أشياء لا أحد يقولها لك عن الحمل
الجزء الثاني
3- أنت عزيزتي الأم أفضل من يمكن أن يعرف ويحدد ما تشعرين به، وأنت أقدر من الجميع على معرفة ما يقوله جسمك، وأنت التي تمرين بالحمل، فلا تدعي امتداد طابور الأمهات الحوامل منذ فجر التاريخ يرعبك ويجعلك تظنين أنك لا تعرفين
شيئاً مقارنة بالطبيبات والأمهات الخبيرات، وبالتأكيد لا تأخذي كل ما يقوله الأطباء على أنه التشخيص الدقيق، فلا تجعلي أي طبيبة أو طبيب أو قريبة تخبرك عكس ما تشعرين به أو أن ما تشعرين به غير صحيح، ولا أعني هنا رفض الرعاية الطبية بل أعني هنا أن عليك أن تملكي زمام المبادرة والقرار فيما يخص التعامل معك، مع
جسمك، مع جنينك. ولكي تملكي زمام المبادرة عليك أن تسألي وتقرأي وتعرفي كل تفصيل طبي عن حالتك، أسماء الفحوصات التي سيطلبونها منك ولماذا؟
اطلعي على التقارير الطبية واطلبي شرحاً وافياً من الطبيبة أو الممرضة، اعرفي
قراءات فحوصاتك بدقة ولا تكتفي بقولهم (عندك ارتفاع في كذا أو انخفاض في كذا)، وابحثي في المصادر والمواقع الطبية والكتب عن شرح لما تحتاجينه، واسألي من
تعرفين ممن مروا بالحالة الصحية التي تمرين بها. الطب مهنة مثل أي مهنة
أخرى، مثل البناء، عندما يأتي المهندس المعماري لبناء بيتك فهو أعرف وأدرى
بكيف يبنى منزل وفق الشروط والقوانين ومعايير البلدية والكهرباء والماء وغيرها، لكن أنتِ أدرى بحاجاتك وحاجات أسرتك ورغباتكم وما تريديون إضافته وميزانيتكم، وأنت الحكم في إن كان شيء معين يناسبكم ويعجبكم أو لا.
وهذا ينطبق على الطب، حتى الآن في تعاملي مع الطبيبات والأطباء، كل منهن
تعتمد على ما تقولينه لوضع تفسيرات محتملة لحالتك ثم تطلب التحاليل التي
تحتاجها لاختبار هذه التفسيرات، ثم بعد ذلك تخبرك بما تراه، هذا في حال كانت جيدة، في حال لم تكن كذلك فإنها لا تقوم بعمل شيء من هذا إلا إن كانت
هناك إشارة طبية منذرة بالتهاب أو زلال أو ارتفاع شديد جداً في السكر، وستجيب على أغلب أسئلتك بأنه (عادي كل الحوامل كذا).
المشكلة في هذه الطريقة أنها تتعامل مع الحامل كأنها أجزاء منفصلة، وأنت كل
واحد، فكل ما تمرين به هو انعكاس لوضع جسمك كله خلال الحمل، كما أن لك
تاريخاً مرضياً قبل الحمل أنت أدرى به، كل هذا يجعلك أنت من ترين الصورة العامة لوضع جسمك وأقدر على ربط كل جزء من الألم أو الشكوى مع الآخر.
مررت على أكثر من طبيبة وطبيب نساء خلال حملي، في القطاع الحكومي وفي
القطاع الخاص، وأول الملاحظات على أغلبهن -وأغلبهم طبعاً-:
لا يعطونني القراءات بدقة، مثلاً إحداهن أخبرتني أن لدي نقصأً حاداً في
الكالسيوم وأوشك أن أدخل في مرحلة الأنيميا بسبب نقص الحديد، لكنها لم تعطني القراءة التي ظهرت في التحليل وأنا بدوري كنت مصدومة من الخبر -سأحكي سبب صدمتي في وقت آخر- ولم أسألها عن القراءة، وربما كنت
تحت تأثير المعاملة طويلة المدى منهن بعدم إخباري كمريضة بتفاصيل طبية دقيقة تخص حالتي. والمشكلة هنا أنهن بهذا يقررن أنهن أفضل في الحكم
على حالتي مني ولا يتركن لي حتى مجال للفهم ولتقرير ماذا سأفعل، فمن
ناحية هن انتزعن مني حقي في معرفة التفاصيل الدقيقة لحالتي، وأنا بجهلي ساهمت في استمرار جهلي عندما استسلمت لنقص المعلومات الذي
يضعنني فيه.
