هل العلم يتقدم؟
أسامة العتيك
09/07/2020 • 19/1/1442
تدوينة أشارك فيها موقفي الحالي فيما يخص المواضيع المتعلقة بهذا السؤال، والتي اتضح أنها أكثرُ تشعباً مما ظننت. ما زلت أقرأ في هذه المواضيع، ولذا فإن الدافع الأكبر وراء كتابة هذه التدوينة هو توثيق موقفي الحالي من أجل مقارنته مستقبلاً بما سأنتهي إليه.
ما هو العلم؟
إن العلم الذي أعنيه في هذه التدوينة هو العلم الطبيعي التجريبي. و ليس إطلاقي للفظة العلم –بالرغم من أن مقصودي معنى خاص للعلم- إقراراً بأن العلم محصور في العلم الطبيعي و أن ما سواه ليس خليقاً باسم (العلم). يقول الدكتور صلاح إسماعيل في كتابه (نظرية المعرفة – مقدمة معاصرة): "فحقيقة الأمر هي أن أنواع المعرفة كثيرة ومتنوعة ولكل نوع منطقه الخاص وبنيته المحددة" ثم إن "التحليل الدقيق للمعرفة العلمية يكشف لك عن أنها تحتوي على معرفة حدسية وميتافيزيقية و غيرها". و إنما أطلق لفظة العلم هكذا اتباعاً للتقليد الدارج في كتب فلسفة العلم. و لكن ما هو هذا العلم؟
يقول الفيزيائي ريتشارد فاينمان في كتابه The Meaning of It All (بتصرف): عند التأمل في استخدام لفظة العلم نجد أنها عادة تستخدم للدلالة على ثلاثة معان: إما أن يُقصد بها المنهج العلمي ، أو الطريقة التي تتبع في الممارسة العلمية و هي الملاحظة ، ثم وضع الفرضية (قلت: بصرف النظر عن الجدل حول أيهما أسبق) ، ثم فحص الفرضية والتحقق منها بالتجربة العملية لإثباتها أو دحضها. أما المعنى الثاني فهو حزمة الأفكار و النظريات و الاكتشافات التي نتجت من هذه الممارسة العلمية. أما المعنى الأخير فهي المنتجات التي تحققت باستغلال تلك الأفكار و الاكتشافات ، و ربما استُخدمت لفظة (التقنية) أيضاً للدلالة على المعنى الأخير هذا.
ما المقصود بالتقدم؟
إن لفظة التقدم من الألفاظ المتضايفة التي لا يمكن تصور معناها إلا بالنسبة إلى شيء آخر. و لفظة التقدم تتكرر كثيراً في كتب الفكر و التاريخ و أيضاً في فلسفة العلم و هذا ما يعنينا هنا. و لكن قبل الحديث عن معنى التقدم في السياق العلمي لا بد من الإشارة إلى استخدام هذه اللفظة في كتب التاريخ و الفكر لأهمية ذلك و لعلاقته بفكرة التقدم في السياق العلمي.
