المنصات الالكترونية التشاركية والتغيير الجذري
أثّرت جائحة كورونا على مختلف القطاعات تأثيرًا كبيرًا، وبصورة سلبية، خاصةً على التجارة، والاقتصاد، بصورة عامة، مما أدّى إلى تحولات جذرية كبيرة، أعادت تشكيل، وصياغة الكثير من المفاهيم، والممارسات.
وفي الجانب الآخر، كان للجائحة تأثير إيجابي على بعض القطاعات، ومن أبرزها قطاع المنصات الإلكترونية التشاركية، ما أدي إلى لفت أنظار روّاد، ورجال الأعمال نحو هذا القطاع الذي شهد تحولات كُبرى، في المشهد الشرائي، وذلك نظراً لتعدد خياراته، وتوفيره للجهد، والوقت.
وتُعرّف المنصات الإلكترونية التشاركية،بأنها أي تطبيق، أو موقع إلكتروني يعمل كوسيط، لتسهيل وصول الخدمات للمستهلكين، من خلال تشارك الأصول المادية، والبشرية، مع الأفراد، والتي شهدت نموًا، وإقبالا كبيرًا، وذلك خلال السنوت الثلاث الماضية، وتسارعت خطوات هذا الإقبال، والنمو مع ظهور جائحة كورونا.
ونمو المنصات الإلكترونية التشاركية أسهم -بصورة كبيرة- في أيجاد فرص عمل جديدة للشباب السعودي، وأدّى بالتالي إلى تقليص نسبة البطالة، وذلك وفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء التي أشارت لانخفاض معدل البطالة بين السعوديين بنهاية الربع الثالث من العام الماضي 2020 إلى 14.9 في المائة، وذلك مقابل 15.4 في المائة، بنهاية الربع الثاني من العام ذاته، وهذا يعكس مدى النمو الكبير الذي شهده هذا القطاع، وذلك على الرغم من تداعيات الجائحة، على النشاط التجاري، والاقتصادي.
لقد ظلَّ المشهد في المنصات الإلكترونية التشاركية، يسجل توسعًا كبيرًا، وذلك سواء من حيث الطاقة الاستيعابية للكوادر السعودية، أو من حيث ارتفاع معدل القوى الشرائية، حيث ارتفع عدد مناديب التوصيل السعوديين لهذه التطبيقات إلى نسبة عالية جدًا، بلغت 500 في المائة، في حين وصل عدد الطلبات المنفذة إلى أكثر من 12 مليون طلب، في أكثر من 200 مدينة، ومحافظة في المملكة، وذلك وفقًا لإحصائية هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي أصدرتها في يونيو 2020.
وهذا يؤكد ما أشرت إليه في أن جائحة كورونا، وعلى الرغم من تعدد آثارها السلبية، وبصورة خاصة على القطاع الاقتصادي، والتجاري، والصحي، لكن كان لها أثر إيجابي كبير، على قطاع المنصات الإلكترونية التشاركية، بل عملت على تحفيز هذا القطاع، وأسهمت في توسيع نطاق العمل فيه، بصورة لافتة.
وإزاء هذه النقلة الكبيرة في هذا القطاع، أقدمت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على إصدار قرار إيجابي قضي بإلزام المنصات الإلكترونية التشاركية بقصر التعامل المباشر على العامل السعودي فقط، وعدم التعامل مع العامل غير السعودي، وذلك إلا من خلال المنشآت المشغلة.
ويستهدف هذا القرار تحقيق عدة أهداف، أبرزها يتمثل في الحد من العمالة المخالفة، وإيجاد بيئة عمل مناسبة، وممكنة للسعوديين، في مجال العمل التشاركي، بجانب تحفيز استثمار رواد الأعمال، والمنشآت الصغيرة، والمتوسطة، لتغطية الاحتياج، وذلك بشكل نظامي.
فضلًا على أن هذا القرار يأتي لمواكبة التطورات التي تشهدها بلادنا، في مختلف القطاعات التجارية، والاقتصادية، سيما في قطاع المنصات الإلكترونية التشاركية، الذي أصبح أحد أبرز الأنشطة الإلكترونية التي توفر بيئة عمل جاذبة للكوادر السعودية، كأحد فرص العمل الجديدة، التي تساهم في رفع دخول الشباب السعودي الطموح.