لا يتعاملن معي بوصفي إنسانة كاملة الأهلية ولجسمها حرمة ولها
القدرة على الفهم واختيار المسار العلاجي الأفضل لها، من هذا نظام كامل
من عدم إشراكي فيما سيفعلن بي أو ماذا سيضعن على جسمي وكأن لمس جسدي وتحركيه وإلصاق الأشياء به بديهي، فهن لا يستأذن بتاتاً قبل فعل شيء إلا فيما ندر ولو استلزم الموضوع تعاوني، مثلاً الفحص الموضعي
لمنطقة الحوض، هنا يطلبن مني خلع الجزء السفلي من ملابسي وفقط ولا
يخبرنني ماذا سيفعلن حتى أسألهن بدقة، وحتى الأجهزة الطبية معدة
ومتموضعة في الغرف الطبية بشكل يجعلها مواجهة للطبيبة دون أي شاشة
مخصصة لي، فبخلاف عيادة خاصة واحدة، كل العيادات الخاصة والحكومية تضم أجهزة التراساوند بشاشة واحدة مواجهة لمكان جلوس الطبيبة، وفي حالتي كنت أحتاج لرفع رأسي لأعلى نقطة أستطيعها من الجهة اليمنى لأتمكن من رؤية الشاشة ورؤية جنيني، وهو وضع جسدي مزعج لو جربتوه، وكأن
معرفتي بحالتي الصحية ورؤيتي لجنيني غير مطلوبة وغير مهمة، وكنت أسألهن عن كل تفصيل، طبيبة خاصة واحدة شرحت أكثر من المعتاد، أما البقية فلم يشرحن إلا قدراً قليلاً من المعلومات العامة، مثل فحص رقبة الجنين مثلاً
لمعرفة إصابتها بأحد الأمراض الجينية، فحص حجم محيط رأس الجنين وطول الفخذ لتقدير الحجم والعمر.
وفي موقف آخر قالت الطبيبة في المركز الطبي الحكومي أثناء موعد دوري أنها كتبت لي إبرة يجب أن تأخذها كل حامل في الأسبوع 27، استغربت لأن هذه أول مرة أسمع بهذه الإبرة فسألتها عن سبب هذه الإبرة، فأخبرتني أنها
لوقاية الأم والجنين من الأمراض المعدية. بسبب تأخري ذلك اليوم وشكي في الإبرة لم أذهب للمختبر الطبي لأخذها وفضلت تركها ليوم آخر، وسألت
الأمهات من قريباتي وأكثر من طبيبة عن هذه الإبرة، المحصلة أني لم أجد
من قريباتي إجابة شافية، وإحداهن ذكرت أن المستشفى الحكومي حريص
جداً في هذه الحالات ولن يقرر شيئاً كهذا إلا فيه مصلحة لي، وإحدى الطبيبات استنكرت الموضوع تماماً، حسب كلامها أن هذه الإبرة توصف فقط للأم التي فصيلة دمها سالبة وزوجها فصيلة دمه موجبة، وهو ما يسمى اختلاف عامل
ريسس، لأن هذا الحالة من اختلاف فصيلتي الدم تتسبب في مخاطر للأم
والجنين. لكني أنا لست ممن لديهن فصيلة دم سالبة، ولهذا فالإبرة يجب
أن لا تصرف لي، إلى الآن لم أفهم لما قررت الطبيبة صرف هذه الإبرة لي، وكل ما أشعر به الآن هو غضب وصدمة من سهولة صرف أدوية كهذه لواحدة في حالتي!
