لن أنسى آخر مرة قابلتها فيها..

حبي الأول والأخير..

كان لقاءنا أول مرة صدفة عند محطة (أبفيل) بينما كنت أجد أن لقاءنا كانا مكتوبا.. كانت تبيع الورد للمارة.. وعندما اقتربت مني لتسألني إن كنت أريد أن أشتري وردة، نظرة في عينيها وحينها احترت أيهم الورد أمامي.. موقف قد أراه الآن ذكرى عابرة لطيفة.. صحيح أن لقاءنا كانا مكتوبا لكن وداعنا أيضا كان مكتوب أن يحصل.. مهما نظرت من زوايا مختلفة أجد أننا نفترق لنسير في طرق موازية لا تلتقي..

كان من المفترض أن نلتقي عند مقهى (بروكوب) حتى نساوي بعض الخلافات التي دارت بيننا ونصلح العلاقة، قد مرة على فترة خطوبتنا 9 أشهر.. أحضرت بعض الورد التي تحبه (روزا-دوبل ديلايت) لطالما كانت مهتمة بزراعة هذه الوردة في حديقتها. لم أتوقع أن يكون يوما ماطرا لذا لم أحضر معي مظلتي.. وصلت عند الرصيف المقابل للمقهى وقبل أن أعبر الطريق رأيتها، كانت ترتدي معطفا رماديا وبجانبها حقيبتا سفر.. لم تجاريني عيناي في استيعاب ما تراه لكن هي لحظات حتى انهالت عيناي بالدموع.

كان اللقاء عبارة عن نظرات.. هي فقط تلك النظرات.. نظرات قد ملأتها الحسرة.. كانت عيانها وكأنهما بئر ماء يريد أن ينفجر.. لم نتحدث.. ليس لأن هنالك ما يمنعنا، لكن أعتقد أن أعيننا تحدثت بما فيه الكفاية.. كانت تحمل حقائب سفرها بينما كنت أحمل باقة الورد ظنا مني بأن هنالك أمل.. رغم أني قد قطفت تلك الأزهار بنفسي اليوم.. لكن لم أحسب حساب الجزء الذابل منها.. أو بالأصح ذلك القلب الذي ذبل.. رغم الكلمات التي تصرخ بداخلي أكتفت عيناي بالحديث.. دمعة تسير على خدي أشبه بنار على قلبي، يبدوا أن المطر هطل ليخفف من ألم هذا الحرق الذي أشعر به بصدري. أريدها أن تبقى.. أريد أن أخبرها بصدق حبي لها.. ليست بكلمة ولا إثنين لا لا .. بل ألف فعل! حتى تعود.. بكت هي الأخرى لكن بكاها كان غصة بالنسبة لي.. لا أريد أن أراها تتألم.. ليس مجددا.. أريد أن أخذها بحضني واخفف عنها كل آلامها..

قلت في نفسي: يبدوا انه الوداع.. عندما أنظر للوراء.. ليس خلفي انما في الماضي.. أجد اننا لم نسر أبدا في طريق واحد.. بل كانت طرق متوازية.. لم تتقابل طرقنا قط.. بينما أرواحنا فعلت.. لكن ليس إلا للحظات.. هذا ما أدركه الآن..
 
وصلت عربة أجرة ومن الواضح انها كانت لها.. نزعت خاتم الخطوبة وفيها شهقة قوية وتركته على طاولة بخارج المقهى ورحلت.. حتى انها لم تأخذ الورد الذي أحضرته لها.. بينما كانت سيارة الأجرة تسير لم تنظر هي بالخلف أبدا.. تمنيت ولو للحظة واحدة أن أرى وجهها لآخر مرة..

لم يتوقف المطر عن الهطول.. وضعت باقة الورد بجانب الخاتم ورحلت.. لم أستوعب ما فعلت.. لا أدري ما الذي كنت أفكر به.. هل ظننت للحظة واحدة أن تعود للوراء وتحمل باقة الورد وترتدي الخاتم.. هل أردت أن أودع كل هذا.. أعتقد أنني ظننت أن شكل الورد يليق أن يكون بجانب الخاتم.. ولم يتوقف المطر.

نظن في بعض الأحيان أننا يجب أن نسير في طريق واحدة مع شخص أو أشخاص لا نريد أن نرى طرقنا تفترق.. لكن ليس معنى افتراق الطرق أننا لا نسير في طرق “موازية” كل له طريقه وهذا لا يعني أنهم رحلوا أو رحة تلك الذكريات أو المشاعر التي نكنها لهم.. هي باقية وستجدهم بجوارك يهتفون لك.. يسألوك عن حالك من فترة لفترة.. لأن طرقكم “موازية” لبعض.. لا تسيرون في نفس الطريق صحيح لكن تسيرون في نفس الاتجاه.

مفهوم قد أدركته قبل فترة كنت أتمنى لو أدركته من قبل.


Join