قديماً كانت صناعة الملابس عملية محلية من الشعب الى الشعب خلال أربع مواسم في العام الواحد خريف شتاء ربيع صيف .و حينما كنت صغيرة عندما يسألني شخص عن لوني المفضل كنت دوماً أجيب : باللون الوردي كبرت وإكتشفت بإن خزانتي تحتوي على قطعة واحدة وردية اللون فقط أما الباقي فكان الازرق وتدرجاته علمت حينها أن الازرق هو لوني المفضل لون السماء والبحر اللذان أشعر بإني أنتمي إليهما ويعبران عني وإكتشفت بإن الوردي كان فقط تقليد.
قيل عن الملابس هي جلودنا التي نختارها بأنفسنا . هي أول إنطباع عنّا وعن إختلافنا ومدى تفرّدنا بنمط معين إخترناه لأننا شعرنا أنه يشبهنا ويعبر عنّا .
إستكمالاً لكابوس الرفاهية في حياتنا اليومية وفيما نملك سأكتب عن رحلة الموت التي لولالها لكنا عُراء الان فحتى مانرتديه و كمّ الملابس في خزائننا يحتوي على الكثير من الدم !
زمن السرعة والركض اللامتناهي الذي نعيشه الان والاستمرارية القصوى رغم الالم بالطبع كان له تأثير كبير على مجال الازياء بل أخجل من قول تأثير و الحقيقة هي إعادة هيكلة "هرم صناعة الازياء " بما يتناسب مع طمع وجشع "الرأسمالية" فمنذ بداية الخمسينات الى يومنا الحاضر أصبحت الاربع مواسم للأزياء 52 موسم على مدار العام تحت ما يسمى " fast fashion"الموضة السريعة.
مقالات على الانترنت , إعلانات في التلفاز , دعايات في الشوارع , صور في مواقع التواصل
جميعها عن الموضة والملابس اليومية الغير مكررة و التخفيضات والكثير من الموديلات والقصات والالوان الجذابة , التي تجعلك تشعر بإن سعادتك لن تكمن الا بشراء هذه القطع المادية .
فبدلاً من جدول الشراء قديماً نشتري في الاعياد او في الصيف وعند دخول الشتاء فقط أصبحنا نرى العالم من حولنا يشتري الملابس بشكل يومي هيستيري .
والغريب في الموضوع أن أسعار أغلب الماركات باتت في متناول أيدي الجميع أسعار مغرية و منخفضة جدا تجعلنا نشتري القطعة حتى إذا قمنا برميها بعد فترة لا نحزن عليها بسبب تكلفتها الرخيصة نفس سياسة الهواتف المحمولة التي يتوقف تحديثها عند عمر معين لها فتجبر أنت لشراء الاصدار الجديد الذي سيتوقف بعد فترة وهكذا بإختصار فكرة الاستدامة تلاشت وأصبحنا نشتري حتى نرمي .
ولكن السؤال هنا هل تنخفض تكلفة صناعة الازياء بإنخفاض سعرها في السوق ؟
أي هل إذا كانت القطعة ذات جودة عالية وسعرها منخفض يوجد مايدعوا للشك في الموضوع ؟
كيف ومع ازدياد أسعار كل شيء من حولنا تُباع لنا الملابس يومًا بعد يوم بأسعار أقل عن ذي قبل، في الوقت نفسه يظل مُلاك قطاعات الملابس المشهورة قادرين على مُضاعفة أرباحهم بشكل خيالي موسم بعد آخر؟
أجاب فضولي هل هذا السؤال وكانت الاجابة كالعادة تخلو من الانسانية .
ماركات مثل ZARA , H&M , FOR EVER , MANGO الذي يعتبر مؤسسيها من أغنى أغنياء العالم تقوم بصناعة أزيائها في الدول النامية ذات الاقتصاد المنخفض وشعبها بحاجة الى كل فلس وذلك بإستغلال حاجتهم ومدى فقرهم ليصنعوا الازياء بتكلفة و أجور زهيدة لا تكاد أن تذكر وفي المقابل تباع حول العالم بمليارات سنوياً.
حين نقول عبودية في صناعة الازياء أي أن العاملات والعمال يعملون بدوام متواصل رغم التعب والجوع لا يروون أطفالهم ولا يعودون لمنازلهم حتى الانتهاء من العمل يعني أن يتم قفل الباب عليهم في مبنى متهالك و إندلاع الحريق فيه شيء مؤكد وبالرغم من كل هذه الخطورة يتم تجاهل حياتهم من أجل تلك الازياء التي يجب أن يموتوا في سبيلها ! وحين يطالبون بحقوقهم وأجر أعلى يتم ضربهم بكل ما هو موجود من عصي و كراسي حتى الموت .
