دليل تسعير الخدمات لصانع المحتوى..
بالفترة الأخيرة كثُرت التساؤلات حول السعر المناسب للخدمات/الأعمال التي يقدمها الأفراد مثل كتابة المحتوى أو التصميم أو التصوير وغيرها، والتسعير يعتبر ركيزة أساسية لأجل بداية صحيحة وقوية في الوقت ذاته، ولتحقيق أهداف مختلفة أبرزها تعدد الأعمال وتنوعها وزيادة مصدر دخلك، وفي تدوينة اليوم سأتحدث عن الطرق المختلفة للتسعير، إضافة إلى بعض التفاصيل التي تساعدك في اختيار الطريقة الأنسب لك.
في البداية وددت توضيح مستويات مقدمي الأعمال:
المستوى المبتدئ:
يمتلك الفرد موهبة تجاه الخدمة التي يقدمها إضافة للمهارات الأساسية، ولكن لا يمتلك تجارب سابقة مع عملاء أو قد يمتلكها
بعدد قليل جداً، في هذه الحالة لابد أن يتعامل بمرونة من ناحية التكلفة وسير العمل (وسنتحدث عنها بشيء من الوسع فيما بعد)، الهدف الأساسي للمبتدئ هو التعلم وزيادة الخبرة وزيادة الأعمال والتوسع في المجال بالإضافة للكسب المادي، غالباً البداية تكون
صعبة وبسيطة ولكن المهم ألا تتوقف لأن الأعمال تتطلب تدريباً مستمراً لأجل التطور.
المستوى المتوسط:
يمتلك الفرد خبرة أعلى من المبتدئ ولديه قدرة كبيرة على تلافي أخطاء البدايات مثل الأخطاء الإملائية والنحوية بالنسبة للكاتب.
في هذا المستوى يستطيع الفرد رفع السعر تدريجياً مع تحسن
مستواه وتطور جودة عمله، مما يمنحه فرصة التفاوض بشكل
أفضل مع العملاء.
المستوى المحترف:
من يمتلك خبرة واسعة في المجال، يستطيع تقديم الخدمة
بوضوح للفئة المستهدفة ويعرف ماذا يقدم؟ وكيف؟ ومتى؟
وما هو الأسلوب الأمثل للفئة المستهدفة، وهنا يستطيع
المفاوضة بثقة في أسعار خدماته.
وكفكرة ملهمة للكتّاب تحديداً (ويستطيع مقدمي الخدمات الأخرى العمل بها) أن تكتب نماذج لشركات مختلفة وذلك من باب التجربة وصقل المهارات كما تستطيع عرضها في ملف أعمالك -مع الإشارة بأنها نماذج فقط- أي تكون محاكاة بطريقتك الخاصة، مثلاً سبق أن كتبت محتوى ملف تعريفي لمقهى لأجل التجربة وليس لطلب العميل، وهكذا.
لماذا أهتم كمقدم عمل/خدمة بـعمل تسعيرة مناسبة؟ إجابة هذا السؤال تأخذ أكثر من بُعد في دنيا الأعمال:
1. البعد الزمني: من خلاله تعرف التكلفة المناسبة لكل مشروع تبعاً للوقت والجهد المبذول أيضاً تستطيع تحديد عدد المشاريع التي تعمل عليها بالإضافة إلى الوقت الذي تحتاجه لكل مشروع بما يتناسب مع بقية أمور حياتك.
2. البُعد النفسي: بتحديدك التكلفة المناسبة لكل خدمة تمنح القيمة لموهبتك وقدراتك مما يُشعرك بثقة أكبر تجاه عملك الذي تقدمه كونك لن تقدم عملاً لا يتناسب مع التكلفة التي وضعتها، أيضاً يجعلك في منطقة التوازن بين ما تستحقه أنت كمقدم خدمة وما يقدمه لك العميل، والبعد النفسي هنا لا يرتبط بك فقط بل بالعميل أيضاً فبعض العملاء يعتقد أنه كلما قلت التكلفة فذلك يعني جودة رديئة.
