لعل الشباب في مرحلة ما لايدركون أهمية العلاقات القائمة على الحُب والتفاهم والإحترام المتبادل ولا أهمية التأثير الذي تخلقه وسائل الإعلام في تحديد سلوكهم وأنماطهم الإستهلاكية وعاداتهم وهذا لا ينفي حقيقة أن بعض الأسر قد لاتنتبه لتلك التفاصيل الصغيرة والساعات التي يقضيها أولادهم أمام شاشة الجهاز الذكي .. الكل بشكل أو بآخر قد تعرض لخيبة في فترة من فترات حياته لكن الإنسان يتجاوز ويتخطى لكن عندما تأتي مثيرات مفاجئة وتحفز الأثر النفسي الذي خلفته هذه الخيبة وظل خامدًا فترة طويلة قد تصنع سلوكًا منحرفًا يحول الإنسان من ضحية إلى مجرم! 


نشأة سلوك القاتل المتسلسل

تيد بندي

تيد بندي هو قاتل متسلسل تم اعتقاله في فلوريدا ، خلال فترة سجنه اعترف بإغتصاب وقتل أكثر من ٣٠ امرأة وفتاة وكان قد اتُهم بإرتكاب أكثر من ٥٠ جريمة قتل ، تمت إدانته في جولاي ١٩٧٩م وعوقب بالسجن حتى الموت.


بعد ١٠ سنوات من سجنه كانت لديه رسالة واحدة فقط ليبلغها العالم ..  

لا تخدعكم هذه الكلمات وهذه الرسالة التي تزيح العبء عن فشل عائلة بندي في ملاحظة مؤشرات سلوك طفلهم في مراحله الأولى ، فجده سام كويل صاحب تأثير مبكر وسيئ على حياة الصبي لأنه كان معتديًا وعنصريًا


في عام ١٩٥٠م إنتقلت إيلينور مع تيد للسكن بعيدًا عن الأهل والأقارب وتزوجت من جون بندي عام ١٩٥١م ، ومنذ ذاك الحين بات ثيودور يُعرف بإسم تيد بندي.

الشيء العجيب بخصوص تيد هو أنه استطاع إخفاء شخصيته الحقيقية خلف شخصية واثقة وجذابة وتستطيع التواصل مع الناس بسهولة وتحديدًا النساء

أثناء ارتياده لجامعة واشنطن وقع في غرام زميلته ستيفاني بروكس ، التي بمجرد أن تخرجت وضعت حدًا للعلاقة بينها وبين تيد مما سبب له صدمته العاطفية الأولى وخيبة أمل أدت بدورها إلى انسحابه من الجامعة.

بعد انسحابه وأثناء زيارته لمكتب سجلات الولادة حدثت الصدمة الثانية والكُبرى التي سببت الإنحراف العظيم لشخصية تيد وهي أن إيلينور أخته الكبرى هي والدته الحقيقية!!

ومن هنا نشأ غضب تيد تجاه النساء


رغم هاتان الخيبتان العظيمتان بحق تيد لم يبقى بسببها مكتئبًا فترة طويلة! بل عاود ارتياد الجامعة وانخرط بالأنشطة السياسية والعلاقات الرومانسية المتنوعة ، كان سلوك تيد طبيعيًا وكان يملك شخصية ساحرة ويبدي ثقة بالنفس بحضور العنصر النسائي.

في يناير ١٩٧٤م اعتدى تيد على جوني ليتز البالغة من العمر ١٨ سنة في شقتها والمثير هو أن تيد قام بإقحام قضيب السرير في منطقتها الحساسة والمثير أكثر أنها نجت من هذه الحادثة!!

توالت الجرائم في يوتاه وأوريغون وواشنطن وبدأت الشرطة بملاحقة نقاط التشابه الحساسة المتعلقة بنمط ضحايا تيد ، فنمط الإختفاء متشابه وطبيعة الوفاة بالأسلوب الجنسي المتوحش “إعتداء بأداة غير حادة يليه إغتصاب ومضاجعة من الخلف ثم القتل في النهاية وتشويه الأعضاء التناسلية”.