بنغلاديش ثاني دولة في صناعة الازياء بعد الصين والتي حازت على اللقب والمركز بسبب تدني وإنخفاض الاجور فيها للعمال بشكل غير عادل او طبيعي .
شركات الازياء التي تم ذكرها في الاعلى لا تقوم بتصنيع أزيائها بنفسها بل تتعاون مع وسيط له علاقة بمدير مصنع أزياء يتم الاتفاق مع الوسيط بعدد الازياء المطلوبة وسعر التكلفة التي ستقوم بدفعه وغالباً يكون منخفض جداً قائلين للوسيط ليس لنا أي علاقة بكيفية صناعة هذه الازياء المهم أن تُصنع وترسل إلينا , فبالتالي المبلغ المنخفض جداً هذا يتم توزيعه على عمال وعاملات المصنع ليكون الأجر الذي يبخس حقوقهم و لا يوفر الحياة الكريمة لهم .
مثال توضيحي أبسط تخيّل قارئي بأني سأعطيك ريال واحد فقط وأطلب منك أن تحوله لي وتستثمره الى أن يصل لمئة ريال بالتأكيد ستدفع وقتك وجهدك بل وحتى ستدفع مال من عندك ألى أن يصل للمطلوب ثم آتي أنا مرة أخرى و أقوم بأخذ هذه المئة وأحولها لمليارات ولا أعطيك هللة منها !
كذلك هو الحال في مصانع الازياء في بنغلاديش و الصين والهند و كمبوديا . أي أن شركات الازياء نقلت التكلفة من المستهلكين و وضعتها في الفئة الاضعف والمحتاجة أكثر وهم المصنعين .
وعلى لسان أحد مدراء المصانع في بنغلاديش قال " يضغطون علينا بتكلفة أقل و يهددوننا بقطع الشراكة إذا لم نخفض التكلفة ونحن بحاجة الى العمل والمال حتى وان كان قليل هم يضغطون عليّ وانا أضغط على عمّالي "
عام 2013 انهار مصنع رانا بلازا في بنغلاديش , مبنى من ثمانية طوابق دفن تحت أنقاضه المئات وتوفي 1129 شخص ! على الرغم من أن العمال قد أشاروا قبل فترة أن هناك خلل في مولدات الكهرباء والحالة الامنية للمبنى ولكن تم تجاهلهم تجاهل وحشي أدى لوفاتهم والمؤلم أكثر أن بعض العمال كان يجلب أطفاله معه للمصنع لعدم وجود من يرعاهم غيره ولقي الاطفال نصيبهم المحزن من الموت ذلك اليوم بالاضافة الى المئات من الجرحى .
قيل أن هذا المصنع كان ينتج لزارا و مانجو وماركات أخرى .
وعام 2012 إندلع حريق في مصنع تزريين أيضا في بنغلاديش أودى بحياة 112 شخص و إصابة أكثر من 200 جريح .
وغيرها الكثير من الكوارث كمصنع ali enterprises في باكستان الذي راح ضحيته 289 شخص .
العام الماضي تفاجأ عملاء زارا في تركيا برسائل مخفية داخل الملابس في المحل كتب عليها :
"أنا من صنعت هذه القطعة التي سوف تشتريها، لكنني لم أتلقَّ أجرا مقابل ذلك"
و الجدير بالذكر أن المصانع التي تُصنّع لزارا في تركيا تقوم بإستعباد وتشغيل الاطفال السوريين اللاجئين لضعف موقفهم وأنهم ضحايا حرب .
وفي كمبوديا كان الاستعباد الوحشي واستغلال حاجات الشعوب الفقيرة من نصيب H&M ,البالغ ربحها سنوياً 18 مليار دولار , وبالرغم من تلك الثروة يريدون عمالة رخيصة , قرر عمّال وعاملات المصانع بعمل مظاهرات سلمية تطالب بحقوقهم في أجور أعلى وأن يكون الحد الادنى 160 دولار اي 600 ريال فقط . ومباني آمنة ولكن للاسف شهدت كمبوديا يومين من الحرب والفوضى الكارثية بسبب تلك المظاهرات التي قوبلت بالقمع العنيف لدرجة إستخدام الاسلحة و إطلاق النار مما أدى لوفاة 23 إمرأة و إصابات عديدة للبقية .
كان كل مطلبهم أن يعاملوا كبشر !
