أتُوقُ لكَلِماتــي ولَونِي


كنت في العشر سنوات من عمري أو مايقاربها حين وجدت دفتر مذكرات أحد خالاتي. وقتها كان فضولي لقراءة أي نص أمامي يضاهي كل شيء. أبهرني امتلاء الصفحات حيث كانت خالتي تكتُب بشغف وتفيض بأفكارها بحرية تامة. 

لم أكن أقصد اقتحام خبايا وأسرار صاحبة المذكرات ولم أكن أعي بهذا الجُرم الشنيع وقتها، ففتحته وقرأت بلا استئذان. ثم تلقيت درسي بعدما كُشِفت.

❋ ❋ ❋

أعجبتني الكتابة منذ ذلك الحين. فقراءة حياة شخص والغوص في عقله عرّفني على نشاط جديد للتجربة. ولأني كنت الطفل الهادئ كثير التعبُثِ لوحده، وجدت في هذا النشاط اختلاء ذاتي رهيب. رحلات فكرية بلا حدود. فبدأت أطبقها، أرحل بأفكاري وأكتُب. 


مازلتُ أتذكر كيف كنت أكتب عن أبي وأمي. فإن أعجبني ماكتبت، أعدتُ كتابته بأوراق مستقلة ووضعت تلك الأوراق تحت وسائدهم كرسائل حُب مُفاجِأة. 

لكن مبدأ المساحة الشخصية والخصوصية أخذ يتعزز وينمو. فأصبح الإحتفاظ بمذاكراتي لئلا تُقرأ أزمة تلازمني وكأني صرتُ أدفع ثمن اقتحام خصوصية خالتي. وقتها كنت طفلة ولا أتصور أن مذكراتي كانت ذات أهمية بالغة. لكن شفافية الإنسان مع نفسه كانعكاس الأشياء في المرآة، حقائق تامة. وتدويني لانعكاسي ومصداقيتي العالية مع نفسي جعلتني أعي بالعالمِ المُغلق داخلي، فكنت أمزق مايعبأ عليَّ حفظه وأحتفظ حسبما أستطيع. 


❋ ❋ ❋

أطلقت عناني وحررتُ قلمي من قيودي الشخصية مع ظهور المدونات والمنتديات، كنت وقتها في المرحلة المتوسطة والثانوية. فصرت أكتب للعالم الخارجي، نثرًا وشعرًا وكل مايجول بخاطري. 

أحببت مايعود عليَّ من نفعٍ بعد الكتابة. فالمكوث مع نفسِي وعقلي لساعات، لانتقاء أبلغ الكلمات والبحث في اللغة لترصين نصِّي وصِحة قولِي كان يصقل مهاراتي اللغوية. 

لكن خلال فترة الجامعة وأول سنتين بعدها (٢٠١٨/٢٠١٩) تجاهلت الكتابة ووضعت جلّ اهتمامي بما يبقيني في المنافسة المِهنية وصقل مهاراتي بهندسة البرمجيات.

وها أنا أنوي العودة لما افتقدتُ منذ سنوات ولِصبِّ ما اكتظَّ بداخلي هُنا.

وأحببت أن تكون تدويتني الأولى تعريفية.



شاكرة لوقتك.







تاريخ النشر الأول:  2020-03-22 08:13:52 PM

Join