فوائد من كتاب (اقتضاء العلم العمل) للخطيب البغدادي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد :

فهذا تهذيب لـ(اقتضاء العلم العمل) للخطيب البغدادي بحذف المكرر وقليل من الآثار التي يغني غيرها عنها :


قال الخطيب البغدادي : لا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشا من العلم ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصرا في العمل ولكن اجمع بينهما وإن قل نصيبك منهما ، وما شيء أضعف من عالم ترك الناس علمه لفساد طريقته وجاهل أخذ الناس بجهله لنظرهم إلى عبادته ، والقليل من هذا مع القليل من هذا أنجى في العاقبة

وقال : وهل أدرك من السلف الماضين الدرجات العلى إلا بإخلاص المعتقد والعمل الصالح والزهد الغالب في كل ما راق من الدنيا. وهل وصل الحكماء إلى السعادة العظمى إلا بالتشمير في السعي والرضى بالميسور وبذل ما فضل عن الحاجة للسائل والمحروم؟ وهل جامع كتب العلم إلا كجامع الفضة والذهب؟ وهل المنهوم بها إلا كالحريص الجشع عليهما؟ وهل المغرم بحبها إلا ككانزهما؟ وكما لا تنفع الأموال إلا بإنفاقها كذلك لا تنفع العلوم إلا لمن عمل بها وراعى واجباتها فلينظر امرؤ لنفسه وليغتنم وقته فإن الثواء قليل والرحيل قريب والطريق مخوف والاغترار غالب والخطر عظيم والناقد بصير والله تعالى بالمرصاد وإليه المرجع والمعاد ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ [الزلزلة ٨]


عن أبي هريرة أنه قال: «مثل علم لا يعمل به كمثل كنز لا ينفق منه في سبيل الله »


قال أبو الدرداء: «إن أخوف ما أخاف على نفسي أن يقال لي: يا عويمر هل علمت؟ فأقول: نعم فيقال لي: فماذا عملت فيما علمت»


عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: «تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن يأجركم الله حتى تعملوا» [الدارمي]


عن علي قال: «يا حملة العلم اعملوا به فإنما العالم من عمل وسيكون قوم يحملون العلم يباهي بعضهم بعضا حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره أولئك لا تصعد أعمالهم إلى السماء»


الزهري يقول: «لا يرضين الناس قول عالم لا يعمل ولا عامل لا يعلم»


الخواص يقول: «ليس العلم بكثرة الرواية وإنما العالم من اتبع العلم واستعمله واقتدى بالسنن وإن كان قليل العلم»


عن عباس بن أحمد في قوله تعالى «﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ [العنكبوت ٦٩] الآية. قال: الذين يعملون بما يعلمون نهديهم إلى ما لا يعلمون»


سهل التستري قال: «العلم كله دنيا والآخرة منه العمل به»

وقال: «العلم أحد لذات الدنيا فإذا عمل به صار للآخرة»


وقال : «الناس كلهم سكارى إلا العلماء والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه»


وقال : «الدنيا جهل وموات إلا العلم والعلم كله حجة إلا العمل به والعمل كله هباء إلا الإخلاص والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به»


قال يوسف بن الحسين: «في الدنيا طغيانان: طغيان العلم وطغيان المال والذي ينجيك من طغيان العلم العبادة والذي ينجيك من طغيان المال الزهد فيه»


وقال: «بالأدب تفهم العلم وبالعلم يصح لك العمل وبالعمل تنال الحكمة وبالحكمة تفهم الزهد وتوفق له وبالزهد تترك الدنيا وبترك الدنيا ترغب في الآخرة وبالرغبة في الآخرة تنال رضى الله»


الجنيد يقول: «متى أردت أن تشرف بالعلم وتنسب إليه وتكون من أهله قبل أن تعطى العلم ما له عليك احتجب عنك نوره وبقي عليك رسمه وظهوره ذلك العلم عليك لا لك وذلك أن العلم يشير إلى استعماله فإذا لم تستعمل العلم في مراتبه رحلت بركاته»


الروذباري يقول: «من خرج إلى العلم يريد العلم لم ينفعه العلم ومن خرج إلى العلم يريد العمل بالعلم نفعه قليل العلم»


مالك بن دينار يقول: «إن العبد إذا طلب العلم للعمل كسره علمه وإذا طلبه لغير ذلك ازداد به فجورا أو فخرا»