3. البعد الاجتماعي: من خلال تحديد التكلفة تحافظ على صورتك المهنية داخل المجال باختيار مشاريع تتناسب معك ومع قدراتك مما يصنع لك اسماً في المجال بمرور الوقت لأن أعمالك ذات جودة عالية، فالبعض قد يقبل عملاً يفوق مستواه وقدراته بالتالي النَتَاج يكون ضعيفاً مقابل المبلغ المطلوب مما يؤثر على اسمك في دنيا الأعمال.
4. البعد المهني: يساعدك تحديد السعر في إنشاء معايير أفضل لعملك من حيث جودة الخدمة المقدمة وجودة التواصل مع العملاء ومنحهم القيمة.
من أبرز أهداف التسعير:
1- الاستمرارية والبقاء: من خلال تحديد التكلفة تحافظ على مستوى دخل ثابت خلال الشهر لأجل منح حياتك جودة أفضل بالتالي تستمر في تطوير نفسك وخدماتك في المجال.
2- جني الأرباح: مما لا شك فيه يعتبر أحد الأهداف الرئيسة لذلك يساعدك تحديد التكلفة على تحقيق نمو في مستوى الدخل.
3- تحقيق مبيعات: ونعني بها في هذه الحالة زيادة عدد أعمالك ومشاريعك والتي تعتبر مثل سلع تقدم للعميل.
4- بناء صورة مميزة حول خدماتك المقدمة وتكاليفها مما يساهم في بروز اسمك في المجال.
………………
من أبرز عوامل تحديد السعر:
1. التسعير تبعاً للتكلفة: حيث يضع مقدم الخدمة تكاليف إنتاجها بعين الاعتبار مثل الاتصال بالانترنت، الكهرباء، حصوله على برامج لتطوير مهاراته، كتب أو حتى مواصلات إن دعت الحاجة (عمل المصورين مثال)، وهنا نذكر ما يسمى بنقطة التعادل التي تمنح مساحة للتفاوض مع العميل بالإضافة لحفظ جهدك كمقدم خدمة/عمل، والمقصود بها كالتالي:
التكلفة الإجمالية= تكلفة ثابتة + تكلفة متغيرة..
حيث توجد تكلفة ثابتة لا تتغير ويعمل مقدم الخدمة على حسابها بدقة بحيث تغطي كافة التكاليف وأخرى تعتبر متغيرة وهنا تكون مساحة التفاوض مع العميل بما يراه الطرفين مناسباً.
2. التسعير تبعاً للطلب ويحكم ذلك عدد المنافسين ومقدمي الخدمات في نفس مجالك، في الوقت الحالي قد يكون كتّاب المحتوى كُثُر ولكن الجودة تتفاوت لذلك الطلب عالي تجاه جودة الأعمال والإبداع فيها.
3. التسعير تبعاً للقيمة المقدمة: بهذه الطريقة يتم استخدام السعر لإقامة علاقة جيدة مع العملاء وذلك من خلال تقديم خدمة بجودة عالية ومزايا إضافية ما يجعل العميل يتقبل التكلفة وإن كانت مرتفعة.
ثبات مصدر الدخل يمنحك الأمان مما يجعلك أكثر قدرة على الإبداع.
حصه الربيعان
طرق تسعير الخدمات:
توجد العديد من الطرق التي نستطيع التسعير من خلالها، ومن الممكن أن تستخدم أكثر من طريقة بما يتناسب مع خدماتك:
1. التسعير بحسب المشروع: من خلال معرفة المهام المطلوبة وكمية المحتوى ويتم بعمل عقد بين الطرفين لمدة محددة.
2. التسعير بالساعة: وذلك من خلال وضع تكلفة محددة لكل ساعة عمل وعلى أساس تحديد الوقت الإجمالي لتنفيذ العمل يتم تحديد المبلغ، ولكن بعض المحتوى يأخذ ساعات أطول في العمل، مثلاً في حال الكتابة قد يتطلب منك بحث بالساعات قبل البدء بالمقالة، فمن الممكن أن تكتب مقالة من 1000 كلمة خلال ساعتين ومن الممكن أن تكتبها في يوم أو يومين لغرض البحث والاطلاع قبل الكتابة.
