق طابعًا سرديًا مركبًا يزيد من عمق الوصف. كذلك القسم العلوي الذي يُرى فيه السماء بحالتها في الجحيم وحالتها في الجنّة والتي أيضا تعزز المعنى وتضيف شعورًا أعمق معها. إضافة الإلى الإطار الدائري في وسط اللوحة والتي يظهر فيها (المسيح) قاضيًا وحاكما على مملكة السماء (الجنة والنار والأعراف) كعنصر إضافي وتوضيحي يزيد التفصاصيل في السرد 


تُظهر المنمنمات عنصر الإطار والزوايا بشكل ملحوظ في فنّها التصويري للأحداث،

وتعتبر أسهل وأوضح نموذج لاستخدام العنصر في توضيح وتفسير الأحداث أو القصص بشكل بصري وتربط بين العناصر المختلفة للسرد، فهي تستخدم الإطار كفصل بين أجزاء الحكاية فصل مكاني وتزامن بين مشاهد الحكاية في أماكن متعددة.


التعبيرات الوجهية

تعد التعبيرات الوجهية واحدة من أهم العناصر التي تُعزز عنصر السرد المتخيل المصور، حيث تلعب دورًا بارزًا في تحويل الأفكار والمشاعر إلى لغة بصرية تستهلكها العيون وترتبط بها بشكل عميق مع التجربة الإنسانية. فهي تُعبّر عن مجموعة متنوعة من المشاعر والحالات النفسية مثل الفرح، الحزن، الغضب، الدهشة، والخوف. هذه التعبيرات تعزز من إمكانية تفسير المشهد المصور وتعمق تجربة المشاهد مع القصة، وتُساهم في تحقيق التعاطف مع الشخصيات وفهم دوافعهم، عبر توضيح المشهد، وتقديم الدلالات العاطفية، وإيصال المعاني الخفيّة.

لاحظ كيف أن هذه اللوحات تثير انتباهك نحو المشهد محمّلاً بمشاعر وعاطفة تستوعب من خلالها خلجات النفوس والتأثير الواقع على الشخصيات وتحكي الكثير من التفاصيل.

الإيماءات والحركات

كذلك لا يمكننا أن نغفل عن تصوير الإيماءات والحركات في الفن، وما تثيره من معاني تعمّق السرد المصوّر، وتقرّب الأفكار.

لوحة مدرسة أثينا للفنان الإيطالي رافائيل

وأكثر الامثلة شهرةً هي في لوحة مدرسة أثينا للفنان الإيطالي رافائيل حيث يظهر فيه مجموعة من الفلاسفة، كل واحد منهم بهيئة وكيفية تظهر فيها فكرته الرئيسة التي عُرف فيها في الدرس الفلسفي.

من خلال إيماءة أفلاطون إلى الأعلى يشير فيها إلى عالم المُثل وعالم العقل وهو يحمل أحد محاوراته (طيماوس)، بينما أرسطو يشير إلى الأرض، حيث عالم التجربة والملاحظة وبكفه كتاب (أخلاق نيقوماخوس).
كذلك
ديوجين بجلوسه على الدرج في شكل لا ينتمي فيه إلى من حوله يشير إلى الحياة الكلبية في فلسفته الخاصة المعروفة باسم الفلسفة الكلبية 

الخلفيات والألوان

يعزز هذا العنصر بيئة العمل وجو السرد المصوّر ويعمّق التجربة في المنظور الخاص بالحكاية، مما يساهم في خلق البيئة والسياق التي تجري فيه الأحداث المصوّرة مثل: ظروف المدينة أو الغابة أو البيئة أو الطقس، وينقل فيها مزاج الجو المحيط بالحكاية سواءً كان جوًّا مشحونًا بالكآبة والحزن أو الحماس أو المغامرة والإثارة وغيرها، وكذلك يساهم في تسليط النظر إلى الشخصية الرئيسية، وتعضّد التعبير الشعوري والمعاني المختزلة عن طريق استخدام الألوان وطريقة ضرب الفرش وغيرها من الأدوات.

لوحة صقور الليل Nighthawks من الفنان الأمريكي إدوارد هوبر

من خلال استخدام الخلفيات والألوان بشكل فني ومؤثر، أظهر إدوارد هوبر في لوحته "نايت هوك" تأثير سردي مميز يدفع المشاهد إلى التأمل في قصة المكان والشخصيات الذين يظهرون فيه.

