القلق يتسلل الى خلايا جسدي ، ذلك القلق الذي ورثته عن امي يكاد يقتلني في هذه اللحظة ، لطالما احببت كل شيء اخذته منها ملامح وجهها و طريقة كلامها ولكننا لم ننفق على القلق !

اشعر بإن نبضات قلبي تزداد بشكل يصعب عليّ لحاقها لا اقوى على التقاط نفس ، اطراف يدي و قدماي اشبه بقطرات ماء رميتها في جليد فتجمدت قبل ان تحط على السطح ، حنجرتي تضيق ، ابكي ولا احد يسمع ، تقلبت كثيراً على السرير اِعتُصر قلبي و تكورت على نفسي كنت انقبض ،

نهضت لأسمح لمجرى الهوا ان يقف بشكل سليم لعله السبب ؟!

لكن لا لازلت اختنق ، صوتي لا يخرج هُيأ لي او كان حقيقة لا اعلم ، لا اتذكر ، اتكلم اني اطلب النجدة لكن لم اكن اسمع صوت وكأني اصبحت بكماء في لحظة احاول لكن لا استطيع ، دموعي حارة ، قفصي الصدري يؤلمني ، لا اسمع شيء سوى نبضات قلبي التي تتخبط بسرعة تعلو و تعلو لا تتوقف ،

تذكرت

التمرين الذي علمتني عليه الاخصائية النفسية حين ينتابني القلق يجب عليّ تنفيذ تلك الطريقة لأهدأ .

نعم سأفعلها الآن

صرخت .

لست اقدر ، لست قادرة على الجلوس بشكل صحيح لست قادرة على اخذ نفسٍ عميق اشعر بإني داخلي فارغ وكأن جميع اعضائي تجرّدت مني وبقيت نبضات قلبي التي بفضلها اوشك صدري على الانفجار من شدة تضخمه ، تخشّبت اضلعي

حاولت مجددًا

لم اقوى

كانت شفتاي جافة كأرض صحراء قاحلة في منتصف آب ، حاولت النهوض او الزحف لا اذكر فالارض كانت تدور ، لأصل لماء يرويني كان ذلك الطريق المستحيل وكأن فجأة تشكلت تضاريس الارض امامي فرحت اصعد جبالاً و اهبط ، لاول مرة اشعر بإني من احمل قدمي لا العكس كنت اجرها و انا يدي على صدري خشية ان يخرج قلبي في اي لحظة ولا استطيع امساكه ، كنت اراه يخرج ويقع في الارض ويملأني بدمه وجدار صدري مخترق وخاوي .

وصلت للماء بعد مسافة شعرت بإني قطعت فيها مئات الكيلو مترات وهي ف الحقيقة اقل من متر .

اخذت الكأس وانا ارجف لم املأه بل اخذت اسرع مايمكن اخذه وبللت به فمي كررتها اكثر من مرة ولكن ذلك العطش لم ينتهي ، لم يرتوي ، يأست

القيت نفسي على اقرب اريكة ، كنت متعبة جداً ، بكيت كثيراً ، عصرني الوجع ، ثم صوت بداخلي قال

"دعيه يأتي"

من ؟

"الموت"

"دعيه يأتي ، استسلمي"

انا قلقة لكني لا اخشى الموت ، اقلق على اهلي و احبتي منه ، لكني لا اخشاه .

توقفت عن محاولة التنفس ، وتركتني اختنق ، اغلقت عيني ، استسلمت ، سقطت دمعة من عيني المغلقة ودخلت اذني فلم اسمع وقتها سوى دمعتي تعبث مع طبلة اذني لم اعد اسمع نبضات قلبي و روحي تصعد لحنجرتي وصدري يصعد ويهبط وعظامه ، عظامه كان المها لا يُحتمل وكأن احد ما قد ضربها بعصا حديدية ، كانت ممزقة ومتورمة

مت .

او هكذا شعرت حتى ايقظتني الشمس السابعه صباحاً ، حين استيقظت شعرت بالالم ينبض في كل خلية من جسدي ، لقد مت قبل ساعات و بُعثت خرجت روحي لقد شعرت بذلك اقسم ، ان لم يكن ذلك خروج الروح فما هو اذن !

نهضت بصعوبة من تلقى ضرباً مبرحاً بالامس وتم دفنه بحجة ان لا احد سينجو بعد ذلك الضرب .

عدت لغرفتي بعد مخاض طويل نتاجه

طفل خُنق بحبله السري فولد ميتاً .

تكورت على نفسي كجنين وغفيت


اتساءل الان اين كان الجميع ؟ بينما كنت اخوض كل تلك الحرب لوحدي ، وكأن الجميع اختفى وبقيت اقاوم موت لابد منه ، لقد ابتلعني القلق يا امي ولا زلت في بطنه اقاوم ،

ابكي الآن لأنه ليس الحوت ولست انا يونس .

انا اقلق على من يقلقون مثلي ، قلقة وانا اكتب الآن من قلق ابتلعهم معي ـ قلقة عليهم ممن حولهم ، قلقة من حرب خضناها و سنخوضها أكثر من مرة في اسبوع من مخاض نخرج منه ونحن نعلم انها ليست المرة الاخيرة .

أنا اقلق .