لديك مشروع تجاري؟ إليك سر النجاح
٣ إبريل ٢٠١٧
عنوان مبتذل ومكرر كثيرًا؟ لا تقلق، التدوينة لن تقدم أية نصائح!
إذا كنت صاحب مشروع تجاري، أو تفكر جديًا ببدء مشروعك التجاري، فبلا شك تريد أن يكون مشروعك ناجحًا، ولكن لحظة.. ماذا يعني أن يكون المشروع ناجحًا؟ حتمًا لديك تعريف خاص بك، وكذلك عشرات الناس من حولنا، كل واحد منهم لديه إجابة خاصة فيه، فمثلاً سوف تسمع: “أن المحل يغص بالزبائن” أو “أن المنتج يتجاوز السعودية ويصبح عالميًا” أو “أن نحقق الملايين” أو "أن يتم الاستحواذ على المشروع من شركة عملاقة” … أو عبارة مبهمة ولا معنى لها مثل “أن نكون الأفضل”.
كنت في بداية عملي التجاري طموحًا بشكل ارتجالي، ولكن مع مرور السنوات بدأت أدرك أنه لابد من تحديد معايير واضحة للنجاح حتى تستطيع تقييم أدائك، وتعرف هل أنت تسير فعلاً بالطريق الصحيح أم لا. فلنأخذ التعريفات الشائعة للنجاح ونحللها هنا:
أن تكون شركة مرموقة
لها مكتب في مبنى فخم وفيها عدد كبير من الموظفين
هذا تعريف عاطفي بحت، ما يهم في التجارة هو النتائج المالية والاستراتيجية، أما المظاهر الخارجية فهي تحصيل حاصل ولا يفترض أن تكون معيارًا للنجاح. ما الفائدة من فخامة المكتب إذا لم تكن الشركة قادرة على تحقيق دخل جيد، وما الفائدة من العدد الكبير من الموظفين إذا كان وجود بعضهم هدرًا أو عبئًا على الشركة أكثر من قدرتها المالية.
تحقيق دخل عالي
مثلاً، ١٠٠ مليون ريال سنويًا.
كلمة “مليون” جميلة، ربما الأجمل منها “مليار”! ربما النجاح هو أن يحقق المشروع التجاري دخلاً (Revenue) قدره مليار ريال سنويًا؟ فمن هذا الذي سيفشل وفي حوزته إيرادات قدرها مليار ريال يمكنه صنع ما يشاء بها. هل هذا فعلاً معيار دقيق للنجاح؟ ليس تمامًا. إذا كان الدخل 1 مليار ولكن المصروفات 1.3 مليار، فقد يكون هنالك مشكلة. شركة “زين” للاتصالات مثلاً دخلها في عام ٢٠١٦ بلغ قرابة ٧ مليار ريال سعودي، ولكن تكلفة التشغيل والمصروفات بلغت قرابة ٨ مليار ريال سعودي. وهي ليست السنة الأولى التي تخسر فيها، بل يحدث هذا لها سنة وراء سنة. ربما هناك تعريف أكثر دقة للنجاح التجاري.
تحقيق أرباح عالية
مثلاً أن تكون الأرباح ١٠ مليون ريال سنويًا.
ربما هذا التعريف أكثر دقة من السابق، فهنا لا نريد دخلاً عاليًا فقط، بل أن يكون الدخل أعلى من تكلفة التشغيل والمصروفات، وبالتالي يكون صافي الربح (Net income) عاليًا.. هذا من الناحية قصيرة المدى مؤشر جيد فعلاً، ولكن المشكلة، أنه قصير المدى! هذا المعيار يعطي الأولوية للأرباح على حساب التوسع واستهداف الحصة السوقية.
أمازون، مستعمرة التجارة الإلكترونية، والتي يتجاوز عمرها الـ 20 عامًا، لم تحقق أرباحًا تذكر حتى يومنا هذا، ولا تريد تحقيق أرباح -على الأرجح- للعشر سنوات القادمة، لماذا؟ يقول مؤسس أمازون جيف بيزوس: “سأستمر بالاستثمار (التوسع) لأن سحب الأرباح من المشروع يعني التضحية بالفرص”. أمازون رغم ضخامتها لا تشكل سوى 1٪ من سوق التجزئة الأمريكي، وأقل من ذلك عالميًا، وهذا في نظر بيزوس سوق يجب التوسع فيه. (مقال جيد عن ربحية أمازون). شركة “تسلا” الصاعدة لديها نفس السلوك.
توضيح هام هنا، عندما نتحدث عن الأرباح فنحن لا نتحدث عن “الكاش”. من الممكن أن يكون الكاش عاليًا ولكن الشركة خاسرة، أو العكس تمامًا. كما أنه ينبغي توضيح أن أمازون ليست خاسرة، وإنما لا تحقق ربحًا بالقدر الذي يمكنها تحقيقه لو أرادت التضحية بتوسعها المطّرد.
النمو
أن يحقق المشروع نموًا عاليًا
من الفقرة السابقة ربما نستطيع أن نجزم، أن المشروع الناجح هو المشروع الذي يستطيع النمو (Growth) بشكل عالي، أن يزداد حجمه كل عام، أن تزداد حصته السوقية بشكل مستمر، مثلاً أن تزداد مبيعات المنتج 20٪ كل شهر، أو أن يزداد مستخدمي التطبيق 50% شهريًا، أو أن يزداد عدد الفروع 100% كل سنة، الدخول على دول جديدة، والاستمرار بالزيادة والتوسع سنة وراء أخرى.. أن يكون هنالك نمو تدريجي من منتج بدائي، أو تطبيق مصغر، أو محل بسيط، إلى منتج لديه مصانع ضخمة، أو منصة إلكترونية يستخدمها الملايين، أو محلاً يفتح فرعًا كل أسبوع في دولة جديدة حول العالم.
مشكلة بسيطة هنا، أن النمو، رغم جاذبيته الكبيرة، والشعور اللذيذ الذي يأتي معه، يجلب الكثير من المخاوف على المؤسسين والمستثمرين خوفًا من السقوط المفاجئ. كلما ازددت ضخامة، كلما أصبحت ثقيلاً، أكثر بيروقراطية، قدرتك على الابتكار والتنويع أصعب. فماذا لو لم يعد منتجك تنافسيًا؟ ماذا لو ظهر منافس شرس يقدم سعرًا أقل منك أو منتجًا بجودة أعلى؟ ماذا لو تغير ذوق الناس وفجأة تستوعب متأخرًا أن ما تقدمه لم يعد مرغوبًا؟