عن مطر قال: «خير العلم ما نفع وإنما ينفع الله بالعلم من علمه ثم عمل به ولا ينفع به من علمه ثم تركه»


عن حبيب الرحبي قال: «تعلموا العلم واعقلوه وانتفعوا به ولا تعلموه لتجملوا به فإنه يوشك إن طال بكم العمر أن يتجمل بالعلم كما يتجمل الرجل بثوبه»


قال أبو قلابة: «إذا أحدث الله لك علما فأحدث لله عبادة ولا تكونن إنما همك أن تحدث به الناس»


عن الحسن قال: «همة العلماء الرعاية وهمة السفهاء الرواية»


علي بن أبي طالب يقول : «هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل» 


قال فضيل بن عياض: «لا يزال العالم جاهلا بما علم حتى يعمل به فإذا عمل به كان عالما»


وقال «إنما يراد من العلم العمل والعلم دليل العمل»


قال عبدالله بن المعتز : «علم المنافق في قوله وعلم المؤمن في عمله».


عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أيتها الأمة إني لا أخاف عليكم فيما لا تعلمون ولكن انظروا كيف تعملون فيما تعلمون» [المضياء في المختارة]


يونس بن ميسرة الجبلاني يقول: «تقول الحكمة: تبتغيني ابن آدم وأنت واجدني في حرفين: تعمل بخير ما تعلم وتذر شر ما تعلم» 


عن الحسن قال: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال من قال حسنا وعمل غير صالح رده الله على قوله ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل وذلك بأن الله تعالى يقول: ﴿إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾ [فاطر ١٠] "


بشر بن الحارث يقول: «العلم حسن لمن عمل به ومن لم يعمل ما أضره»

سفيان بن عيينة يقول: «العلم إن لم ينفعك ضرك»


سعيد بن عطارد وكان بكى حتى برح قال: «قال عيسى بن مريم»: «إلى متى تصفون الطريق إلى الدالجين وأنتم مقيمون مع المتحيرين؟ إنما يبتغى من العلم القليل ومن العمل الكثير»


حفص بن حميد يقول: «دخلت على داود الطائي أسأله عن مسألة وكان كريما فقال»: «أرأيت المحارب إذا أراد أن يلقى الحرب أليس يجمع آلته فإذا أفنى عمره في الآلة فمتى يحارب إن العلم آلة العمل فإذا أفنى عمره في جمعه فمتى يعمل؟»


أبو عبيد القاسم بن سلام يقول: «سمعني عبد الله بن إدريس أتلهف على بعض الشيوخ فقال لي»: «يا أبا عبيد مهما فاتك من العلم فلا يفوتنك العمل»


عن علي بن أبي طالب قال: «الزاهد عندنا من علم فعمل ومن أيقن فحذر فإن أمسى على عسر حمد الله وإن أصبح على يسر شكر الله فهذا هو الزاهد»


قال أبو الدرداء: «ويل لمن لا يعلم ولا يعمل مرة وويل لمن علم ولم يعمل سبع مرات»


قال سهل بن مزاحم: الأمر أضيق على العالم من عقد التسعين مع أن الجاهل لا يعذر بجهالته لكن العالم أشد عذابا إذا ترك ما علم فلم يعمل به


عن جندب قال: قال رسول الله ﷺ: «مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه» [لعل الصواب أنه موقوف على جندب]


عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله ﷺ :»يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيقال أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر قال: كنت آمركم بالمعروف ولا أفعله وأنهاكم عن المنكر وآتيه " [مسلم]


يحيى بن معاذ الرازي يقول: «مسكين من كان علمه حجيجه ولسانه خصيمَه وفهمه القاطعَ بعذره»


سري السقطي يقول: «كلما ازددت علما كانت الحجة عليك أوكد»


محمد بن أحمد بن سمعون الواعظ يقول: «كل من لم ينظر بالعلم فيما لله عليه فالعلم حجة عليه ووبال»


عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله تعالى يعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء» [الضياء في المختارة]


الشعبي يقول: «ليتني لم أكن علمت من ذا العلم شيئا»

الثوري يقول: «ليتني لم أكتب العلم وليتني أنجو من علمي كفافا لا علي ولا لي»

الثوري يقول: «وددت أني لم أطلب الحديث وأن يدي قطعت من هاهنا لا بل من هاهنا وأشار إلى الكف ثم أشار إلى المنكب قال: لا بل من هاهنا»

