سطوةٌ ذكوريّة بـ يدٍ أنثويّة ..

يعد الوعظ الديني والوعظ النفسي وأعني به (الابتزاز النفسي )من أبرز وسائل تحجيم الإنسان، وتعد المرأة المتلقي الأكبر لهذا النوع من الوعظ والمتضرر الأول في الوقت ذاته.

يسعى الإنسان بطبيعته للارتقاء بحياته وتحسين جودتها من خلال العمل والمعرفة ويمتد ذلك إلى الجانب الشخصي والاجتماعي، وتواجه المرأة في مجتماعاتنا صراعات كثيرة لأجل تحقيق ما تطمح إليه، حيث تعمل على تصنيف الخيارات المتاحة لها وترشّح الأفضل مع التخلي عن كل مايعيق مسيرتها في هذه الحياة، فتبدأ فصول الحكاية حين تتعرض لسيل من النقد والتشكيك والتهديد على المستوى النفسي مرافقاً لذلك الكثير من الوعظ الديني والوعيد بأنها تعمل ما حرّمه الله وأن ذلك يهدد دينها! ولا يقتصر الإنكار على فئة الرجال الذين يؤمن غالبيّتهم بأنهم الحامي الأول للمرأة من مفاسد لا تدركها ولا تراها، حيث يكثر ويتضخم من قِبل النساء من حولها فيبدأن بتصدير عبارات ومعتقدات خُزّنت في عقلهن الباطن منذ الصغر اعتقاداً أنهن يقُمنْ بدورهن في   النصح والتوجيه، وفي حقيقة الأمر أن معتقداتهن لم تمنحهن حياةً حقيقية. إن ما يحدث ببساطة هو خروج للمرأة من دائرة حياتهم واختيارها الدائرة التي تناسبها وتشعرها بالسعادة والرضا.

تشتد المحاولات والضغوطات لمنعها من ممارسة حياتها بشكل طبيعي وحين تستمر في طريقها يبدأ الوعظ (الابتزاز) النفسي أن أفعالها هذه ستؤدي إلى خسارتها لعائلتها، وتعد هذه الخسارة التهديد الأول وقد يصل الأمر إلى المساومة ما بين عائلتها أو حياتها وأحلامها، يتجاهلون بذلك أن خسارة حياتها تعني خسارة كل شيء روحياً ونفسياً وجسدياً واجتماعياً ومهنياً وماذا بعد؟ لنكتفي بهذا القدر من الخسائر.

اختيار المرأة منحنى مختلفاً لحياتها لا يعدّ خطأً ولا يشكل خطراً لمن يعي أحقية الإنسان في عيش حياته، الخطأ والخطر الحقيقي يتجسد في الإنسان الذي يمنح نفسه الحق في التحكم والسيطرة على حياة الآخرين، سمعنا الكثير من القصص حول السيطرة الذكورية والاستسلام الأنثوي تحت معتقد أن الرجل قوي والمرأة ضعيفة في مواجهة صعوبات الحياة، نَتَجَ عن ذلك أُسراً غير مستقرة وأبناءً مضطربين نفسياً، زوجاتٌ تعيسات وأزواجٌ متذمرين، تُحل مشاكل الشباب من طيش وتهور بـ الزواج! وحين لا يتحقق ذلك يتم الانتقال للحل الآخر إنجاب الأبناء كضحايا فكر مجتمعي غير واعٍ لمشاكله، فتستمر الحياة دون شغف أو حب، أيامٌ تتكرر لا لون لها أو نغم.

هؤلاء النسوة عِشن لسنوات تحت مظلة الجهل والسيطرة وحين تفكر إحداهن بالخروج يبدأ التهديد والوعيد وحتى المنع والضرب والشتم وقد ينتهي الأمر بالقتل!

هيمنة الفكر الذكوري تنتهي بوعي النساء بإدراكهن كامل حقوقهن وأن الله منح المرأة كامل الحرية للاختيار والعيش في هذه الحياة، لا تفضيل لأحدهنا على الآخر. وحين نتحدث عن القوامة والولاية فتحتمل الكثير من التحريف والتأويل التي لم ينزل الله بها من سلطان! لسنوات سيطر الفكر الذكوري ليطال حتى التشريعات الإسلامية والقوانين، ولنا في قيادة المرأة خير مثال، من كان يتوقع أن تقود المرأة سيارتها بكامل حريتها في ربوع وطننا؟ قبل عدة سنوات كان الويل والوعيد الشديد للمرأة التي تعبر عن رغبتها وحاجتها للقيادة وقد تتعرض للقذف في أخلاقها. وحين تبدّلت المفاهيم وُئِدت تلك السيطرة وظهرت البراهين والحقائق التي تمنح المرأة كامل الحق في قيادة مركبتها أنّا شاءت.

في البداية كان الشتم والاتهام في خُلق الرجل الذي يسمح لنسائه بالقيادة والآن وبعد أكثر من 3 أعوام على صدور القرار أصبح الرجل الذي لا يسمح لعائلته مُلاماً وجاهلاً.

الأعراف والعادات لم تعد تحتاج لوقت طويل حتى تتبدل، فمع الانفتاح الحالي بضع سنوات كفيلة بقلب الموازين، الإصلاحات تحمي المرأة من عنهجية فكرية نتج عنها آلاف الضحايا.

أُدرك صعوبة ما أتحدث به وأُشير إليه ولكن أُولى سبل النجاة والعيش هي إنقاذ عقلك من براثن جهلهم ومعتقداتهم المتناقضة التي سخروها لأجل مصالحهم.

Join