شيما البالغة من العمر 23 عام إحدى العاملات في مصانع مدينة دكا في بنغلاديش أجرها الشهري 10 دولارات فقط أي مايقارب 37 ريال , قامت بإنشاء رابطة إتحاد عاملات طالبوا برفع أجورهن وحين سمعت الادارة بالخبر حصلت مشادة كلامية عنيفة بينهم ثم أغلقوا الابواب عليها وعلى الفتيات معها وتم ضربهم من قبل 20 شخص واكثر . إنتقلت بعدها الى مصنع آخر ولكن أُجبرت أن تترك إبنتها في مدينة أخرى و أن تراها في السنة مرة بعد ان كانت تأخذها معها الى العمل
ظهرت شيما في الفيلم الوثائقي " the true cost" كنت اريد وضع المشاهد منه ولكن بسبب حقوق النشر لم أستطع لذلك أتمنى أن تشاهدوا الفيلم .
كانت تتحدث وهي مبتسمة طالبة من العالم أجمع بالعدل والانصاف وفجأة إنهارت دموعها حين تذكرت صديقاتها واهلها اللذين ماتوا بسبب قطعة قماش قائلة:
“هذه الملابس نقوم بصناعتها بدمائنا، لذا نريد أن يعرف أصحاب المصانع بأحوالنا، حتى لا نرى المزيد من الأمهات يفقدن أطفالهن”
هناك 40 مليون عامل في مصانع الملابس، متوسط الراتب اليومي لهم أقل من 3 دولار. ولكن البشر ليسوا فقط المتضررين فماركات عالمية راقية مثلMarc Jacobs, Givenchy, Gucci
بالاضافة الى انها تستخدم عمالة الاطفال أيضاً تستمد فرائها باهظة الثمن من مزارع تعذيب الحيوانات في روسيا وغيرها
ومن الجدير بالذكر أن فراءً روسي الصنع تم بيعه في العام الماضي مقابل 1.2 مليون دولار، بينما بيعت بطانية مقابل 900 ألف دولار منذ سنوات قليلة، ويحتاج معطف صغير حوالي 35 فراءً لصناعته، كما يتم صناعة قبعات نسائية فاخرة من فراء الثعلب فضي اللون.
وذكرت إحدى العاملات في هذه المزارع تعليقاً على اتهامات بالوحشية: "لا أشعر بأي تعاطف أو أسى نحو هذه الحيوانات، على العكس، أشعر بالرضا بسبب تمكننا من صناعة فراء جيد وبيعه بأسعار باهظة!
التجارة التي لا تشفق على الانسان كيف لها أن تشفق على الحيوان .
وفي الحديث عن جشع الماركات الراقية قامت شركة Burberry
هذا العام بحرق منتجات فاخرة من ملابس ومستحضرات تجميل بقيمة 32 مليون دولار والسبب أنه من الشائع إتلاف المنتجات في أوساط كبار الموزعين والماركات الفاخرة على حدّ سواء، حتى تحمي ملكيتها الفورية وتتصدى للتزوير ، لذا تفضّل التخلص من مخزونها بدلاً من بيعه بأسعار مخفضة !
ومن هنا ننتقل للضرر الاكبر في صناعة الازياء وهو خطرها على البيئة فصناعة الازياء تعد المصدر الثاني للتلوث البيئي من بعد النفط .
في الهند تحديدا قي مدينة بنجاب كل كجم قطن يتم رَشه ب 300 غراماً من المبيدات الحشرية. مما يدمر التربة ولتسريع عملية نمو القطن يستخدمون الاسمدة النيتروجينية والقطم المعدل وراثيا ,
جعل الله سبحانه وتعالى للانسان والنبات عمر نمو معين فتخيّل أن أسرع هذا النمو من أجل مال مخلفة من ورائي أضرار لا تعد ولا تحصى على البيئة وكوكب الارض الذي نعيش فيه وتعتبر طبيعته مصدرنا الاول في الرزق , كيف لهم أن يدمروا المستقبل وإستدامة الموارد من أجل ربح لحظي ؟
تنتشر الامراض العقلية والسرطانات على نطاق واسع بدءاً بعمال المزرعة الذين يتعرضوا مباشرة للمواد الكيميائية الى سكان القرى بسبب تلك المواد المنتشرة في الهواء والتربة والماء وبسبب الفقر عدم توفر إمكانيات العلاج قد تقبّل الاهالي موت أبنائهم وموتهم أيضا ً .
