أزمة طالب العلم الحديث!


بسم الله الرحمن الرحيم، أول تدوينة لي في هذا الموقع الرائع، أسأل الله التوفيق والسداد

همة عالية وحماس مشتعل، هذه كانت مشاعري حينما بدأت مشواري الجامعي، وحين خطت قدمي الخطوة الأولى داخل مباني الجامعة، كانت هناك الكثير من التوقعات والآمال، لكن شيئا فشيئا تلاشت!
شيئا فشيئا اكتشف أن الواقع مختلف تماما عن الآمال التي كانت لدي!
أحد تلك الأمور التي خيبت ظنوني، أزمة طالب العلم الحديث!

عندما نقرأ ونستمع لرحلات طلب العلم في قديم الزمان، نجد العجب العجاب!
سفر لمسافات طويلة سيرا على الأقدام وركوبا على الدواب، كتابة دواوين في فترات قياسية بأدوات بسيطة، نوم لفترات وجيزة، كان هذا ديدنهم!

نوم قليل وسفر طويل وتدوين لا ينقطع! 

وعندما نقارن تلك الحقبة بما لدينا الآن، نجد أن الوسائل تطورت، والعلوم انتشرت، ولكن!
وبكل أسف تلاشى طالب العلم.  


ما الذي حصل؟!

بات طالب العلم في الآونة الأخيرة كسولا، لا يريد أن يبذل أدنى مجهود، يريد من معلمه أن يختصر له المعلومات ويلقنها له تلقينا، يريد من يطعمه المعلومة إطعاما!
وهيهات لو زاد عليه المعلم في التكاليف، ستجده يدعي على معلمه ويغتابه وينتقده، بل ويصبح أسوء الأساتذة، الأستاذ الذي يطلب التكاليف والواجبات من الطلبة!

بل وهذا يهون أمام الاختبارات التي يقررها المعلم، فلو كان فيها سؤال فيه صعوبة، أو سؤال يحتاج تحليل وتدقيق، ستجد الطلاب يشتمون معلمهم ويسخطون عليه!
ولو حصل وانتهى العام الدراسي وظهرت الدرجات التي كانت نتيجة إهمال طالب العلم الحديث وتسويفه وتذمره، تجده يضع كل اللوم على معلمه وأنه ظالم ومستبد!

ولو اقتربت من طالب العلم الحديث، ستجد أنه لا يكترث بالمحاضرات، يتغيب، أو يحضر وهو مُقفَل الأذنين، لا يشارك ولا يسأل ويجلس في آخر مقعد، وبعد المحاضرة لا يراجع ما أخذ، ولا يفتح كتابه إلا قبل الاختبار بساعات، بل وربما لا يكون لديه الكتاب فيطلب من زملائه ملخص موجز لكي يبرأ ذمته بأنه اجتهد وبحث!
ولو تكرم على المادة التي يدرسها وفتح كتابها، تجده يتسخط(كيف يعطونا مثل هذا المنهج الصعب! هذا المعلم مجرم حدد لنا 100 صفحة نذاكرها! لا أفهم شيئا وجامعتنا/مدرستنا أسوء مكان!) 


بالله عليكم هل يفلح مثل هذا؟
هذه أزمة طالب العلم الحديث، كل شيء حوله هو السبب في عثراته، إلا نفسه(سبحان الله)!

ملخص الأزمة..

أزمة طالب العلم الحديث، أنه يبرر لنفسه كل شيء، ولا يريد أن يبذل أدنى مجهود في حياته الدراسية، وينظر إليها بعين الازدراء..
لا بد لنا جميعا أن نتعلم ونفهم قيمة العلم وطلب العلم لكي لا نقع في هذه الأزمة، طلب العلم عبادة عظيمة، تأمل بالله عليك في الحديث الذي كنا نقرأه كل يوم في الإذاعة المدرسية:

عَنْ أَبي الدَّرْداءِ، ، قَال: سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ، يقولُ: منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ، وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ. رواهُ أَبُو داود والترمذيُّ.


ولا بد لنا جميعا أن نتيقن بأنه لا نجاح بلا جهد، وبأننا في تعلمنا للعلوم بمختلف أشكالها نكون قد نفذنا أوامر الله بالعلم والتعلم، ونُكَون أنفسنا ونبني مستقبلنا كبشر، لذلك لا بد لنا من أن نتوسع ونتمكن من العلوم التي بين أيدينا، لغد أجمل إن شاء الله!


كُتِب بقلم مَحمُود بن عِمَاد خُوجَه
دمتم بخير !