قيمة واحدة.. تبني أو تهدم


إنّ مُهمّتي ليست أن أغير العالم.. فأنا لم أُعطَ من الفضائل ما يسمح لي ببلوغ هذه الغاية، ولكنني أحاول أن أدافع عن بعض القيم التي بدونها تُصبح الحياة غير جديرة بأن نحياها، ويصبح الإنسان غير جدير بالاحترام!




أهلاً مُجدداً !

هكذا وصف ألبير كامو أهمية القيم في بناء المجتمعات، وكيف أن القيمة ركيزة أساسية للحياة، والإنسان.. والنفس واحترامها قبل هذا كلّه. ولهذا اخترتُ موضوع القيم لمقالة هذا الأسبوع.. حتى نُبحر في ذواتنا أكثر ونفهم التكوين العميق لتلك القيم التي نؤمن بها، وندافع عنها بشراسة في كثير من الأحيان، كيف تكوّنت؟ وماهي المؤثرات الأساسية عليها.. وما دورها وأهميتها في بناء الثقافة والمنظمات والمجتمعات..

عندما نتحدّث عن شركة معينة، فبالتأكيد يتبادر لذهنك تصميم مكاتبها الرحبة، وموظّفوها البشوشون.. والهندامات المرتبة والكثير من التفاصيل الدقيقة التي تهتم بها لتظهر بالشكل التي تُريد أن يتحدث الناسُ به عنها، وكذلك المدن والدول وثقافات شعوبها المختلفة.. ومن هُنا تماماً تأتي أهميّة القيم في بناء المجتمعات التي تمثّل قيمة وشخصية الفرد الواحد منها..


فكّر..

عندما تعزز لديك قيمة احترام الوقت فأنت تحسّن صورتك أمام عملاءك، وتحظى بالمزيد والمزيد من الفرص والتحديات الجديدة التي لا تتأجل مراراً وتكراراً بسبب تأجيلك المستمر.. وربما يكون بعضها غير قابل للتأجيل، فتفقدها تماماً


عندما تتّخذ الصدق كقيمة لا تقبل التفاوض أو التنازل، فأنت تحظى بثقة من هم حولك، وتخلق لنفسك فرصاً دائمة بالتراجع عن الخطأ وتصحيحه مما يُكسبك خفّة لا مثيل لها!


هل فهمت المغزى من هذا كله؟

نعم.. القيمة تعني أسلوب حياةٍ كامل! ولهذا فمن الضروري أن نراجع قيمنا ومبادئنا بين الحينة والأخرى، وأن نحرص على اختيار من نقضي معهم جُلّ أوقاتنا.. فكما قيل في القول المأثور “الصاحب ساحب”.



كيف نستطيع أن نبني قيمنا ونُحافظ عليها؟

بدايةً، سأعُرّف القيمة كدليل إرشادي لتصرفات الفرد! فهو يُراجع قيمه ومبادئه قبل فعل أيّ شيء في حياته، لذلك أسميتها دليلاً


إذن، كيف تتكوّن إرشادات الدليل؟
تمرّ القيم بثلاث مراحل قبل تكوّنها لدى الفرد:

الوعي: وهو أن يعي الفرد أهمية تلك القيمة وأنها ستضيف الكثير لحياته عندما يلتزم بها

المشاعر: وهو أن يُقدّر ويحترم ويشعر بمشاعر ايجابية تجاه من يحملون تلك القيمة

السلوك: وهو تحوّل القيمة لعادة، والعادة لسلوك مؤثر على حياة الفرد


والعادة يُمكن بناءها بسهولة بالإصرار والتعلم ومجاهدة النفس عليها، وتصبح بمرور الوقت صفات تشكّل السمات الأساسية من شخصياتنا وسمعتنا.. تماماً كالشركات والمدن والدول التي ذكرنتها لكم في الأعلى!




بعناية.. وهدوء

بعد أن أدركت أهميّة القيم لبناء شخصيتك وسمعتك، جاء دور أهميتها في حياتنا المهنية، ومدى تأثير من نعمل معهم على قيمنا وسلوكياتنا.. سأعود مجدداً لمثال الشركة! هل تظنّ أن ثقافة الشركة تكوّنت بمحض الصدفة؟ بالتأكيد لا، فقد اهتمّ صاحبها باختيار موظفيه بـ عناية وهدوء والتأكد من مناسبة شخصياتهم قبل خبراتهم للمكان وقيمه! لأن القيم تنتشر بمراحل تفوق الخبرة، لأنها تؤثر بدون توجيهات مباشرة على المحيطين بك! مما يعني أنّ الشركة التي تطمح لرؤية موظفيها وعملاءها منسجمين غاية الانسجام تتحول إلى ساحة إطفاء حرائق بشكل مستمر، بسبب اختلاف الطبائع والآراء.. والقيم



أخيراً، أختم بالأبيات الشعرية الرائعة للشاعر سالم بن صالح، وفيها اختصارٌ لأهم قيمة يجب أن يكتسبها المرء لينال الذكر الطيب في حياته.. وبعد مماته!


“حسّن فعالك واجنح للتقى أبــــداً

وسل من الله حسن الخلْق والخلُقِ

وطهر القلب من شك ومن دنس

فآفة الثـــوب أن يطوى على خَلَقِِ”



أسألُ الله لي ولكم طيب الخُلق، وثبات المبادئ والقيم!

ممتن لقرائتكم



Join