وفي حديث لصاحبة مزرعة أمريكية قالت : توفي زوجي بورم في الدماغ وبعد فترة إكتشفنا أنه مات بسبب المواد الكيميائية في المزرعة . مما جعلها الآن صاحبة مزرعة قطن عضوية .
ومن الواجب عليّ ذكره أن نفس شركات الأدوية التي تصنع الاسمدة النيتروجينية هي التي تصنع أدوية السرطان ! أي تصنع الداء و الدواء والكثير من المال فلولا المرض لما إحتجنا الادوية .
وبعد كل المشاكل التي تسببها الشركات العالمية يأتون ويصادرون مزرعة المزارع الهندي بحكم أنه إستدان منهم حتى يشتري بذور القطن المعدلة وراثياّ !
وعلى لسان زوجة مزارع قالت : بعد أن أخبروه أنه تم مصادرة مزرعته ذهب الى المزرعة و قام بشرب علبة من المبيد الحشري وإنتحر !
على مدار الأعوام الـ 15 الماضية هناك 250 ألف مزارع ممن يعملون في القطن الهندي قتلوا أنفسهم , أي موت شخص كل 30 دقيقة بسبب التجارة الغير عادلة التي تدار بواسطة شركات عالمية لا تهتم سوى بالمال والارباح
سنوياً هناك 80 مليون قطعة ملابس تباع . العدد كبير وصادم فهل تلك القطع سوف تبقى معنا للأبد أو أننا قد رميناها دون أي تفكير بمدى ضررها على البيئة ؟
أغلب قطع ملابسنا إذا تم رميها في المكبات لا تتحلل الا بعد 200 عام وخلال تلك الفترة تنتج غازات سامة في الهواء وفي أمريكا مثلا يتم تجميع كل نفايات العزل والنسيج التي تبلغ 11 طن سنوياً وترحيلها الى الدول النامية مثل الهند تحديداً مدينة كانبور . ومن ال 11 طن 10% فقط ما يستفيد منه الفقراء هناك أما المتبقي فهو موتهم البطيء .
مصانع الجلود الرخيصة التي تستفيد منها أغلى الماركات يتم تصنيعها في كانبور الهندية . ومخلفات الجلود الكيميائية تكون على هيئة سوائل يتم تفريغها في البحيرات والانهار التي يشرب منها عامة الشعب ! بإمكانك التخيل قارئي كمية الامراض والاموات خلف كل جاكيت جلد في خزانتك .
كم منّا يشعر في مواسم التخفيضات أنه ذكي وغني جداً لأنه سيشتري أكثر من قطعة بثمن قطعة واحدة , والحقيقة أن مؤسسي تلك الماركات يجعلونا أفقر و أفقر وهم أغنى و أغنى فهم لم يدفعوا أساساً لصناعة هذه الازياء التي حِيكت بدم الجياع والضِعاف في دول لا صوت لها .
كل ما أريد أن أقوله اليوم أننا ندفع أموال لا نملكها على أشياء لا نحتاجها لأناس لا يستحقونها .
في خطبة لمارتن لوثر في إحدى الكنائس قال :
أميركا والعالم بحاجة الى ثورة قيم و أخلاق يجب أن تتوقف عن معاملة البشر على أنهم أشياء والطبيعة على أنها سلعة هدفها الربح فقط .وأ يتعاملوا بطريقة إنسانية ترضي الطرفين .
الحلول والبدائل دائماً موجودة كيف للإنسان تعقيد كل ماهو بسيط بسبب قبح نيته وقسوته , تستطيع أن تكون صاحب أكبر شركات الازياء وأغنى اغنياء العالم وتدفع للعاملين أجورهم وتكون نزيه وعادل في تعاملك مع البشر , ولكن في عالم تحكمه "الرأسمالية" عالم يوجد فيه 10 أغنياء و أكثر من 40 مليون فقير أجد بأن المشكلة تفوق كلماتي و وصفي .
في البرازيل تقريباً الاحتجاجات على غلاء المعيشة لا تزال مستمرة منذ التسعينات , مؤخراً تم رفع سعر المواد الغذائية مثل الدجاج والبيض الى أربعة أضعاف , وكانت ردة فعل الشعب هي الاحتجاج و المقاطعة التامةعاشوا أسبوعاً بلا طعام حتى تعفنت الاغذية , مما جعل أصحاب الشركات يقوموا بخفض الاسعار ولكن لم تصل للحد المطلوب وإستمرت المقاطعة الى أن وصلت للسعر الطبيعي .
جاعوا أسبوعان فقط ليضمنوا مستقبل عادل قليلا لهم وللأجيال من بعدهم .
