ربع قرن
إلا رُبع
العمر أرقام تعيد صياغة الوجهة
(محمد حكمي (أنا شخصيًا
ولد سهلًا
صرخته الأولى كانت صرخة ألم لا إثبات وجود، صرخة نجاة لا تعدٍ لحدود.
وكأنه ولد بألمه مذ ولد، وبكى لنفسه مذ جُهِد، خاض الألم أولًا وخاضوا به الفرح مشوبًا برحمة ودعوات، ولد سهًلًا بشهادة أمه وكانت وسامًا حفر على قلبه حتى عامه 24.
تمضي السنين ويخوض فتاها صعبها سهلًا، وسهلها نعمة، ونعمها حمدًا وثناء، يتوه فيها حائرًا لا يعلم الطريق ليجد به الصديق الرفيق، يبني بخذلانه المبدأ وبكبرياءه الحضور، يسود الشعور شعورًا ويبني لمن يحب جسورًا، يزيد الحياة لذة، ويزيد الحي مجدًا، يجدد الحب، ويتوق ليرى نفسه بمرآة…
حزينًا ضاقت به الرُحب، وثقلت في عينه السُحب، يبحث عن انعكاسه على نهر، ويبحث النهر عن روحه معه! لا يجد طريقًا لروحه، وروحه تركض به ركضًا لتجد ضلالها وتعرف طريقها وأمثالها.
مرآة
وجد ضالته، وسقط في ضلاله في ذات اللحظة! كان يعتقد أنه وجدني بين الحجيج، وعرف ملامح روحي رغم رعشة مياه النهر. المرآة أصبحت على ضفة النهر الأخرى هناك، كل ما عليه هو السباحة إلى هناك، سهل… فالمياه راكدة إلا من ارتعاشة سمكة!
هوى بثقله في النهر ليسبح… فغرق في مياه ضحلة! ما إن أخرج رأسه إلا وقد تلاشى انعكاسي فأعاد رأسه راجيًا أن يعود انعكاسه ولكن دون جدوى؛ ففي كل مرة يخرج لا يجدني ولا يجده، ونسي أمر المرآة.
كان يملكني ولا أملكه وأراه ولا يراني، كنت مستقبله وهو تاريخي، تاق ليراني وأتوق لأكفكف دمعه وأسند ظهره وأشد عوده، لكنني أصرخ بأعلى صوتي ولا يسمعني، ويركض نوحي لأضمه في أضلعي فأتلاشى به ويفصلنا الزمـــــــــ|ــــــــن ونحن ذات الروح ، أعاتبه إن أخطأ ويلومني بجهله، أبكي حزنه ويتوق لفرحي، يبني قلبي بزلاته وأهدم سعيه بملذاتي، يطمح لي والفخر له، يضحك وأنا خلف ضحكاته، يبكي وأقف عاجزَا عن إعانته، يرمي كل أمانيه على كاهلي
: -إذا كبرت بشتري لامبورجيني -
: وأضحك بدوري وشر البلية ما يضحك -يا حليلك-
أرمي بثقل النتائج عليه، ويرميني ببراءة قلبه ويبهرني برجاحة عقله. وها هو مجددًا يلمح المرآة.
يسبح نحوها أنا خلفه، ويركض ليعرف ذاته ويهجرني وأراه في مسعاه وأنا المكبل بسعيه والمنوط بنتاجه، فيرى نفسه لأول مرة ويبكي! ولكن لماذا وأنت من سعى؟ ألم تعلم بأن المرآة أنت لا أنا، يبهرني ليرى خلف المرآة ليرى ما كنت أخشاه؛ سواد قاتم دون صورة ولا دليل فهل خاب أمله؟ أنتظر خروجه فلم يخرج وأصرخ فيه وكأنه سيسمع هذه المرة، يقطع صراخي بدوره: أنت أطهر من هذا السواد!
أنا كذلك
يصرخ وأصرخ ويسعى وأنتظر، كسر المرآة محسنًا ظنه بجمالي وحابسًا خياله بين أضلعي، لا خيب الله ظنه.
بين خياله و الواقع
أصيب وأخطيء، أتذكر سعيه وأكمل، أشتاق لبراءته وإخلاصه، أشعل موقدي بحماسه واندفاعه وبيني وبينه السنين، أريده راضيًا فقد كان رضيًا، ما أنا إلا به وماهو إلا أنا وبنا الحياة لمجاريها ستبحر.