تساؤل التدوينة :”هل تؤثر علينا الموسيقى كبشر؟”
طوال الأسابيع الثلاثة الماضية رغبت وبشدة في تدوين هذه المقالة لكن لم أجد الوقت لذلك ، أظنني أعاني من التشتت وقلة التركيز مؤخرًا .. الشهر الماضي كان مليئ بزوبعة من المسؤوليات والمهام والمشاكل الشخصية ، لازلت أتماسك وأسعى لحلها.
إن الهدف من هذه التدوينة هو إيجاد الإجابة لنفسي عن السبب وراء تلك الشعريرة والنشوة عندما أستمع لأغنية محمد عبده - ردي سلامي
أو موسيقى Hans Zimmer
أو ساوندتراك مسلسل GOT
أو الرغبة المفاجئة بالبكاء والحزن العارم عندما أستمع لذلك المقطع من أغنية أبو نوره -الأماكن-
:”كل شيء حولي يذكرني بشيء .. حتى صوتي وضحكتي لك فيها شيء” ..
لا طالما تسائلت وأظن الوقت قد حان لأجد الإجابة.
أثناء عملية
بحثي عن الإجابة وجدت
أحد الأبحاث
الذي ينص على :
إختياراتنا الموسيقية
إن وجود الموسيقى ليس شيء جديد ولا مُستحدث بل هو فعل تطوري من أسلافنا عندما قرعوا الطبول ، إن الموسيقى جزء لا يتجزأ من تجربتنا الإنسانية
لعدة قرون تسائل الباحثين عن الموسيقى وتأثيرها وهل لها فوائد حقيقية أم هي مجرد وهم!!
وفقًا لبحث أجرته جامعة دورهام في المملكة المتحدة وجامعة يفسيكلا في فنلندا
أن الموسيقى الحزينة تجلب المتعة والراحة لمعظم المستمعين والبعض الآخر يمكن أن تسبب لهم الموسيقى الحزينة حالة من الحزن العميق!
شمل البحث ثلاثة استطلاعات لأكثر من ٢٤٠٠ شخص في المملكة المتحدة وفنلندا ، مع التركيز على العواطف والخبرات التي لاتُتنسى المرتبطة بالإستماع للأغاني الحزينة.
يقول توماس إرولا - دكتور وأستاذ الموسيقى في جامعة دورهام - أن هذه الدراسة تساعدنا في العثور على الإسباب للإستماع للموسيقى الحزينة وتجنبها.
وفي دراسة سابقة أن الناس يميلون إلى تفضيل الموسيقى الحزينة عندما يواجهون خسارة عميقة في العلاقات الشخصية - إنفصال أو طلاق-
واضعوا هذه الدراسة إقترحوا أن الموسيقى الحزينة توفر بديلاً عن العلاقة المفقودة .. وقارنوها بالأفضلية التي لدى معظم الناس وهي وجود صديق متعاطف يفهم حقًا ما تمر به
وركزت الأبحاث الأخرى على أن الموسيقى المتفائلة تجلب المتعة
وفي عام ٢٠١٣ هنالك دراسة أُجريت ونشرت في مجلة علم النفس الإيجابي أن الأشخاص الذين إستمعوا إلى الموسيقى المتفائلة يمكنهم تحسين مزاجهم وتعزيز سعادتهم في غضون أسبوعين فقط!
يتعرض الناس في بعض الأحيان إلى استجابة عاطفية قوية للأعمال الفنية ، فقد أظهرت الدراسات السابقة أن أعلى تجربة عاطفية للقشعريرة عند الإستماع للموسيقى تنطوي على إثارة نفسية وتأثير مجزي!
وتركز هذه الدراسات على الإستجابة العاطفية للدموع من ناحية عاملين وهي :
١- البكاء
٢- التورم بالحلق
فالعاطفة هي عامل أساسي في حياة الإنسان ، فالناس يتعرضون ويتبادلون العاطفة يوميًا أثناء تواصلهم ، كما يعانون منها نتيجة إستجابتهم للفن والأفلام والموسيقى!
قشعريرة الموسيقى
فقد بحثت الدراسات السابقة عن العاطفة بشكل أساسي في السعادة والخوف والإثارة!
لكن لاتزال هنالك جوانب من العاطفة غير مفهومة ونحاول فهمها لأنها مهمة في فهم التجربة العاطفية للإنسان.
فالقشعريرة هي أحد أشكال ذروة الإستجابات العاطفية التي تحققها الموسيقى لنا كبشر.
