المقارنة بالآخرين 

عند قراءة عنوان الفقرة قد تستغرب من هذه النصيحة البديهية أو التافهة و لكن أريدك أن تجيبني عن السؤال التالي :

لو تقدمت إلى وظيفة و اعُطيت الخيارين التالية :

1- أن يكون راتبك 15،000 بينما زملائك و أقرانك رواتبهم 7500  ويعتبر راتبك ضعف رواتبهم  .

2- أن يكون راتبك 30،000 و لكن زملائك و أقرانك رواتبهم 60،000 و تعتبر رواتبهم ضعف راتبك.

ماذا ستكون إجابتك ؟! 

المدهش في الموضوع ان دراسة مشابهة جرت على مجموعة من المشاركين 56٪ اختاروا الاختيار الاول !!

يذكر هذا الشخص أنه في كل يوم يذهب فيه إلى العمل يشعر بإنه فاشل بل أفشل شخص في العالم و قد تعتقد أنه يعمل في وظيفة سيئة أو يعمل في بيئة ظالمة و لكن الغريب أن هذا الشخص يعمل دكتور في أحد أعرق الجامعات في العالم “جامعة هارفرد” !

لماذا مثل هذا الدكتور يشعر بمثل هذا الشعور المحبط المدمر بالرغم من امتلاكه للمكانة الاجتماعية الرفيعة و الوضع الاقتصادي الممتاز ؟! 

يذكر الدكتور أنه في كل يوم يذهب إلى مكتبه في الجامعة ينظر للمكتب المجاور له فيجد دكتور حقق جائزة نوبل في العلوم و هو لم يحققها فيشعر بالإحباط و ينظر للمكتب المجاور الآخر فيجد دكتور تجاوز عدد مؤلفاته 40 مؤلف و هو لم يؤلف سوى كتابين و لذلك يشعر بالإحباط و اليأس .

منذ بدأ الإنسانية و نحن نقارن بعضاً مع بعض حتى نثبت مكاننا في الخريطة الإجتماعية أنا من أكون في هذا المجتمع ؟!

في الماضي كان التفاخر بعدد الأبناء قال الله تعالى “ ألهاكم التكاثر “ الان اصبح التفاخر بشكل مختلف أين تتعشى ؟ أين تقضي إجازتك السنوية ؟ ما هو نوع السيارة التي تمتلكها ؟ و ما هو مستواك التعليمي ؟ 

ومن هذا المبدأ نشئ مبدأ في الاقتصاد يطلق عليه “Veblen Goods “ و هي سلع يزيد الطلب عليها إذا زاد سعرها و هذا يكسر قانون “العرض و الطلب “ إذا قل السعر زاد الطلب و من أمثلة هذه المنتجات لساعات السويسرية باهظة الثمن ، وحقائب اليد المصممة والمجوهرات والسيارات الفاخرة و من يقتني هذه الاشياء في العادة يتبع اسلوب الاستهلاك التفاخري .

أنت لا تعرف الشخص الذي تقارن نفسك به ، أنت تعرف ظاهره فقط .

أجرت جامعة دنفر الأمريكية دراسة شملت 600 شخص و وجهت لهم سؤال عن 4 شخصيات شهيرة و عن ما يتوقعونه عن حياة هؤلاء الأربعة المشاهير ؟

الصادم أن 93٪ من المشاركين كانت إجاباتهم أن حياة هؤلاء المشاهير هي حياة هانئة خالية من المشاكل ! 

بينما كانت الحقيقة أن الاسماء الأربعة المُختارة كانت تعاني من المشاكل و التحديات في حياتهم و جميعهم حاولوا الانتحار .

تأكد دائماً أن ليس كل ما يلمع ذهباً .

عادة أن من يقارن نفسه بالآخرين يدمر شخصيته و يجعل شخصيته شخصية مهزوزة و غير واثقة من نفسها .

أنت عادة تقارن نفسك بمعلومات غير صحيحة عن الآخرين ، الناس عادة تضخم مشاعرها الإيجابية و تخفي مشاعرها السلبية . و هنالك مثل أمريكي يقول “ Everyone is A Package Deal “ و يعني أن الجميع عبارة عن صفقة كاملة ، لايمكنك رؤية عنصر واحد من حياة شخص آخر بشكل منعزل ،و تأكد أن كل شخص لديه ألم في حياته و عندما تقارن نفسك بهذه الطريقة فإنت تقارن نفسك مقارنة غير عادلة . واجه الامر ، انت حقاً لا تريد حياة شخص آخر ، تريد حياتك الخاصة ، فقط تحتاج إلى تحسينها و يمكنك أن تجعل حياتك أحسن إن لم تقارنها بالآخرين .

الكثير من الدراسات و الأبحاث تدل على أن من يقارن نفسه بالآخرين معدل إنجازاته و أهدافه يقل حرفياً . و في بعض الأحيان نقارن أنفسنا بأشخاص يقومون بأفعال أقل منا و نبدأ نفكر بطريقة “ربما علينا أن نبطئ قليل من السرعة فالجميع يسير ببطئ” و هنا ينطبق قول جيم رون “ لربما أنت ضمن المجموعة الخطأ” .

المقارنة مع الآخرين معركة خاسرة تماماً ، لأنه من المستحيل أن تصبح الأفضل من الجميع في جميع المجالات .