ولمعرفة آلية حساب تكلفة ساعة العمل:
لنفترض أنك تعمل في شركة بدوام كامل 8 ساعات وترى بأن الراتب الأنسب في هذه الحالة 8000 ، عدد ساعات العمل خلال الشهر = 176 ساعة .. بتقسيم الراتب على عدد ساعات العمل تصبح تكلفة الساعة قرابة 45 ريال. وكما قلنا سابقاً تعامل مع السعر كمتغير مرن بما يناسبك، فقد تكون محترفاً في مجالك وإن حدث وعملت بدوام كامل تتحصل على راتب أعلى؛ إذن تبعاً للراتب الذي تتوقع/ترغب أن يمنح لك تحدد سعر الساعة لديك. بدون مبالغات أصدقائي =)
3. التسعير بالكلمة: وذلك من خلال تحديد قيمة الكلمة الواحدة لديك، لنفترض أن تسعيرة المقالة ذات 1000 كلمة تقدر بـ 100 ريال ، نقسم المبلغ على عدد الكلمات فتكون تكلفة الكلمة (0،1) بالتالي تبعاً لعدد الكلمات تحدد التكلفة الإجمالية، أو من الممكن التسعير بالكلمات وذلك من خلال تحديد تكلفة ثابتة لعدد كلمات ثابت، مثلا 500 كلمة بتكلفة 30 وهكذا..
التسعير كمتغير مرن:
يستطيع مقدمي الخدمات/الأعمال التعامل مع السعر بمرونة كبيرة، وذلك من خلال رفع السعر أو تثبيته أو حتى تخفيضه وذلك خلال مرحلة التفاوض مع العميل، أو بعد أن يعمل بتكلفة معينة مدة طويلة ويجد أنها أقل من الجهد المبذول أو أعلى ويساعده في ذلك تجاوب العملاء وقبولهم للتكلفة التي يقدمها.
أما فيما يتعلق بالمرونة لدى مقدم الخدمة المبتدئ فهو لا يمتلك خبرة واسعة وفي الوقت ذاته يرغب في التوسع، فلذلك يوصى أن يسعّر خدماته بمرونة ويتنازل قليلاً حتى يستطيع كسب العمل، قد يكون التنازل بمنح سعر أقل، أو تعجيل موعد التسليم، أو منح خدمة إضافية.
أتذكر في بداياتي كنت أعمد إلى منح العميل من ساعة إلى ساعتي عمل إضافية، أو كتابة تغريدة إضافية أو منح وقت أطول للتعديل بعد تسليم العمل، الهدف كسب العميل بالإضافة إلى كسب ثقته والتعلم من التجارب المختلفة.
قد يكون السعر منخفضاً ولا يتناسب مع جهدك المبذول في البداية، فكل أمر يبدأ بشكل تدريجي، لا يوجد شخص بدأ من القمة.
أساليب التعامل مع السوق:
· التسعير المساوي للمنافسين: وذلك بمعرفة منافسيك (من يقدموا مثل خدمتك) ذوي نفس الإمكانيات ومعرفة أسعارهم وتوجهاتهم ومن ثم تقديم سعر مماثل.
· التسعير أعلى من المنافسين: لكي يكون سعرك أعلى من منافسيك لابد أن تمتلك ميزة مختلفة إما جودة عالية أو خدمات إضافية لتجعل من السعر مقبولاً لدى العملاء رغم ارتفاعه.
· التسعير أقل من المنافسين: والهدف في هذه الحالة الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الأعمال وذلك لتحقيق أرباح إضافية.
" اعرض على عملائك السعر الذي تتمنى الحصول عليه، فإن وافقوا فقد ربحت، وإن رفضوا فقد تعلمت شيئًا جديدًا عن السوق وعن التعامل مع عملائك.”
رؤوف شبايك