فالقشعريرة هي مجموعة الأحاسيس الجسدية مثل الرعشات والنتؤات ، تحدث القشعريرة ليست فقط نتيجة للإستجابة للهواء البارد أو المرض!
بل تحدث نتيجة للتجارب العاطفية القوية.
القشعريرة والعلم!
جولدشتاين هو أول من درس هذه الظاهرة ، فعندما سأل المشاركين عن الدوافع النفسية للقشعريرة أظهرت النتائج أن أعلى فئة هم أصحاب المقاطع الموسيقية
فقد درست الأبحاث السابقة الإستجابات الفسيولوجية النفسية للقشعريرة الموسيقية من خلال قياس نشاط الجهاز العصبي اللإرادي ، حتى الأن أظهرت الدراسات التجريبية أن قشعريرة الموسيقى بسبب تنشيط الجهاز العصبي EDA تترافق مع زيادة النشاط الكهربائي.
هنالك علاقة إيجابية بين القشعريرة ونشاط القشرة الأمامية المدارية والقشرة البطنية الأمامية ، علاوةً على ذلك تقترن قشعريرة الموسيقى بإطلاق الموسيقى كمكافأة.
تُقربنا الأبحاث حول الأنظمة العاطفية للحيوانات من شرح الجوانب التي لاتزال غامضة للتجارب العاطفية للإنسان وبالتالي القوة العاطفية للموسيقى!
بمساعدة الأبحاث التي أجريت على الحيوانات حول هذه النظم العاطفية وكيفية تفاعلها مع قدراتنا المعرفية قد نجد نظرة جديدة على الموسيقى التواصلية كشكل من أشكال التواصل والسلوك الاجتماعي.
فهذه الأبحاث التي تدرس مشاعر الحيوانات وأساسها الكيميائي والعصبي وحركات الجسم وعباراته التي يعبر عنها فهي تكشف عن المصادر العميقة للشعور الموسيقي لدى البشر ، فهي تساعد في شرح كيف تدعم الموسيقى حياتنا الاجتماعية وكيف يمكن لتفضيلاتنا الموسيقية أن تحدد هويتنا في المجتمع!
الموسيقى كعلاج
فحص الباحثون في إحدى الدراسات بيانات من ٧٣ تجربة مختلفة شملت أكثر من ٧ ألاف مريض مقبلين على اجراء جراحة ، وجد في النتائج أن الأشخاص الذين استمعوا للموسيقى قبل أو أثناء الجراحة عانوا من ألم وقلق أقل مقارنةً بالمرضى الذين لم يستمعوا للموسيقى.
فمالذي يحصل لأجسادنا عندما نستمع للموسيقى؟
عمومًا .. حقق العلماء في السنوات الأخيرة تقدمًا هائلاً في فهم كيف يعالج الدماغ البشري الموسيقى وكيف يؤثر الصوت ليس فقط على العقل بل على الجسم ككل ..
١- إن للموسيقى القدرة على أن تجعلك أكثر ذكاءً
يقال أن الضوضاء المحيطة التي يتم تشغيلها عند الإنسان بمستوى متوسط يمكن أن تشجع على الإبداع وأن الإستماع للموسيقى يمكن أن يساعد في إصلاح تلف الدماغ.
٢- تعلم الموسيقى أفضل من مجرد الإستماع لها
خاصةً لأولئك الذين يبدأون العزف على ألة موسيقية في سن مبكرة ، يقول جوتفريد شلاوغ - عالم الأعصاب بكلية الطب بجامعة هارفارد - أن تركيب الأعصاب للموسيقين يختلف عن غير الموسيقين مستشهدًا بالدراسات التي تشير إلى أن عقول الموسيقين لديها حزم زكثر من الأعصاب التي تربط الجانب الأيسر من الدماغ إلى اليمين
ويقول أيضًا :” عندما تصنع الموسيقى ، فإنه تشارك العديد من المناطق المختلفة في الدماغ وبما في ذلك المناطق البصرية والسمعية والحركية” ولهذا السبب فإن لصناعة الموسيقى وتعلمها أهمية محتملة يتداولها العلماء في علاج الإضطرابات العصبية.
هذه الحقائق المختلفة من العلوم تجعلني أتسائل أكثر عن علاقتنا بالموسيقى كإرث بشري وتواصلي وأظن بالمستقبل لربما أبحث بشكل أكبر وأشارككم.