أما في التاريخ فغالباً ما يُقصد بالتقدم هو تقدم البشرية و المجتمعات نحو "الحقيقة" و "الكمال". أي أن الوجهة التي يُفهم التقدم في ضوئها هي حالة مثلى للإنسانية تكتمل فيها الحقيقة وينضج فيها الإنسان و المجتمع فكرياً و أخلاقياً. يقول المؤرخ البريطاني توماس ماكولي (توفي عام 1859م) و هو يعبر عن هذا التفسير لحركة التاريخ في رد له على كاتب يحب الحياة الريفية ويعترض على الاستنقاص منها- يقول ماكولي: "...نحن نعتمد على النزعة الطبيعية للفكر الإنساني نحو الحقيقة، و النزعة الطبيعية للمجتمعات نحو التحسّن". يعلق الكاتب ديفيد بيرلنسكي على هذا الكلام في أحد لقاءاته بأن فكرة التقدم هذه غير مستغربة في زمن ماكولي الذي جاء بعد الثورة الفرنسية و عصر التنوير حين كان يبدو أن الإنسانية –أخيراً- بدأت تستجمع قواها لنبذ كل أشكال التخلف و العنف وراءها ، و السير قدماً لتحقيق وعود التنوير الكبرى. يستمر بيرلنسكي في التعليق موضحاً أن هذه الفكرة لم تلق رواجاً في القرن العشرين الذي شهد حروباً دموية ، و لم يكن هناك أحد يتحدث عن نزوع المجتمعات نحو التحسّن في حينها. و لكن بالرغم من ذلك فقد بدأت الفكرة بالظهور مجدداً مع "التنوير العلمي" و أصبحت فكرة التقدم هذه فكرةً مسلماً بها ضمنياً في المجتمع العلمي. و قد استفاض الدكتور عبدالله الشهري في الحديث عن هذا الموضوع في كتابه (ثلاث رسائل في الإلحاد و العقل و الإيمان) في فصل مخصص لبيان المرتكز الفلسفي التاريخي للإلحاد حيث انتقد النظرة الخطية للتاريخ التي تصوره و كأنه يسير في اتجاه واحد منطلقاً من الصفر والبدائية نحو الكمال.
أما في السياق العلمي فإن لفظة التقدم تستخدم في الغالب للدلالة على معنيين: الأول يَفترض أن للعلم "هدفاً" و بالتالي فهو يقيس التقدم العلمي بالنسبة إلى ذلك الهدف. و لأن العلم معني بالظواهر الطبيعية فإن الهدف المفترض هنا هو الوصول إلى "حقيقة" الطبيعة. و يكون العلم قد وصل إلى هذه الحقيقة حين يقدم وصفاً موضوعياً شاملاً صحيحاً لجميع الظواهر الطبيعية. أما المعنى الآخر فلا يَفترض أن هناك هدفاً كهذا ، و يصف التقدم العلمي بقدرته على حل أكبر عدد من "الألغاز" كما عبر فيلسوف العلم توماس كون.
سأجازف و أقول بأن أغلب المتحمسين للعلم الطبيعي اليوم يؤمنون بالتقدم العلمي بالمعنى الأول (القوي) و لكن التقدم بهذا المعنى واجه انتقادات من بعض فلاسفة العلم. و من أشهر من رفض التقدم العلمي بالمعنى الأول ، أي الاقتراب من الحقيقة ، هو توماس كون في كتابه بنية الثورات العلمية. شبه كون عملية التطور العلمي بالتطور البيولوجي الدارويني. فالتطور العلمي بالنسبة لكون هو تطورٌ من بدايات متواضعة ينتقل فيها العلم من طور إلى آخر، و كل طور يتّسم بفهمٍ أكثرَ دقةً و تفصيلاً للطبيعة من الطور السابق له. و لكن ، وهنا النقطة الأهم في تشبيه كون ، هذا التطور لا يكون باتجاه أي هدف ، تماماً كالتطور البيولوجي الأعمى. يقول توماس كون: "ربما علينا التخلي عن الفكرة القائلة بأن تغيّر البارادايمات يقرّب