ابني ربيع..
السلام عليكم..
منذ رحيلك وأنا أحاول أكتب لك رسالة ، ثم جاءت رسالتك التي قرأت فيها كلمات زميلك الخريج، وكنت قد كتبت لك في الرسالة التي كنت أحاول صياغتها مراراً وتكراراً:
عرفتك صاحب خطاً بارعاً، وظرفاً ورواية، وسخاء نفس، وجميل مشاركة لأصحابك .. مفعماً بالحبور، منفتحاً على الحياة .. مستعداً دائماً لمواجهة يوم طيب للعمل.
وعندما كنت في المطار، كنت أحاول أن أقول لك:
كن صلباً بما يكفي .. تعلم من الحجر السكينة .. وكما تركت الحب وأنت ترحل .. احمل معك التسامح .. لكن اختلطت لدي التعابير مع اختلاط المشاعر .. حقاً أن جمل الحزن مبهمة .. وكلمات الوداع مدفونة في حروف الأبجدية .. تحتاج إلى كثير عناء لاستخراجها.
ربيع..
قبل ثلاثين عاماً كانت بداية رحلة الابتعاث والدراسة لي، واليوم أنت تعيش نفس التجربة.
ربيع..
كثيرون هم الأشخاص الذي يحاولون تشييد حياتهم من أجزاء تجاربهم المتعثرة والمبعثرة ، تجربتي في الحياة علمتني أن أقلل التوقعات من الأصدقاء ، وأقلل من اعتمادي على الآخرين ، وأن لا ابتعد كثيراً عمن أحب.
أنت الآن يا بني في بداية الطريق .. طريقك واضح .. ماعليك سوى أن تسلكه بشرف .. ما يلزمك بالتحديد هو التصميم والتركيز والسيطرة .. ركز على ما تفعله وليس العائد من وراءه .. سيطر على عواطفك القوية .. حبك وكرهك .. تصل إلى حالة ذهنية خالية من الأمور التافهة.
استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
أبو ربيع
٦-١٢-٢٠١٢م