!قصة الفحم
استطراد 5
أحيانا..نشعر أننا مثقلون بالمسؤوليات والمهام، نشعر أننا متعبون من كثرة الالتزمات التي تثقل ظهورنا، نشعر بأننا نريد أن نتوقف ونتخلى عن كل شيء ونخلد إلى الراحة؛ إن كنت مررت بهذه المشاعر وهذه الحالة، فهذه التدوينة كُتبت لأجلك، قراءة ممتعة!
أحمد المكروف على وجهه
في يوم من أيام الصيف الحارقة، كان أحمد يتصبب عرقا وهو يعمل على إحدى المشاريع المطلوبة منه، كان يعمل بجد، بتنظيم ودقة متناهية، ولكن فجأة!
أخطأ أحمد في إحدى الخطوات، وبسبب هذا الخطأ، سيضطر أحمد لإعادة عمل المشروع من جديد!
هنا نظر أحمد لمكتبه الذي كان يعمل عليه، نظر للأوراق التي سيضطر أن يستبدلها بأخرى جديدة، ونظر إلى جهازه الذي توّج بشعار التفاحة المقضومة، نظر إلى كل الملفات التي دخل إليها، نظراته كانت مليئة بالحزن واليأس، نظرات متعبة وعينان مرهقة بدأت بالاحمرار، وفي لحظات أغلق أحمد جهازه المحمول وذهب وارتمى على سريره، ذلك السرير الذي امتلأ بالأوراق والأعمال والمشاريع التي كان يعمل عليها أحمد!
في تلك اللحظات، سمع أحمد صوت هاتفه معلنا وجود اتصال، وبدأ يبحث عن هاتفه إلى أن وجده تحت مجموعة من الأوراق التي كان يعمل عليها
نظر إلى اسم المتصل، ووجد أن المتصل هو معلمه عبد الإله..
اتصال..
رد أحمد على اتصال معلمه، وانهالت عبارات الترحيب بين الطرفين، وبدأ كل واحد منهم يسرد أحواله وأخباره..
وهنا أخبر أحمد معلمه بما حصل معه
وأخبره بأن رأسه يكاد ينفجر من كثرة المهام والالتزامات المتراكمة عليه
فهنا مشاريع يقوم بها لأجل جامعته، وهناك مهام متعلقة بالوظيفة المؤقتة الذي يعمل بها خلال دراسته، ومن جهة أخرى لديه مهام يومية خاصة به، وعائلة يجب أن يعطيهم حقهم ويؤدي واجبه تجاهم، وسرد أحمد كل همومه لمعلمه..
هنا قال المعلم، هل تعلم يا أحمد كيف يتكون الألماس؟
قال أحمد باستغراب، لا يا معلمي، ولكن ما علاقة هذا السؤال بكل ما ذكرته لك؟
قال المعلم، إن الألماس في الأصل يكون فحما!
قال أحمد وهو مصدوم، كيف ذلك!؟
قال المعلم، أنصت يا أحمد للقصة التي سأرويها لك..
الوجهة: باطن الأرض
سنويا، تقرر بعض حبات الفحم أن تصبح متميزة، فتذهب وتجتمع في أماكن محددة من الأرض وهذه المناطق هي التي تكثر بها التصدعات
وتبقى حبات الفحم المتميزة تتجمع في تلك المناطق إلى أن يحدث تصدع، وتنزلق حبات الفحم هذه إلى باطن الأرض أثناء حدوث هذا التصدع!
وتمر هذه الحبات في رحلة عبر باطن الأرض إلى أن تستقر، وكما نعلم، أن باطن الأرض عبارة عن مكان ذو حرارة عالية وضغط شديد!
وأغلب المخلوقات الحية لا تقوى على أن تعيش في باطن الأرض من شدة حرارته وقوة الضغط فيه!
صُمود..
ولكن حبات الفحم المميزة تعلم ذلك، تعلم أنها ستواجه حرارة وضغطا منقطعا النظير!
تعيش هذه الحبات لأعوام عديدة، تستسلم بعض الحبات ولا تتحمل هذه الصعوبات فتنسكر
وفي الوقت ذاته، تصمد باقي الحبات في مواجهة الصعاب، تقاتل هذه الحبات الصامدة وتحارب كل العوائق لأجل غاية واضحة، لأنها تعلم أنها ستصبح ألماسا!
هذا الصمود تجاه الصعاب يجعل الفحم قويا، وتستمر حبات الفحم في الصمود فتزداد قوة، إلى أن تصبح ألماسا بعد سنين طويلة!
وبعد أن تتحول حبات الفحم الهشة الضعيفة زهيدة الثمن إلى ألماس قوي صلب باهظ الثمن، تبدأ رحلة الخروج من باطن الأرض..
الخروج بعد التغلب على كل الصعاب والمتاعب!
هكذا نحن!
إن البشر متشابهين، وكلنا مثل حبات الفحم ونمتلك نفس صفاتها، ولكن!
بعضنا يقرر أن يبدأ رحلة التحول إلى ألماس، ولكن نحن معاشر البشر لا نذهب إلى باطن الأرض..
لأن الحياة ومصاعبها والمتاعب التي فيها هي بمثابة باطن الأرض بالنسبة لنا!
فهذه المسؤوليات والمهام والالتزامات هي التي تصنعنا، وهي سر زيادة قوتنا وتحولنا من فحم إلى ألماس!