العلماء أكثر فأكثر نحو الحقيقة". وقد أثار رأيه هذا ضجة و كان سبباً في اتهامه بالنسبية، و لكنه عاد وأكّد رأيه هذا في ملحق أضيف لطبعات الكتاب اللاحقة حيث يقول: "لا شك عندي أن ميكانيكا نيوتن أقدرُ من ميكانيكا أرسطو، و أن ميكانيكا آينشتاين أقدرُ من ميكانيكا نيوتن كأدوات لحل الألغاز. ولكني لا أرى أيَّ تقدم أنطولوجي في تعاقبهم." و بهذا يكون العلم عمليةً غيرَ تراكمية. فميكانيكا آينشتاين، مثلاً، ليست استمراراً لميكانيكا نيوتن بل هي مختلفة تماماً. يقول كون في موضع آخر في كتابه: "لا يمكن أن نقبل نظرية آينشتاين من دون الإقرار بأن نظرية نيوتن خاطئة." و لكن إذا كان العلم غيرَ تراكمي فكيف يكون هناك أي تقدم؟
أما التقدم بالمعنى الآخر، أي القدرة على حل الألغاز، فهو مبني على نظرة للعلم لا تشترط التراكمية. وهنا نشير إلى فيلسوف العلم لاري لودان الذي ينتقد ربط التقدم بفكرة الحقيقة أو المطابقة بين الفكرة و الواقع، و يقترح تعريفاً للتقدم العلمي لا يتطلب تطوراً تراكمياً. يقول الباحث رضا زيدان في كتابه (نحو منهج وصفي للعلم): "يتخذ لاري لودان الموقف اللاأدري فيما يتعلق بصدق العلم أو حتى باحتمال صدقه أو ازدياد قربه من الصدق." لذا فهو يربط "عقلانية" أي نظرية علمية بقدرتها وفاعليتها في حل المشاكل. و هذا النَّفَس البراجماتي عند لودان يجعله ينظر إلى كثير من مسائل فلسفة العلم من منظور مختلف متحرر من فكرة الاقتراب من الصدق هذه. بحسب هذا المنظور فإننا نجد أثراً للبعد الاجتماعي أيضاً في تحديد ما إذا كانت مشكلةٌ ما مهمة و تتطلب حلاً أم لا، وأنه ليست كل واقعة (ظاهرة) تعتبر مشكلة تتطلب التفسير. يقول لاري لودان في كتابه (التقدم و مشكلاته): "ولكي نعتبر شيئا ما مشكلةً إمبريقية لا بد أن نشعر بأن هناك قيمة عظيمة أو ضرورة ملحة لحل هذه المشكلة." و يقول:"كل ما هو مطلوب أن يفكر فيها ]المشكلة[ بعض المختصين على أنها تمثل حالة واقع فعلاً." قلت: ولعل هذا من الفروق بين كون و لودان، فإن كون يرى أن اختيار المشاكل أمر عائد إلى الجماعة العلمية (بل حتى العالِم الفرد) داخل البارادايم أو النموذج العلمي السائد، والجماعة العلمية عند كون معزولة عن المجتمع.
هل العلم يتقدم؟
لعله الآن قد اتضح أنه تصعب الإجابة عن هذا السؤال بإجابة مبسطة إما بنعم أو لا، و ذلك لأن السؤال يحتوي على ألفاظ مجملة لا بد من تحديد المراد بها قبل الإجابة. و هناك سبب آخر هو أخفى من ذلك وأخطر. ذلك أن الإجابة بشكل مبسط قد توحي بأن المجيب يتبنى مواقف معينة إزاء الدين والفكر والتاريخ، خاصة في وقتٍ صار يُستخدم فيه العلم لترويج رؤى كونية/فلسفية للعالَم. فملاحظة بيرلنسكي السالف ذكرها هي في غاية الدقة، أعني ملاحظته حول عودة فكرة التقدم في الخطاب العلمي (التنويري) المعاصر، كما نراه حاضراً عند ستيفن بينكر مثلاً. و الإشكال أن العلم قد قدم بالفعل نجاحاتٍ حضارية، و لكن المغالطة هي في استخدام تلك النجاحات للتدليل على أن الرؤى الكونية التي تُروج باسم العلم هي صحيحة أيضاً.