أتمنى لو أننا نقاطع الماركات أسبوع فقط لنكون صوت من لا صوت لهم ,نصرخ بأصواتهم ليسمعها الجميع نحزن لحزنهم ونخاف لخوفهم نتألم لألمهم ونملأ الدنيا ضجيج حتى لا يمر موت أحدهم بهدوء .
متأكدة بأننا لو قاطعناهم سيرضخوا فنحن من ندفع لهم نحن سبب قوتهم .
وانا أكتب الان قمت برؤية ورقة الارشادات والعلامة في بيجامتي كتب عليها صنع في الهند , 100% قطن طبيعي . نعم صنعت في الهند ولكن القطن غير طبيعي و قتل 250 ألف مزارع و مرض بسببه المئات ومات الكثير من الاطفال وبكت الامهات والاباء .
الى كل من يقرأ انظر الى تلك الورقة الان فيما ترتدي اذا كتب بنغلاديش تذكر حادثة رانا بلازا وشيما والكثير أمثالها و إذا كتب كمبوديا أتمنى أن تمر لقطات من الحرب والفوضى في ذاكرتك أما اذا كنت ترتدي الجلود فتخيل كوكب الارض ينزف ويحتضر ولا أحد يراه .واذا كتب الصين تذكر أنها أعلى دول العالم في نسب الانتحار بسبب ضغوط العمل .
الهدف من كتابتي لهذه المقالة ليس لأجعلك تشعر بالاشمئزاز مما ترتدي , او لتشعر بالذنب على ما فات , ولكن لأقول لك أننا جزء كبير في عملية قتل وأننا الجزء الذي بيده الحل وهو المقاطعة ستتوقف انت عن شراء الملابس وسيدعي لك الملايين دون معرفتك ولكن فقط لأنك شعرت بألمهم وكنت عون لهم .
مقاطعتك من أجلك أنت من أجل بيئتك وكوكبك فكر جيدا في الموضوع .
أما الذين لا يستطيعون العيش دون المزيد من الازياء , قامت مجموعات كثيرة حول العالم بصناعة أزياء بتجارة عادلة تضمن للعاملات والعمال حقوقهم ومعيشة أفضل , موقع good trade يضم هذه الشركات ليجعلك تتعرف عليها وتتمكن من الشراء ليس في مجال الازياء فقط بل حتى في الاكل و مستحضرات التجميل , حين بحثي في الموقع وجدت أن الاسعار باهظة قليلا ولكن غالية الثمن وعادلة او رخيصة ومعها جثة ؟
حين أقلب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي و أرى العارضات و "الفاشنيستا" وحتى الاشخاص غير المشهوريين وهم يستعرضون كومة من الازياء الجديدة وأغلبها من الماركات التي ذكرتها سابقاً , أشعر بإنهم يروجوا لتجارة الدم هذه , لو أن واحدة منهن فقط تحدثت عن الموضوع وأدركت أهميته متأكدة أن رأيها سيأثر على الكثير . ولكن أين هذه الانسانة التي ستتخلى عن أموال الاعلانات من أجل بشر في عالم آخر تم إستعبادهم ؟!
وان تحدثنا عن جهل الناس في هذه الامور أتوقع بإنه سبب تافه في زمن الانترنت و المعرفة مقابل دقيقتان من وقتك . ابحث أكثر لتتأكد من إنسانيتك .
رسالتي الاخيرة لكم :
إستيقظوا الملايين قد ماتوا بسبب مانرتديه الان .
تذكروا ان السعادة ليست في امتلاك الاشياء .
أيقنوا ان ذلك الشعور الذي يراودنا حين نشتري المزيد كاذب .
تأكدوا أن الذين صنعوها يعيشون في فقر سيصلنا يوماً ما إن لم نثور .
لا تغضوا الطرف عن الكيفية التي أوصلت اليك ما ترتديه الان .
المصادر :
فيلم the true cost الوثائقي الذي جعلني أعلم ما قد كنت أجهل عن القبح الكامن وراء صناعة الازياء .
من هنا
الوثائقي الذي استعرض مشاهد مريبة للضرب والعنف الممارس على العمال والعاملات في مصانع الازياء Fashion Factories Undercover من هنا
مقالة مجلةindependentعن مصانع زارا في اسطنبول من هنا
فلوق قصير لعمر حسين عن الازياء المميتة من هنا
فلوق آخر عن الموضة السريعة ليوتيوبر أميركي من هنا
موقع the good trade للتجارة العادلة من هنا