من: إسماعيل إلى: لمار
فبراير ٢٠١٧م
حفيدتى لمار.. اكتب إليكِ فى يوم ميلادك السابع، كل الأطفال يتمتعون بالبراءة، وأنت يا لمار واحدة من الأطفال تتمتعين بالبراءة وتعبرين عنها بجمل واضحة قصيرة وجميلة.
التقيت بك أول مرة وعمرك ثلاث ساعات. كنت فى الكوفلة. استلمتك من الممرضة التى تركتنا وحيدين فى غرفة صغيرة حارة. وفجأة سقط الرداء الذي كان يلفك عن كتفك الأيسر، وفى عجالة نزلت بكتفك لكي تستترين. وفعلاً عاد الرداء يسترك تماما. دعوت الله أن تكون علامة خير لك. تحدثت معك وأخبرتك بأننى جدك. ثم أذنت في إذنك الأيمن وأقمت فى إذنك الأيسر. اذكر ذلك اللقاء جيدا. كنت تصغين إلى كل ما أقول بهدوء. وعيناك لا تفارق النظر إلي بكل أدب جم.
حفيدتي : لا فرق بين الكوفلة والكفن. الفرق فى الشخص الذى يرتدى هذا أو ذاك. فى الكوفلة شخص قدم للحياة، وفى الكفن شخص غادرها. وهذه سنة الحياة. وبين الرداء الأول والرداء الأخير هناك حياة. حياة ليس ما يدور حولنا فحسب، ولكن حياة فى داخلنا، فى إيماننا، فى أملنا، فى حبنا، فى صدقنا بالعطاء البسيط والأخذ البسيط. فى كل ما نتجاوز عنه لنصنع معيار اللقاء ومعيار الرحيل. حياة ننمو ونكبر ونتعلم ونتسامح ونتراجع لنكون أنفسنا. وفضلاً عن البحث عن الثناء نقدم الثناء لتظل الحياة مشرقة كإشراقة وجهك فى ذلك اللقاء وكل لقاء جمعني بك.
حفيدتى فى اللقاء الأول تمنيت أن أراك دوماً : أنيقة فى بساطة، خفيفة الظل فى أدب، لبقة الحديث، حكيمة القرار، ينجذب من حولك إلى نبلك وفكاهتك وجديتك واهتمامك بشئون الآخر كأنك ولي أمره. حينما قرأت العام الماضي تقرير المدرسة عنك، لم ألحظ كبير اختلاف بين ما وصفك التقرير وبين ما تمنيت. علماً بأن هذه صفات ألحظها جيداً فى والدك الربيع الذي دوماً يقدم أعمالاً عظيمة.
لمار : اجتهدي فى التعلم لتصبحي رفيعة الثقافة، منهجية منظمة، ثاقبة الرأي، جديدة الكلام. والدتك سوف تساعدك لأنها تسلك هذا الطريق وهي تملك طيبة القلب، ووداعة الأخلاق. وأنت يا لمار تستطيعين إحراز كل ذلك بعون الله، لأنك تمتلكين صفة لم أجدها فى غيرك: حينما تتحدثين على محمل الجد أصغي الى صوت الفطرة فى داخلك. جملك قصيرة صادقة ومعبرة.
لمار : أعرف أنك طفلة، ولكن لا يمنع هذا أن تحظي برسالة تخاطب طفولتك وكل سنين حياتك، رسالة تخاطب هويتك وفطرتك التى فطرت عليها. فطرتك التي يجب أن تكون معك فى الرداء الأخير كما كانت فى الرداء الأول.
حفيدتي : مهما علا صوت الضجيج من حولك، ومهما تعالت صيحات الموضة هنا وهناك، ومهما قدمت التقنية من مخترعات، أبقى صوت الفطرة فى داخلك. لا آله إلا الله، سبحان الله، الحمدلله والله اكبر.
حفظك الله وجميع أفراد أسرتك.