هذه المواقف عينة لما يمكن أن يحدث للحامل خلال تعاملها مع النظام
الصحي في بلدي، ومرة أخرى أعيد هذا لا يعني أني ضد الرعاية الطبية
الحكومية أو الخاصة، لكنني ضد الطريقة الحالية في التعامل مع المريضة وكأنها
عنصر لا تهم مشاركته ومعرفته رغم أن الموضوع الأساسي هو جسمها
وصحتها وضد الاستسلام الكلي والجهل الاختياري الذي تغرق فيه المريضة
نفسها بمجرد تعاملها مع الطبيبات والأطباء وكأنهم يعرفون بالضبط ما هو
الأنسب والأصلح لها. ويبدو لي أن هذه إحدى علل الطب عندنا في المنطقة
العربية.
ستستيقظ في كل جسمك الآلام والأوجاع القديمة إضافة لقائمة جديدة منها، وكأن الحمل هو اختبار لجسمك ولكل مفصل وجزء فيه، بعض هذه الآلام يأتي ويختفي تماماً، وبعضها يستمر، من قائمتي من الآلام القديمة:
· ألم في أسفل لوح الكتف الأيسر ويشتد أكثر ويضغط صدري كله مع العطاس.
· حساسية شديدة جداً في الجيوب الأنفية، صداع، ضيق تنفس، سيلان الأنف، عطاس
مرضي.
· نوبة ربو شديدة بسبب اقترابي من حصان، كان لدي حساسية من رائحة الحيوانات في صغري وظننت أنها اختفت تماماً مع كبري، ولكنها عادت لي مع الحمل.
· الحموضة.
من الآلام الجديدة:
· آلام وتضخم واحتقان في الثديين والرحم.
· ألم أسفل الظهر يمتد حتى يشتبك مع الفخذ، يزداد مع الجلوس ومع كل أسبوع من
الحمل.
· آلام متفرقة في الحوض والمثانة، وخاصة مع الأشهر الأخيرة يصبح أحياناً مجرد المشي
مؤلماً
· آلام في عضلات الساقين والقدمين بسبب انتفاخ الحمل.
· هذا غير الآلام المتوقعة في الرحم والبطن ككل.
· آلام في القدمين متعددة حسب الحذاء، لم أكن واعية بأهمية الحذاء الطبي المناسب كما
جعلتني هذه الآلام أعي، ومن المعلومات التي استفدتها من أحد الأطباء، أن الحذاء المناسب
للحامل يجب أن يكون مرتفعاً عن الأرض بمقدار معين ليدعم ثقل جسدها، ولكي يمتص أثر
خطواتها على الأرض بدلاً من أن يصل تأثير المشي لقدمها مباشرة بسبب نحافة الحذاء من
الأسفل، والمقاييس الطبية للحذاء المناسب حسب قوله: أن يكون ارتفاعه عن الأرض 3
سنتي من الكعب، و 2 سنتي عند بطن القدم، و 1 سنتي عند المقدمة، وأن تكون قاعدة الحذاء أقرب لليونة لكي لا تكون ثقلاً إضافية أو وزناً يضرب في القدم من الأسفل مع كل خطوة.
ولهذا تحتاج المرأة قبل الحمل بعدة أشهر أن تستعد على الأقل جسدياً، وتحرص
على إجراء فحص شامل للدم وترفع مستوى الفيتامينات الناقصة عندها، فكل
نقص وكل ضعف سيتضاعف خلال الحمل، وليس هذا فقط بل سيتأثر الجنين
بالنقص، فلو كانت تعاني من نقص في الكالسيوم ولم تأخذ مصدراً إضافياً
للكالسيوم بالإضافة لأخذ منتجات الألبان خلال حملها، فالغالب أن بناء عظام
وأسنان الجنين سيتأثر، ولن يكون تأثير هذا قصير المدى، فتكوين كل أسنان
الطفل يتم خلال مرحلة الحمل، فإذا كان بناؤها منذ البداية ضعيفاً فسيمتد تأثير هذا الضعف حتى بعد سنوات من ظهور أسنان الطفل الدائمة.