ابن عون يقول: «وددت أني خرجت منه كفافا يعني العلم»

شعبة يقول: «ما أنا على شيء مقيم أخاف أن يدخلني النار غيره» قال أحمد بن حنبل : تعلم أنه كان صادقا في العمل

شبابة قال: "دخلت على شعبة في يومه الذي مات فيه وهو يبكي فقلت له: ما هذا الجزع يا أبا بسطام؟ أبشر فإن لك في الإسلام موضعا فقال: «دعني فلوددت أني وقاد حمام وأني لم أعرف الحديث» 


عن محمد بن واسع قال: «قال لقمان لابنه: يا بني لا تتعلم ما لا تعلم حتى تعمل بما تعلم»


عن مالك بن دينار قال: «إنني وجدت في بعض الحكمة: لا خير لك أن تعلم ما لم تعلم ولم تعمل بما قد علمت فإن مثل ذلك مثل رجل احتطب حطبا فحزم حزمة ذهب يحملها فعجز عنها فضم إليها أخرى»


عن جبير بن نفير قال: حدثني عوف بن مالك الأشجعي أن رسول الله ﷺ نظر إلى السماء يوما فقال: «هذا أوان رفع العلم» فقال له رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد: يا رسول الله يرفع العلم وقد أثبت ووعته القلوب؟ فقال له رسول الله ﷺ: «إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة» ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله فلقيت شداد بن أوس فحدثته بحديث عوف بن مالك فقال: صدق عوف ألا أخبرك بأول ذلك يرفع؟ قلت: بلى قال: الخشوع لا ترى خاشعا " [الترمذي]


عن ابن المبارك قال:» كان رجل ذا مال لم يسمع بعالم إلا أتاه حتى يقتبس منه فسمع أن في موضع كذا وكذا عالما فركب السفينة وفيها امرأة فقالت: ما أمرك يا هذا؟ قال: إني مشغوف بحب العلم فسمعت أن في موضع كذا عالما آتيه قالت: يا هذا كلما زيد في علمك تزيد في عملك أو تزيد في علمك والعمل موقوف؟ فانتبه الرجل ورجع وأخذ في العمل "


عطاء قال: «كان فتى يختلف إلى أم المؤمنين عائشة فيسألها وتحدثه فجاءها ذات يوم يسألها فقالت: يا بني هل عملت بعد بما سمعت مني؟ فقال: لا والله يا أمه فقالت: يا بني فبما تستكثر من حجج الله علينا وعليك»


الفضيل يقول:» لو طلبت مني الدنانير كان أيسر إلي من أن تطلب مني الأحاديث فقال له رجل : لو حدثتني بأحاديث فوائد ليس عندي كان أحب إلي من أن تهب لي عددها دنانير فقال: إنك مفتون أما والله لو عملت بما قد سمعت لكان لك في ذلك شغلا عما لم تسمع" ثم قال: سمعت سليمان بن مهران يقول: «إذا كان بين يديك طعام تأكله فتأخذ اللقمة فترمي بها خلف ظهرك كلما أخذت اللقمة ترمي بها خلف ظهرك متى تشبع»


خلاد بن يزيد الأرقط قال: «أتيت سفيان بن عيينة فقال:»إنما يأتي بك الجهل لا ابتغاء العلم لو اقتصر جيرانك على علمك كفاهم ثم كوم كومة من بطحاء ثم شقها بأصبعه ثم قال: هذا العلم أخذت نصفه ثم جئت تبتغي النصف الباقي فلو قيل: أرأيت ما أخذت هل استعملته؟ فإذا صدقت قلت: لا فيقال لك: ما حاجتك إلى ما تزيد به نفسك وقرا على وقر استعمل ما أخذت أولا "


شعيب بن حرب قال: سمعت سفيان وأرسل إليه فقال: «حتى تعملوا بما تعلمون ثم تأتوني فأحدثكم»


قال الفضيل: «هذا الحديث إن لم يسمعه الرجل خير له من أن يسمعه ولا يعمل به»


عن أبي حازم قال: «رضي الناس من العمل بالعلم ورضوا من الفعل بالقول»


عن ابن مسعود قال: «إني لأحسب العبد ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها»


عن مالك قال: قرأت في التوراة: «إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا»

باب ذم طلب العلم للمباهاة به وللمماراة فيه ونيل الأغراض وأخذ الأعواض عليه

عن حذيفة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف وجوه الناس فله من علمه النار» [ابن ماجة]


عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من تعلم علما يبتغى» يعني: به وجه الله «لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة» يعني ريحها " [أبو داود]


عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: أول الناس يقضى فيه يوم القيامة رجل أتى به الله فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها فقال: قاتلت في سبيلك حتى استشهدت قال: كذبت إنما أردت أن يقال: فلان جريء فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم والقرآن فأتى به الله فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وقرأت القرآن وعلمته فيك فقال: كذبت إنما أردت أن يقال: فلان عالم وفلان قارئ فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار [مسلم]


الحسن يقول: «من طلب العلم ابتغاء الآخرة أدركها ومن طلب العلم ابتغاء الدنيا فهو حظه منه» 


وهيب بن الورد يقول: «ضرب مثل عالم السوء فقيل: مثل العالم السوء كمثل حجر وقع في ساقية فلا هو يشرب من الماء ولا هو يخلي عن الماء فيحيى به الشجر ولو أن علماء السوء نصحوا لله في عباده فقالوا: يا عباد الله اسمعوا ما نخبركم به عن نبيكم وصالح سلفكم فاعملوا به ولا تنظروا إلى أعمالنا هذه الفشلة فإنا قوم مفتونون كانوا قد نصحوا لله في عباده ولكنهم يريدون أن يدعوا عباد الله إلى أعمالهم القبيحة فيدخلوا معهم فيها»


ابن عيينة يقول: «قال عيسى عليه السلام»: «يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رؤوسكم والآخرة تحت أقدامكم قولكم شفاء وعملكم داء مثلكم مثل شجرة الدفلي تعجب من رآها وتقتل من أكلها»


عن وهب بن منبه «أن عيسى بن مريم عليه السلام» قال: «ويلكم يا عبيد الدنيا ماذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس وهو لا يبصرها كذلك لا يغني عن العالم كثرة علمه إذا لم يعمل به ما أكثر أثمار الشجر وليس كلها ينفع ولا يؤكل وما أكثر العلماء وليس كلكم ينتفع بما علم فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم لباس الصوف منكسين رؤوسهم إلى الأرض يطرفون من تحت حواجبهم كما ترمق الذباب قولهم مخالف فعلهم من يجتني من الشوك العنب ومن الحنظل التين؟ كذلك لا يثمر قول العالم الكذاب إلا زورا إن البعير إذا لم يوثقه صاحبه في البرية نزع إلى وطنه وأصله وإن العلم إذا لم يعمل به صاحبه خرج من صدره وتخلى منه وعطله وإن الزرع لا يصلح إلا بالماء والتراب كذلك لا يصلح الإيمان إلا بالعلم والعمل ويلكم يا عبيد الدنيا: إن لكل شيء علامة يعرف بها وتشهد له أو عليه وإن للدين ثلاث علامات يعرف بهن الإيمان والعلم والعمل»


عن الحسن قال:» إنه تعلم هذا القرآن عبيد وصبيان لم يأتوه من قبل وجهه ولا يدرون ما تأويله قال الله تعالى ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته﴾ [ص ٢٩] ما تدبر آياته؟ اتباعه بعمله وإن أولى الناس بهذا القرآن من اتبعه وإن لم يكن يقرؤه يقول أحدهم يا فلان تعال أقارئك متى كانت القراء تفعل هذا؟ ما هم بالقراء ولا الحلماء ولا الحكماء لا أكثر الله في الناس أمثالهم "


قال عمر بن الخطاب: «لا يغرنكم من قرأ القرآن إنما هو كلام يتكلم به ولكن انظروا من يعمل به»


عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ:» أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباء من أمتك الذين يقولون ولا يفعلون ويقرءون كتاب الله ولا يعملون " [أحمد]


أيوب السختياني يقول: «لا خبيث أخبث من قارئ فاجر»


مالك بن دينار يقول: «لأنا للقارئ الفاجر أخوف مني من الفاجر المبرز بفجوره إن هذا أبعدهما غورا»


الفضيل يقول: «إنما نزل القرآن ليعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا قال: قيل كيف العمل به؟ قال: أي ليحلوا حلاله ويحرموا حرامه ويأتمروا بأوامره وينتهوا عن نواهيه ويقفوا عند عجائبه»


الأوزاعي قال: أنبئت أنه كان يقال: «ويل للمتفقهين لغير العبادة والمستحلين الحرمات بالشبهات»


وهب بن منبه يقول: «قال الله تعالى فيما يعيب به أحبار بني إسرائيل: أتفقهون لغير الدين وتعلمون لغير العمل وتبتاعون الدنيا بعمل الآخرة تلبسون جلود الضأن وتخفون أنفس الذئاب وتنقون القذى من شرابكم وتبتلعون أمثال الجبال من الحرام وتثقلون الدين على الناس أمثال الجبال ولا تعينونهم برفع الخناصر؟ تطولون الصلاة وتبيضون الثياب وتغتصبون مال اليتيم والأرملة بعزتي حلفت لأضربنكم بفتنة يضل فيها رأي كل ذي رأي وحكمة الحكيم»


قال الشعبي: «إنا لسنا بالفقهاء ولكنا سمعنا الحديث فرويناه ولكن الفقهاء من إذا علم عمل»


الأوزاعي يقول: «إذا أراد الله بقوم شرا فتح عليهم الجدل ومنعهم العمل» وبنحوه قال معروف


أبو نعيم الفضل بن دكين قال: دخلت على زفر وقد غرغرت نفسه في صدره فرفع رأسه إلي فقال لي: «يا أبا نعيم وددت أن الذي كنا فيه كان تسبيحا»

علي بن نصر قال: «رأيت الخليل بن أحمد في النوم فقلت في منامي: لا أرى أحدا أعقل من الخليل: فقلت: ما صنع الله بك؟ قال: أرأيت ما كنا فيه فإنه لم يكن شيء أفضل من: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر»

وقال : «رأيت الخليل بن أحمد في المنام فقلت: له؟ ما فعل بك ربك؟ قال: غفر لي قلت: بم نجوت؟ قال: بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قلت: كيف وجدت علمك أعني العروض والأدب والشعر؟ قال: وجدته هباء منثورا»


عن عائذ الله قال: «الذي يتبع الأحاديث ليحدث بها لا يجد ريح الجنة»


بكر أصحاب الحديث على الأوزاعي قال: فالتفت إليهم فقال: كم من حريص جامع جاشع / ليس بمنتفع ولا نافع»


قيل لابن شبرمة: حدث تؤجر فأنشأ يقول:

يمنوني الأجر الجزيل وليتني / نجوت كفافا لا علي ولا ليا


نعيم يعني ابن حماد قال: سألت ابن عيينة : من العالم؟ قال:الذي يعطي كل حديث حقه


قال سفيان الثوري: «رضي الناس بالحديث وتركوا العمل»


قال بشر بن الحارث: «إن أردت أن تنتفع بالحديث فلا تستكثر منه ولا تجالس أصحاب الحديث»


وقال: «مالي وللحديث مالي وللحديث إنما هو فتنة إلا لمن أراد الله به» 


وقال بشر: «يقولون: إني أنهى عن طلب الحديث أنا لا أقول شيئا أفضل منه لمن عمل به فإذا لم يعمل به فتركه أفضل»


قال أبو الوليد يوما «ما يريدون بهذه الأحاديث إلا التكاثر والقليل يجزئ لمن اتقى الله أو نحوه ثم قال: يجمع أحدهم المسند وكذا وكذا ليحول وجوه الناس إليه ونحوا من هذا الكلام»


أحمد بن حنبل وسئل عن رجل يكتب الحديث فيكثر قال:» ينبغي أن يكثر العمل به على قدر زيادته في الطلب ثم قال: سبيل العلم مثل سبيل المال إن المال إذا زاد زادت زكاته "


عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع قال: «كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به»

باب من كره تعلم النحو لما يكسب من الخيلاء والزهو

القاسم بن مخيمرة يقول: «تعلم النحو أوله شغل وآخره بغي»


إبراهيم بن أدهم عن مالك بن دينار قال: «تلقى الرجل وما يلحن حرفا وعمله لحن كله» ، وقال: «أعربنا في الكلام فما نلحن ولحنا في الأعمال فما نعرب»


حضر رجل من الأشراف عليه ثوب حرير فتكلم مالك بكلام لحن فيه قال: فقال الشريف: ما كان لأبويّ هذا درهمان ينفقان عليه ويعلمانه النحو؟ قال: فسمع مالك كلامه فقال: لأن تعرف ما يحل لك لبسه مما يحرم عليك خير لك من (ضرب عبد الله زيدا)(وضرب زيد عبد الله)»

باب الأخذ بالوثيقة في أمر الآخرة ، وفي أن الأعمال هي الزاد والذخيرة النافعة يوم المعاد