و لخطورة هذه الفكرة الأخيرة (أي الاعتقاد بصحة رؤية العلم للعالم بسبب نجاحاته) نستطرد قليلاً لبيان خطئها. و قد تناولها الفيلسوف بول فيرابند في كتابه (طغيان العلم) و ميّز بين الأداء الناجح و بين الفكرة/الأيدولوجية التي وراء ذلك الأداء. وضرب لذلك مثال الأحصنة القادرة على الحساب في السيرك، حيث يطلب المدرب من الجمهور مسألة رياضية سهلة، مثل: ما حاصل أربعة في ثلاثة، ثم يجيب الحصان ويبدأ بضرب قدمه على الأرض إلى أن يضرب ثنتي عشرة ضربة. و هكذا في كل مرة يبدو أن أحصنة السيرك فعلا قادرة على التفكير والحساب. فإن اعترفت بهذه الفكرة (قدرة الحصان على الحساب) كتفسير لما يحدث فربما تستمر بإعطائك نتائج متوقعة و دقيقة حول أداء الحصان، و لكن ما يحصل بالفعل هو أن الأحصنة إنما تستجيب لحركات المدرب الذي يرخي توتره بعد أن يصل الحصان للجواب الصحيح، فيتوقف الحصان عن الضرب بسبب استرخاء المدرب وليس بسبب وصوله للإجابة الصحيحة. و هكذا يتضح خطأ الفكرة بالرغم من تمتعها بأداء ناجح. و قوانين العلم كذلك، الفيزياء مثلاً، إنما هي مقاربات فقط تعطينا تنبؤات دقيقة للظواهر الطبيعية، و لكن من الصعب الزعمُ بأن تلك القوانين هي نفسها قوانين الطبيعة، أي أننا نستطيع بفهمها أن ننفذ إلى حقيقة الطبيعة. و لذلك، فالعلم لا يتقدم إذا كان المقصود بالتقدم هو الاقتراب من الحقيقة. (والحق أني ما زلت لم أحسم أمري في هذه المسألة. هل فعلاً لا يمكن البحث والوصول إلى الصدق؟ أليس هناك إمكانية -ولو جزئية- لذلك؟ ليس على مستوى النظريات بل على المستوى الأسهل والأوضح والأقل تعقيداً وهو مستوى الوقائع/الظواهر. هل المسوغ للعبارة العلمية “الأرض تدور حول الشمس” هو اتفاق الجماعة العلمية فقط كما يقول الباحث رضا زيدان؟ أم أن هناك مطابقة بين هذه الفكرة و بين الواقع؟)
أما التقدم بالمعنى الآخر، أي القدرة على حل الألغاز، فالحقائق تدعم أن العلم يتقدم بهذا المعنى. و رأينا مثالاً على ذلك في اقتباس كون عن ميكانيكا أرسطو و نيوتن و آينشتاين. فميكانيكا أرسطو مثلاً كانت حلا مقبولاً لكثير من الظواهر، ولكنها تخفق في تفسير الظواهر التي تغيب فيها قوة الاحتكاك –على سبيل المثال-. فبحسب أرسطو فإنك إذا توقفت عن دفع جسم ما فإنه سوف يتوقف، والصحيح أنه ربما يستمر في الحركة إذا لم تكن هناك قوة احتكاك (في الفضاء مثلاً أو التزلج على الجليد). مثال آخر في الكيمياء. فقد كانت النظرية التي تفترض وجود مادة كامنة في الأشياء القابلة للاحتراق تسمى (فلوجستين) تعطي تفسيراً مقبولاً لعملية الاحتراق حين يفقد الشيء المحترق جزءً من وزنه. إلى أن اكتُشف أن بعض المعادن تزداد كتلتها بعد الاحتراق، و هذه الزيادة غير متوقعة بحسب نظرية الفلوجستين لأن فقدان مادة الفلوجستين بفعل الاحتراق يفترض به أن يقلل كتلة المادة. وظلت هذه الظاهر لغزاً إلى أن تم اكتشاف الأكسجين و عملية الأكسدة فأعطت تفسيراً أدق لعملية الاحتراق.
