“هج الحمام وبقيت لحالي “
بدأت القصة عام 1974 حين اقتحم ثلاث شبان عرب
ياسين موسى ، من العراق (قائد العملية الفدائية)
منير المغربي ، من فلسطين
أحمد الشيـخ محمود، من سوريا
من مجموعة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مستعمرة صهيونية بالقرب من قرية الخالصة الفلسطينية ، وقاموا بالسيطرة على مبنى مدرسةبعد معركة مع القوات الاسرائيلية محتجزين فيه عدد من الرهائن ليتم مقابل تسليمهم الافراج عن مئة اسير عربي فلسطيني او حتى اجنبيكالاسير الياباني كوزو ، رفض الاحتلال مطلبهم وزاد الدعم للقوات وقاموا بحصار المبنى ، وبدأت معركة اخرى بينهم وفي لحظة حين شعرالفدائيين بإنهم محاصرون وانهم سيموتون بلا شك قرروا تفجير المبنى و انفسهم في سبيل ان يأخذوا معهم 15 اسرائيلي وعشرات المصابين بعد ان زرعوا العبوات الناسفة في اماكن متفرقة .
هل انتهت القصة في نفس العام ؟
ام انها لا تزال حية و خالدة ؟
استطيع القول بإن الشاعر طلال حيدر حين كتب عنهم حكم عليهم بالخلود ، فأنا اعرفهم منذ سنوات واشعر بهم واحياناً اتذكرهم في لحظةصمت ولا انفك من التفكير عن مشاعرهم في اخر لحظات حياتهم عن عوائلهم عن القصص التي تركوها في منتصفها ،
هل كان انتحار ام فداء للوطن ؟ عن العروبة آن ذاك .
يقال بإن الشاعر طلال حيدر كان يجلس كل صباح في بلكونته يشرب القهوة ويقرأ الصحف وكان يطل على غابة وذات يوم رأى ثلاث شبانيدخلون الغابة والقى التحية عليهم وردوا عليه ، ثم يخرجون منها في نهاية اليوم ويلقون التحية عليه ، ثم يأتوا في اليوم التالي ويحيونبعضهم ويدخلون مرة اخرى للغابة ثم يخرجوا ، استمروا في فعل هذا الى ان اصبحت علاقتهم بالشاعر اكثر من مجرد علاقة عابرة وكأنهمكانوا اصدقاء الغابة تلك ، الى ان جاء ذاك اليوم في شهر نيسان الذي دخلوا فيه الغابة ولم يخرجوا منها ولم يعودوا اليها ، تعجب الشاعر وانتابه القلق عن تأخرهم وغيابهم المفاجئ هذا هم الذين اعتاد على رؤيتهم كل صباح ومساء ، بعد يومين او اقل استيقظ الشاعر ليرى صحفاليوم وحين امسكها رأى صورة الشبان الثلاثة وقد كُتب عليها فدائيون عملية الخالصة .
لا شك بإنه تأثر بشدة لا شك. بإنه بكى فإن لم تبكي العين بكى القلب ، فهم الذين انسوا وحدته دون قصد منهم وبقي من بعدهم "لحاله" كانت تلك الحادثة وتلك الحكاية جوهر قصيدته التي كتبها بعدهم بعنوان "وحدن" وتغنت بها فيروز .
لم تكن تعني لي هذه الاغنية اي شيء كنت استمع اليها مع امي احبها ولكن لا تعني لي ، الى ان اخبرتني امي ذات يوم بقصتها فوجدتنفسي ابكي لا شعورياً رحت حينها افكر بذلك المشهد في المبنى لحظة التفجير اتساءل عن الاسباب عن الاوطان عن ضحايا الحرب عنالعروبة عن الظلم عن الاحتلال عن العائلة و الحب عن الامهات،فوجدت نفسي اسفة لكل شخص على كل شيء .
لذلك هي اكثر من مجرّد اغنية هي حكاية وطن.
•• كلمات الاغنية••
وحدن بيبقو متل زهر البيلسان
وحدهن بيقطفو وراق الزمان
بيسكرو الغابي
بيضلهن متل الشتي يدقوا على بوابي
على بوابي
يا زمان
يا عشب داشر فوق هالحيطان
ضويت ورد الليل عكتابي
برج الحمام مسور و عالي
هج الحمام بقيت لحالي لحالي
يا ناطرين التلج ما عاد بدكن ترجعو
صرخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعو
وحدن بيبقو متل هالغيم العتيق
وحدهن وجوهن و عتم الطريق
عم يقطعوا الغابي
وبإيدهن متل الشتي يدقوا البكي و هني على بوابي
يا زمان
من عمر فيي العشب عالحيطان
من قبل ما صار الشجر عالي
ضوي قناديل و أنطر صحابي
مرقو فلو بقيت عبابي لحالي
يا رايحين و التلج ما عاد بدكن ترجعو صرخ
عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعو