أشياء لا أحد يقولها لك عن الحمل

الجزء الثالث

4- التجهيز للحمل والولادة -تجهيز العش أو التعشيش - أسهل جزء منه هو شراء الأغراض المادية، تحتاجين أنت وزوجك للاستعداد الجسدي والنفسي وتهيئة أنفسكما قدر الإمكان، القراءة والبحث في المواضيع المهمة والضرورية سواء في الحمل أو التربية، سؤال أهل التجربة والخبرة والمختصين، الالتزام بالمواعيد الصحية أو نظام غذائي صحي حسب حالتك في الحمل، ولو فعلتما كل هذا بالإضافة لشراء ملابس وحاجيات الطفل الجديدة فلربما تصلان لمرحلة مقبولة من الاستعداد النفسي. عني لا أدري إن كنت وصلت لهذه المرحلة من الاستعداد أو لا، يبدو لي كأنني كنت أدرس نظرياً طوال أشهر الحمل وقبله، في حين أن الاختبار عملي ولن أكتشف قصور استعدادي إلا في لحظة الاختبار. كان الاستعداد النفسي والقراءة والبحث في مواضيع التربية ولا زال أصعب الأجزاء بالنسبة لي، فهناك الكثير مما نحتاج لمعرفته، وهناك آراء مختلفة ومتعارضة في كل مسائل التربية تقريباً، وكثير منها تحتاجين لتجربته مع طفلتك لتحكمي على فعالية الوسيلة التربوية، بالإضافة لحاجتك لمناقشة كل هذه التفاصيل مع زوجك وفحص أي الآراء أقرب لكما. وفوق هذا هناك الهلع والخوف والتساؤل عن اختياراتكما وتأثيرها على طفلتكما.

5- الاستعداد للحمل والولادة من أكثر اللحظات المحورية والمفصلية في حياتي، وحياة المرأة وحياة أي زوجين، فهي التمهيد للتغيير الكبير الذي سيحدث لحياتهما بقدوم طرف ثالث للعائلة، لكن ما يحدث أن المجتمع والأسواق والثقافة الحديثة تسرق كل هذا من المرأة خصوصاً ومن الزوجين عموماً، وتحوله لحدث استهلاكي مبهرج يدفع فيه الزوجان مبالغ كبيرة على أشياء لا يحتاجانها ومظاهر لا تخدمهما ولا تقدم لهما شيئاً بل تراكمها والإعداد لها يسرق منهما القدرة على عيش اللحظة والاستمتاع بها. فالمحلات تتسابق على اقتناصك بمجرد رؤية امرأة حامل تدخل من الباب، واقتصادياً تعتبر الأم والأب اللذان ينتظران مولوداً أول كنزاً للمحلات والعلامات التجارية، فهم يعون جيداً الفرحة والحاجات الكثيرة التي تعتمل في نفوس الأمهات والآباء الجديد، ويحاولون استغلالهما عن طريق جعلهما يشتريان أكثر وأكثر لطفلتهما المنتظرة، فهم يوفرون منفذاً استهلاكياً سريعاً ومربحاً لهم لمشاعر ومخاوف ورغبات الأم والأب الجديدان، كما أن هذه المحلات التجارية تريد كسب هذه الأم والأم كزبائن دائمين، لأن المولود الجديد سيحتاج دوماً لأغراض الجديدة، ولهذا ستقوم هذه المحلات بكل ما في وسعها لكسبكما زبونين دائمين.

حاولت وحاولت وحاولت حماية تجربتي الأولى من أن تكون مجرد احتفال استهلاكي، أريدها أن تكون تجربة حميمية ومثرية وخالية من كل ما يفقدني الاستمتاع بها.

6- الأمهات يختلفن، والأطفال يختلفون، لا توجد طريقة واحدة صحيحة وصالحة لكل الأمهات والأطفال في التربية أو الرضاعة أو النوم أو غيرها. وهذا لا يعني أن فلانة أم سيئة لأنها نصحتك بشيء لم ينفعك أو يناسب طفلتك، بل يعني فقط أنها كانت مخلصة عندما قدمت لك نصيحة تراها ثمينة لأنها ساعدتها وناسبتها. حتى مراحل الحمل والأعراض المصاحبة له مختلفة بين النساء، من أكثر التعليقات التي سمعتها أن الثامن هو أثقل الأشهر وأطولها وأكثرها إرهاقاً، بينما كنت في الثامن أخف نفساً وجسداً بل أكاد أقول أفضل صحة من السابع، صحيح أن بطني كان أكبر ومفاصلي انتفخت أكثر لكنني أشعر أني أخف، لا أدري لما تحديداً، لكن كل ما أقوله أن التجارب تختلف لأننا مختلفات وأجنتنا مختلفون.

7- حركة الجنين في بطن أمه من أكثر اللحظات متعة وتخلق شعوراً فريداً ونادراً بأنك تلامسين الحياة، استمتعي بها واقتنصيها لتهدئي قليلاً وتشعري بجنينك وتهدئيها وتحدثيها.

8- أنت في الحمل وفي كل شهر مختلفة، خذي صوراً لوجهك وشكلك ككل، ولا تكتفي بتصوير حجم بطنك كل شهر، فلا يكفي هذا لتوثيق تجربتك بالصور.

9- تجملي وارتدي ملابس جميلة وأبرزي التغيرات التي تمرين بها، صحيح أنك فقدت قوامك وبضعة أشياء أخرى، لكنك لا تزالين جميلة، بل أنت في أجمل تجليات الحياة والأمومة.

10- استغلي فرصة الحمل لخلق عادات صحية. أصبت بسكري الحمل خلال الأشهر الأخيرة، وتبعاً لهذا احتجت لاتباع بضعة نصائح صحية مخالفتها لها عواقب مخيفة:

‌أ- حمية سكري الحمل 2000 سعرة حرارية، وتشمل تخفيف النشويات، وأخذ بروتينات وكالسيوم في كل وجبة.

‌ب- تناول 3 وجبات بينها 6 ساعات، وتناول وجبة خفيفة بعد 3 ساعات من كل وجبة.

‌ج- فحص سكري عن طريق الجهاز المنزل 4 مرات خلال اليوم: قبل الفطور، وبعد الوجبات الرئيسية بساعتين، ويجب أن تكون القراءات في كل مرة ضمن المعدل الطبيعي.

‌د- شرب 3 لترات من الماء أو أكثر.

‌ه- الامتناع عن الحلويات والشوكولاته والسكريات.

‌و- المشي لمدة نصف ساعة على الأقل يومياً.

11- وقد أفادتني محاولة اتباع هذا البرنامج في خلق عادات صحية عانيت كثيراً لتكوينها سابقاً:

‌أ-      الاستيقاظ والنوم مبكراً.

‌ب-    الوعي الصحي بطعامي، أصبح ذهني تلقائياً يحسب كمية النشويات والدهن والسكريات في طعامي، وكميته ووقت تناوله. ومشاهدة النتائج السريعة نتيجة التزامي أو عدم التزامي بحميتي بمجرد فحصي للسكر بعد تناولي للوجية بساعتين.

‌ج-    الالتزام بأوقات تناول الطعام مناسبة لعملية الهضم ونشاط الجسم. كنت أحذف وجبة الغداء أو أتناول العشاء متأخراً.

‌د-      تخفيف النشويات سهل، والامتناع عن الحلويات والشوكولاته ممكن، والشبع ممكن بطعام معد بطريقة ومكونات صحية.

‌ه-      التفكير في وجبات يومي والإعداد لها مسبقاً جعلني أزهد في أكل المطاعم، فعدا عن استحالة أن أجد وجبة صحية معدة وفق حمية السكر في المطاعم، لم أعد أضطر لأكل المطاعم عندما أجوع لأن وجبتي معدة تنتظرني في المنزل.

‌و-     من أكثر الأشياء التي ساعدتني: الإعداد أو الترتيب المسبق للوجبات، وعدم الوصول لحالة الجوع وذلك عن طريق الفصل بين الوجبات بوقت محدد وتناول وجبة خفيفة -ضمن السعرات اليومية- بين الوجبات الرئيسية.

‌ز-     الشعور الجميل والمرضي بالشبع والإنجاز بعد كل يوم يمضي وألتزم فيه بالحمية وبعاداتي الصحية الجديدة.

‌ح-    استمتعت بحاستي الجديدة التي تنمو، أصبحت لا أشتهي الأطعمة والوجبات كثيرة الدهن أو السكر أو السعرات، ومجرد تخيل افتقادها للطعم الحقيقي لمكوناتها وامتلائها بنكهات غير طبيعية كافياً لسد رغبتي فيها.

‌ط-      استشعاري أن اتباعي لهذه الحمية والالتزام بها هو من أفعال الحب لطفلتي التي لازالت في بطني.

Join