عن مطرف بن عبد الله أنه كان يقول: «يا إخوتي اجتهدوا في العمل فإن يكن الأمر كما نرجو من رحمة الله وعفوه كانت لنا درجات في الجنة وإن يكن الأمر شديدا كما نخاف ونحاذر لم نقل: ﴿ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل﴾ [فاطر ٣٧] نقول: قد عملنا فلم ينفعنا»


كتب محمد بن النضر الحارثي إلى أخ له: «أما بعد فإنك في دار تمهيد وأمامك منزلان لا بد من أن تسكن أحدهما ولم يأتك أمان فتطمئن ولا براءة فتقصر والسلام»


عن الحسن قال: «يتوسد المؤمن ما قدم من عمله في قبره إن خيرا فخير وإن شرا فشر فاغتنموا المبادرة رحمكم الله في المهلة»


عن مجاهد في قوله تعالى ﴿ولا تنس نصيبك من الدنيا﴾ [القصص ٧٧] قال: «عمرك أن تعمل فيه لآخرتك»


 تمثل يحيى بن معين بهذا البيت: 

وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد / ذخرا يكون كصالح الأعمال

باب اغتنام الشبيبة والصحة والفراغ والمبادرة إلى الأعمال قبل حدوث ما يقطع عنها

عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «الفراغ والصحة نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس» [البخاري]


عن ابن ميمون أن رسول الله ﷺ قال لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك» [ابن أبي شيبة]


عن شريح «أنه رأى جيرانا له يجولون فقال: مالكم فقالوا: فرغنا اليوم فقال شريح: وبهذا أمر الفارغ؟»


عن معاوية بن قرة قال: «أكثر الناس حسابا يوم القيامة الصحيح الفارغ»


عن عطاء بن مسلم قال: «كنت مع سفيان الثوري في مسجد الحرام فقال»  يا عطاء نحن جلوس والنهار يعمل عمله قال: قلت: أنا في خير إن شاء الله قال: أجل ولكنها مبادرة قال: ثم قال لي: يا عطاء إن المؤمن في الموقف ليرى بعينه ما أعد الله له في الجنة وهو يتمنى أنه لم يخلق من هول ما هو فيه "


دخل ابن السماك على أبي بكر النهشلي وهو في السوق وهو يومئ برأسه يصلي فقال: سبحان الله على هذا الحال فقال: يا ابن السماك أبادر طي الصحيفة»


نزل روح بن زنباع منزلا في يوم صائف وقرب غداءه فانحط راع من جبل فقال: يا راعي هلم إلى الغداء قال: إني صائم قال روح أو تصوم في هذا الحر الشديد؟ قال: فقال الراعي: أفأدع أيامي تذهب باطلا؟ فأنشأ روح يقول:

لقد ضننت بأيامك يا راع … إذ جاد بها روح بن زنباع


دعا قوم رجلا إلى طعام فقال: إني صائم فقالوا: أفطر اليوم وصم غدا قال ومن لي بغد؟


قال علي بن أبي طالب : «اعمل لكل يوم بما فيه ترشد»


حفصة بنت سيرين تقول: «يا معشر الشباب اعملوا فإنما العمل في الشباب»


«كتب رجل من الحكماء إلى أخ له شاب: أما بعد فإني رأيت أكثر من يموت الشباب وآية ذلك أن الشيوخ قليل»


قال الضحاك بن مزاحم: «اعمل قبل ألا تسطيع أن تعمل فأنا أبغي أن أعمل اليوم فلا أستطيع»


في بعض المنامات : من استوى يوماه فهو مغبون ومن كان غده شر يوميه فهو ملعون ومن لم يعرف النقصان من نفسه فهو إلى نقصان ومن كان إلى نقصان فالموت خير له

باب ذم التسويف

عن أبي الجوزاء «﴿وكان أمره فرطا﴾ [الكهف ٢٨]. قال: تسويفا»


عن أبي إسحاق قال: «قيل لرجل من عبد القيس: أوص قال: احذروا سوف»


عن الحسن قال: «إياك والتسويف فإنك بيومك ولست بغدك فإن يكن غد لك فكس في غد كما كست في اليوم وإن لم يكن لك غد لم تندم على ما فرطت في اليوم»


عن أبي الجلد قال: «قرأت في بعض الكتب: إن (سوف) جند من جند إبليس»




انتهى ..



Join