هذه الأمثلة تدل على أن العلم بالمعنى الثاني الذي أشار إليه فاينمان، أي النظريات والاكتشافات، يتقدم بالفعل. و في كل مرة يتقدم فيها يقدم حلولاً لألغاز و مشكلات كانت غامضة ثم حُلت. كما أن العلم يتقدم أيضاً في حل نوع آخر من المشكلات هي المشكلات الحضارية إن صحت التسمية. فالعلم، بالمعنى الثالث بحسب فاينمان، قد قدم منتجات مفيدة كالأدوية واللقاحات و وسائل المواصلات السريعة وغيرها حلّت مشكلاتٍ كانت تعاني منها البشرية في زمن مضى، و يبدو أنه سيستمر أيضاً بتزويدنا بمنتجات مفيدة. المهم ألا يجرّنا الاعتراف بهذا النوع من التقدم العلمي إلى الاعتقاد بنوع آخر من التقدم هو التقدم المعنوي/الأخلاقي/الروحي، فنقعَ في نفس المغالطة التي وقع فيها المؤرخ البريطاني ماكولي الذي اعتقد بأن هناك "نزعة طبيعية للمجتمعات نحو التحسّن." فماكولي قال هذا في وقتٍ كانت مظاهر المدنية (المادية) في بداياتها و لم يمضِ زمن طويل على إنشاء أول شبكة صرف صحي حديثة في باريس و بريطانيا. و العلاقة بين التقدم العلمي المادي و بين التقدم الأخلاقي، في نظري، علاقة معقدة. خذ مثلاً تطوير وسائل التصنيع و الإنتاج بعد اختراع المحرك البخاري إبان الثورة الصناعية. هذا الاختراع قد ساهم في الاستغناء عن العمال و يمكن المحاججة أيضاً أنه قد ساهم بالقضاء على الرق و العبودية (وهذا تقدم أخلاقي). ولكنه أيضاً ساهم في تغيير التطلعات الاجتماعية و هذا التغيير عمّق العناءَ النفسي عند الإنسان كما وضح آلان دو بوتون في كتابه قلق السعي نحو المكانة (وهذا تراجع معنوي). أما في زمننا المعاصر فنجد أن الذكاء الاصطناعي قد أحدث ثورة صناعية أخرى ستطور وسائل الإنتاج إلى الحد الذي صار الاستغناء شبه التام عن البشر ممكناً. وهذا إن حدث فسيضطرنا للتفكير في مواجهة المشكلات الاجتماعية الكثيرة التي يتوقع أن تحدث نتيجة لذلك. هذه الإشكالات تدل على ضرورة التمييز بين التقدم العلمي المادي و بين التقدم المعنوي الأخلاقي.
أختم بإيراد هذا الاقتباس من كتاب آلان دو بوتون (قلق السعي إلى المكانة) الذي يتحدث عن كتاب جان جاك روسو (أصل التفاوت بين البشر): "يمضي روسو في كتابه هذا ليرسم تاريخًا آخر للعالم، ليس بوصفه قصة للتقدّم من البربرية إلى المصانع والمدن الكبرى في أوربا، بل بوصفه قصة للردّة والتراجع، من حالةٍ مفعَمة بالمزايا عِشنا فيها حياةً إنسانيةً بسيطة ولكن مُدركون لاحتياجاتنا، إلى حالةٍ نجدُ أنفسنا فيها نحترق بنيران الحَسد إزاء سُبل حياةٍ لا تربطها بذواتنا الحقيقية إلّا أوهى الصلات . في فترات ما قبل التاريخ المتخلفة تكنولوجيًا، أو ما يسمّيه روسو «الحالة الطبيعية » ، عندما عاش الناس في الغابات ولم يدخلوا بالمرة متجرًا أو يقرأوا جريدة، كان لدى الرجال والنساء على السواء فهمًا أفضل لأنفسهم وهكذا كانوا ينجذبون إلى الجوانب الأشد جوهرية لعيش حياةٍ سعيدة : حُب الأسرة، واحترام الطبيعة، والإحساس بالمهابة أمام جمال العالم، والفضول نحو الآخرين، وتذوّق الموسيقى والتسليات المتواضعة . وفقًا لرؤية هذا الفيلسوف فقد انتزعتنا من هذه الحالة «الحضارة » التجارية الحديثة، لتَرمي بنا إلى الحسد والاشتهاء والمعاناة في عالمٍ مِن الوَفرة"