-الخيارات السيئة-
بقلمي: عبدالمجيد بن سعيد
سأعطيك طبقين من الطعام وبسعر موحد عشرة ريالات وعليك أن تختار ...الطبق الأول فاخر جدا والطبق الآخر عادي جدا.
س/ ماذا ستختار؟! ...
بلا أدنى شك ستختار الطبق الفاخر، ولكن هل سئلت نفسك لماذا دائما نختار الخيار الأفضل ونترك الخيار العادي والذي يسد حاجاتنا!.
إن صفة الطمع والكسب مغروسة ومتجذرة في أعماق النفس البشرية، فالإنسان طامع وراغب في كل أمر يزيد من مكتسباته الحسية والمعنوية. ولنقل بصريح العبارة أن الإنسان مجبول على حب الكسب والربح وهذه الجبلة تجعله في صراعات مضنية ومنغصات تعكر صفو حياته وتجعله يصارع خياراته ويحترق من شأنها.
هل أنت الوحيد الذي شعر بخيبات أمل عندما رسم آماله الطموحة وتفاجئ بنتائج الواقع الصريح؟، الجواب لست الوحيد. عندما تكون طامعاً طامحاً ذو أحلام جميلة يصارع الحياة لتحقيق المنشود المفقود. ستأتيك الخيارات السيئة التي ترغمك على الاختيار، ومن هنا حكم القناعة سيقرر تعاستك أم سعادتك.
سأتركك مع هذه القصة المختصرة ... ((قالت حليمة السعدية: قدمت مكة في نسوة من بني سعد نلتمس الرُّضعاء في سنة مجدبة (...).
قدمْنا مكة، فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عُرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه إذا قيل إنه يتيم، وحين تركناه قلنا: ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه؟ إنما نرجو المعروف من أبي الولد، فأما أمه فماذا تصنع إلينا ! فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعاً غيري.
فلم نجد غيره وأجمعنا الانطلاق قلت لزوجي الحارث بن عبدالعزى: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع، لأنطلق إلى ذلك اليتيم فلآخذنه.
فقال: لا عليك أن تفعلي، فعسى أن يجعل الله لنا فيه بركة.
فذهبت فأخذتُه، فوالله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره. ))
*ماذا حصل لحليمة السعدية بعد ذلك؟ لقد وجدت التيسير والخير العظيم والبركة في هذا الاختيار مع أنها كانت مرغمة يائسة بائسه.
هذه القصة تبين لك أن الظاهر للعين ليس نتيجته حتمية، فبواطن الأمور تبدي لك مع توالي الأيام.
لذلك لا تحزن عندما تجد الخيارات السيئة أمامك تبتسم ولا مناص منها، اقتنع بها وعش سالما سليم العقل من مقارنة الأقران وحسرة الوجدان، اقتنع بها فالقناعة ستر للذات يُغذيها الإيمان بأن كل شي مقسم بقدر والحمد لله.
قال العزيز الحكيم في محكم التنزيل ﴿وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾﴿البقرة: ٢١٦﴾.
قفلة: الخيارات السيئة تجبرك على الاختيار، ولكن التعاسة لا تجبرك.