استطراد 3
!نظرية الشابورة
انغماس!
ما أجمل الصباح بنسماته العليلة، وبشروق الشمس وطلتها البهية(إلا بالصيف طبعا)، ويكتمل الصباح بكأس من الشاي الممزوج بالحليب مع ملعقة من العسل وبجانبه مجموعة من “الشوابير” (جمع شابورة كما اعتقد).
وتبدأ هنا الرحلة الترفيهية لحبات الشابورة، حيث يتم غمسها بكل حب في بركة ذلك الشاي الدافئ ذو الرائحة العطرة، ويبدأ من غمس الشابورة بتحريكها بعناية لثوانٍ معدودة، ثم يخرجها بعد أن امتصت بعض من الشاي وأصبحت حلوة المذاق!
اعتقد أنك الآن تذكرت تلك اللحظات التي قضيتها وأنت تتناول تلك الوجبة سواء بمفردك أو مع عائلتك، سواء في منزلك أو خارجه، لحظات لا تنسى!
لكن ماذا لو!؟
ماذا لو غمست الشابورة في بركة الشاي لمدة أقل من اللازم؟
ستخرج الشابورة وهي على حالها، فلا هي التي امتزج طعمها بطعم الشاي
ولا هي التي أصبحت لينة وسهلة المضغ!
أما لو أطلت غمس الشابورة، ستجد أنها تخرج طرية جدا وربما سقطت عليك أجزاء منها وغيرت مزاجك مع ذلك الصباح!
أو ربما تفككت وانكسرت داخل كأس الشاي، وهنا يتدخل مراقب بركة الشاي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلك القطع المتفرقة والغارقة!
ياخي أُخلص علينا وش تبي؟
صل على النبي وكمل معي..
إننا مثل قطع الشابورة، وكؤوس الشاي الدافئ مثل مشاغل الحياة، ولكي نعيش وتستمر الحياة لا بد أن نغمس أنفسنا في عدة أكواب مليئة بالشاي.
فإذا غمسنا أنفسنا في كأس من الكؤوس، وانغمسنا فيه لمدة أكثر من اللازم، سنبدأ تدريجيا بالتكسر داخل ذلك الكأس!
ولو غمسنا أنفسنا في كأس من الكؤوس لمدة أقل من اللازم، سنخرج منه ولم نستفد شيئا!
هل رأيت صورة الأحجار في أول التدوينة؟
إننا في أمور حياتنا لا بد أن نتوازن، ونرتب الأولويات لتصبح مثل الأحجار المتراصة في تلك الصورة أعلى التدوينة
وكذلك ينبغي علينا أن نتذكر أننا كالشابورة، وكلما خضنا في أمر من الأمور لا بد أن لا نعطيه أقل أو أكثر من حجمه
وإلا لن نستفيد أبدا، أو سنضيع داخل ذلك الأمر الذي انغمسنا فيه، وحين نضيع داخل أمر من الأمور، سنبدأ بالتقصير في كل مسؤولياتنا!
من السيرة النبوية!
النبي صلى الله عليه وسلم، آخى بين سلمان الفارسي وأبو الدرداء رضي الله عنهما
وفي أحد الأيام، زار سلمان الفارسي أبا الدرداء-رضي الله عنهما-في منزله
ورأى سلمان الفارسي أن أبو الدرداء-رضي الله عنهما-لا حاجة له في الدنيا
فلا يقوم بحاجات زوجته
ويصوم كل يوم
ويقوم كل الليل
فعندما جاء الفجر، وصليا معا رضي الله عنهما، قال سلمان لأبي الدرداء:(إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ)
وذهب أبو الدرداء للنبي عليه الصلاة والسلام وأخبره بما حدث
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((صَدَقَ سَلْمَانُ))
أخيرا..
إن التوازن أمر مهم لا بد أن يعمل الإنسان على تحقيقه، لأنه سينعكس على كل أمور حياته
فذلك المتوازن، تجده لا يقصر في عبادته،
ولا مع حاجات نفسه،
ولا مع حاجات أهله،
وتجد أنه يعطي لكل شيء الوقت والجهد المناسبين!
لذلك، لنعمل على تحقيق التوازن، ولننتبه من أن ننغمس في شيء لمدة أكثر من اللازم، ثم نتفكك كالشابورة ونبحث عن من ينقذنا من الغرق!
ذلك لغدٍ أجمل إن شاء الله!
شكرا لكم على حسن قرائتكم، شكرا لكم على مروركم
إن شاء الله تكون التدوينة نالت على إعجابكم
إن رأيت أنها تستحق النشر سأكون ممتن لذلك
كُتِب بقلم مَحمُود بن عِمَاد خُوجَه
شرفني على مواقع التواصل أسفل هذا النص
دمتم بخير !