اللوحة تصور مقهى متواضع في مدينة نيويورك خلال الليل، وتفسّر الخلفية الظلام والألوان المظلمة في اللوحة الإحساس بالوحدة والعزلة، والجانب الخلفي للوحة يظهر نوافذ مغلقة بشكل واضح وهو مؤشر على العالم الخارجي والوقت الذي تتحدث عنها حيث تضيف إلى الجو بعض الغموض والحزن، بينما تتوهج الألوان الداخلية في اللوحة بالإضاءة الهادئة، مما يجعلها تبرز بشكل واضح وتعزز المشهد السردي، فاللون الأصفر الذي يسيطر على اللوحة يرمز إلى الدفء والراحة في المكان الصغير والمحدود داخل المطعم، كل هذا أدّى إلى تأثير دراماتيكي ومشوق، وساهم في تجسيد القصة المخفية والحكاية الداخلية للمكان والشخصيات.

لوحات للفنان الهولندي الشهير فان جوغ

ولا يمكن تجاوز لوحات الشهير فان جوغ، إذ امتاز بهذا العنصر بالتحديد في غالبية لوحاته، وهي تشير بشكل واضح إلى الاختلاجات النفسية والطابع النفسي وقت الحدث، ويصبغ العالم بالحالة الشعورية المراد إيصالها من خلال الألوان وطبيعة الرسم وضرب الفرشاة وطريقة التلوين.

لوحة للفنان الإيراني حسين روح الأمين في مشهد قتل الإمام الحسين عليه السلام ظهر يوم العاشر

مثل لوحة الفنان حسين روح الأمين والتي تصوّر لحظة من لحظات عاشوراء في وقت الظهر، وهو يستخدم ألوان داكنة يعبّر فيها عن المشاعر اتجاه هذه الجريمة، والتي يصوّرها انقضاض الظلام على النور، وهو يجسّد محلّ جسد الحسين عليه السلام بالنور وهم يحيطون به لإطفائه، تعتبر أكثر اللوحات تأثيرًا في وصف المتخيّل السردي في الصورة

الكلمات والحوارات

ممكن أن يُستعان بالكلمات والحوارات في إيصال الفكرة، وتتابع السرد، ويكثر هذا العنصر في القصص المصورة (الكومكس) وقصص الأطفال، وهي من العناصر الشائعة جدًا إذ تجمع بين السرد المصوّر والسرد المكتوب.

الرموز والإشارات

يستعاض بالرموز في اللوحات للدلالات المعمّقة لبعض الأفكار والتصوّرات والأحداث، وهي من أكثر الأبواب اتساعًا في ما تفيضه من زخم تأويلي على اللوحة، سواءً كانت هذه اللوحة للتعبير عن حدث ديني أو أسطوري أو حتى فكرة فلسفية، واستخدمت المدرسة السريالية الرموز كأساس تعتمد عليه في لوحاتها.

وقد تقدّم الرموز أيضًا إرشادات فهم الحدث، خاصة في المنمنمات، حيث تظهر الرايات مثلًا أو غياب الوجه والنور وغيرها، توضيحًا للحدث وشخصياته.

الحركة وإيقاع الوقت

منمنمة تعود إلى القرن الثاني الميلادي في فرنسا وهي تشير إلى سيرك لوغدونم

أكثر العناصر في السرد المتخيّل المصوّر قصورًا في الدراسة والتحليل، إذ تشير لنا نماذج كثيرة من المنمنمات بل حتى رسوم الكهوف، على فهم الإنسان للبعد الرابع وحركته في الصورة، وانعكاس الحركة وإيقاع سرعة الزمان في الحدث، هذه المنمنة مثال صارخ على وعي الفن بهذا البُعد ووظيفته في السرد المتخيّل

لاحظ رسم الخيول وهي تقفز على الحواجز، بتتابع يشير إلى الحركة، إضافة إلى تركيب الساحة بالبعد الثالث والمناطق المنتصفة بين الساحات (العمق) الذي يضفي مشهدًا ثلاثي الأبعاد،

نستطيع أن نقول أن هذه المنمنمة مقطعٌ فلمي في تجربة آي-ماكس 3D تجري فيه الخيول وتقفز.

بانوراما عاشوراء

ومن الأمثلة الصارخة بالصراحة على هذا الإيقاع الزمني والحركة، هذه اللوحة التي تصف مشهدًا بانوراميًا ليوم العاشر من محرم، تحكي الحكاية كلها وأنت تشاهد حركة متسارعة مفاجئة بكل تفاصيل الحدث، وجريانه والوحشية التي فيه.