كان لكل ضحايا تيد الشكل نفسه :”فتيات بيضاوات البشرة ، الشعر مفروق من الوسط .. الخ

ويُحتمل أن تيد كان يتعمد أن يشبهن ضحاياه والدته الحقيقية إيلينور وصديقته السابقة ستيفاني مما يطرح احتمال أنه كان يعيد إنزال نزوة إنتقامية مروعة بسبب عدم إعتراف أمه به وقبول صديقته لمشاعره


يُعتقد أن تيد كان يستهدف الأعضاء التناسلية لضحاياه تعبيرًا عن غضبه من والدته وطعنه لهم في منطقة النحر تعبيرًا عن افتقاده للحُب والمشاعر من قبل والدته وصديقته وتشويه المنطقة التناسلية تعبيرًا للإنتقام وحرمانهم من فكرة الإنجاب والأمومة.



جميع هذه التحليلات النفسية والسلوكية للصدمات العاطفية التي تعرض لها تيد بندي لاتنفي تأثير المواد الإباحية على عقول المراهقين ، فالعلماء يقولون أن بإمكانها فعلاً تغيير شكل الدماغ!

فالمواد الإباحية يتم استهلاكها في غرف المراهقين بشكل خاص لكونها مجانية وغير محدودة وإدمانها يشبه إدمان المخدرات!


المثير فعلاً أن العلماء أثبتوا أنها تقوم بتقليص وإعادة تشكيل الدماغ البشري ، فالجزء المسؤول عن المكافئة بالدماغ هو الذي يحفز المدمن على ضرورة الحصول على الكوكايين وإلا مصيره الموت! وهذه هي ألية عمل دماغ المدمن على المواد الإباحية


فالجنس يتسبب بإنتاج إفرازات من الجزء المتعلق بنظام المكافئة في الدماغ وهو مشابه جدًا لحال مدمن المخدرات ، فالجزء المتعلق بالمكافئة في الدماغ يعمل بالإعتماد على هرمون الدوبامين!

فعند ممارسة الجنس تتم الإثارة واللذة وهذا سلوك تتم مكافئته والرغبة به لأن الدماغ البشري مصمم على الرغبة بالمزيد والمزيد حتى يسترجع لذة الشعور لأول مرة!

مدمني المواد الإباحية عالي الحساسية بمجرد رؤيتهم لأي تلميحة ولو صغيرة تشتعل أدمغتهم بالرغبة!

في مؤسسة ماكس بلانك في ألمانيا وجدوا العديد من الأدلة الداعمة من ضمنها تغيريين عضويين في أدمغة مستخدمي المواد الإباحية :

الأول في إعادة تشكيل لفص الجبهة الأمامي وهو الجزء الدماغي الذي يخبرنا بالتوقف عن الإفراط في الإستخدام ، هو أشبه بنظام المكابح لجسم الإنسان والمواد الإباحية تعيق الإشارة وتحولها من إشارة للتوقف إلى إشارة للزيادة والمكافئة!

الثاني هو أن المواد الإباحية يمكن لها فعلاً أن تقلص من حجم الدماغ ويزداد وضوح التقلص كلما إزدادت ساعات الفرد في مشاهدة المواد الإباحية وهذا يعني مادة رمادية أقل في الجزء الدماغي المسؤول عن اتخاذ القرارات والتحفيز.

أما الأكثر قلقًا من ناحية إجتماعية وتربوية أنه كلما شاهدت مواد إباحية أكثر كلما أرادها دماغك أن تكون أكثر تطرفًا ، فالمدمن على هذه المواد يحتاج للمزيد ، تكرار ذات المواد لن يؤدي الغرض ويحتاج المدمن لجرعة أقوى.

في كتاب سيكولوجية العنف لكولن ويلسون تم طرح وجهة نظر مميزة للتساؤل التالي :

“لماذا تطور السلوك العنيف للبشر؟”

والإجابة كانت بسبب الدماغ والرغبة بالتجدد ، فالدماغ مصمم للحصول على المزيد بطرق مختلفة وأكثر سهولة وجديدة.

إن معظم الشباب والشابات في مجتمعنا ثقافتهم الجنسية نابعة من المواد الإباحية وذلك لما تفرضه عادات وتقاليد المجتمع والديانة من منع الحديث في هذا الجانب والحل حقيقةً لا يكمن في الحجب والمنع بل على العكس تمامًا في الرقابة والتثقيف والتعليم ونشر الوعي حول الممارسات الصحيحة في تكوين العلاقات ومنها العلاقة الجنسية القائمة على الحُب والتفاهم والإنسجام وليست مجرد سلوك جنسي غريزي وحشي وبدائي.