غازي القصيبي
١٠ نصائح للإداري الناشئ
١ - لا تذهب إلى عمل جديد إلا بعد أن تعرف كل ما يمكن معرفته عن العمل الجديد:
عند انتقال د.غازي القصيبي للإدارة سكة الحديد "مدرسة تدريب الوزراء" يذكر د.غازي أنه كانت هنالك فترة انتقالية ، أسابيع قليلة بين حديثه مع وزير المواصلات و انتقاله إلى الدمام ، طلب الدكتور غازي محاضر الجلسات التي عقدها مجلس الإدارة منذ تأسيس المؤسسة و قرأئها كلها ، كما قضى الدكتور غازي مع مدراء المؤسسة السابقين الساعات الطوال يسأل أسئلة لا تنتهي ، فيما بعد كان العاملون في المؤسسة يُفاجون عندما يطرح موضوع ما بـأن الدكتور غازي على إلمام تام به .
٢- اختبر الخدمة التي يقدمها الجهاز الذي تعمل به و اختبرها بنفسك :
يتحدث د.غازي عن أنه بدأ عهده في سكة الحديد بقرار أدهش بعض موظفيها ، قرر د.غازي أن يسافر من الرياض إلى الدمام بالقطار ، حاولوا العاملين في المؤسسة من اقناعه بالعدول عن الفكرة لأن الرحلة “متعبة و طويلة “ يا لغرائب البيروقراطية !
الجهاز الذي يقدم خدمة عامة للجمهور يريد حماية رئيسه من هذه الخدمة ، إلا ان د.غازي اصر على أن يسافر بالقطار و يذكر أنه ضرب بهذه الرحلة عدة عصافير بحجر واحد ، رأى كيف تعمل المؤسسة على أرض الواقع ، تحدث مع المسافرين و استمع إلى شكاويهم و اقتراحاتهم ، رأى كل المحطات و قابل كل العاملين فيها ، تذوق من الطعم الذي يقدم للركاب ، بإختصار يذكر د.غازي أنه تعلم من هذه الرحلة الواحدة ما لم يكن يسعه أن يتعلمه من قراءة ألف تقرير .
٣- ألا تخضع لإبتزاز الاستقالة :
كان هنالك مسئول قديم في المؤسسة لم يكن د.غازي يسأله عن شيء إلا انفجر
“ أن لا استطيع أن أتحمل الضغط ، كنت أريد الاستقالة ولكن كل المدراء قبلك أصروا على رفضها ، و بقيت مضطراً أرجو ألا تحملني فوق ما أحتمل “ استمع د.غازي لهذه الاسطوانة بهدوء مرتين أو ثلاث مرات عندما بدأ يكرر الكلام نفسه قاطعه د.غازي و قال له “ كم عدد الأبواب في مكتبي هذا ؟ “ قال مذهولاً “ بابان “ قال د. غازي “ و لا تنس الشباك ، هنالك ثلاث مخارج تستطيع تستخدمها من هذه اللحظة . الاستقالة مقبولة “ لم يعد هذا المسئول ، بعدها إلى حديث الاستقالة أو قصة الضغط . على المدير أن يخبر من يريد الاستقالة أن الابواب مفتوحة . و يقال “ أقبل الابتزاز مرة سوف تضطر إلى قبوله إلى الأبد “ .
٤ - لا تستح أبداً من أن تعترف بجهلك و أن تعالجه بخبرة الخبراء :
يتحدث د. غازي عن توليه لوزارة الكهرباء و كان لا يكاد يفقه شيء في الكهرباء ، و أن الانسان الذي يعرف نقاط ضعفه يملك فرصة حقيقة في تحويلها إلى نقاط قوة ، و على الذين لا يعرفون أن يستعينوا ، بلا تردد ، بمن يعرفون و هذا بالتحديد ما فعله د.غازي ، استعان د.غازي بشركة أمريكية متخصصة و ذات خبرة واسعة و كلفها بوضع خطة كهربائية شاملة للمملكة تتناول الربع القرن القادم و بإشراف من الجانب السعودي
٥- إذا كنت لا تستطيع أن تتحمل مسئولية الخطأ الذي يرتكبه أحد العاملين معك فمن الأفضل أن تبقى في دارك :
إذا كان المدير يتلقى ، راضياً مسروراً ، المديح عن كل إنجاز فعليه أن يتقبل ، راضياً المسئولية عن كل خطأ . المدير الذين ينسب النجاح إلى شخصه و يعلق الفشل في رقبة الموظف الصغير المسكين يستحيل أن يحظى بثقة العاملين معه . بعد حين يخاف العاملون معه أن يعملوا خشية الخطأ فلا يعملون شيئا و ينعدم الإنجاز .
الولاء طريق ذو خطين ، و ما أكثر المسئولين الذين يتوقعون الولاء من مساعديهم دون أن يكونوا على استعداد لمقابلة الولاء بالولاء .
٦- إن كنت تريد النجاح فثمنه الوحيد سنوات طويلة من الفكر و العرق و الدموع :
كانت المؤسسة العاملة للكهرباء قد أنارت ما يقارب ألفي قرية صغيرة ، في هذه المرحلة ، بعد ست سنوات من إنشاء الوزارة ، يتحدث د.غازي عن أهم ما تم في قطاع الكهرباء خلال فترته الوزارية : أنه عندما عُيين وجد مائة شركة ضعيفة هي ، على ضعفها ، أقوى من الوزارة ، و عندما ترك الوزارة ترك ، أربع شركات قوية هي ، على قوتها ، خاضعة لرقابة كاملة عن هذا الجهاز و يذكر أن الإنجاز الذي تحقق ليس إنجاز فرد؛ كان إنجاز دولة .
٧ - محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكار قديمة هي مضيعة للوقت و الجهد :
عند استلام د.غازي القصيبي وزارة الصحة تبين أن المراكز القيادية في وزارة الصحة لم تتغير عبر أكثر من ربع قرن رغم تغير الوزراء المتكرر ، كانت مشكلتهم أنهم تعودوا على الحركة البطيئة عبر السنين حتى فقدوا القدرة على الحركة السريعة ، لم تكن مشكلتهم أنهم كانوا يفتقرون إلى النزاهة أو الكفاءة أو الإخلاص . كانت المشكلة أنهم درجوا على نهج معين من التفكير و من الصعب عليهم أن يغيروه .
٨- المال عنصر أساسي في الإدارة و لكنه ليس العنصر الأوحد و قد لا يكون العنصر الأهم :
يذكر د.غازي في أثناء عمله في وزارة الصحة اقترح على أن تكون في كل غرفة من كل مستشفى الآية الكريمة (( و إذا مرضت فهو يشفين )) و لم تكلف الوزارة قرشاً واحد . تفاهم د.غازي مع وزير العمل و الشئون الإجتماعية انذاك محمد الفائز ، و تفضل و أوعز إلى مراكز التدريب التابعة للوزارة فقامت مشكورة بإعداد آلاف اللوحات بلا مقابل .
٩ - سياسة “حافة الهاوية” :
في فترة وزارة د.غازي لوزارة الصحة ، و في موسم الحج واجه د.غازي موقفاً صعب ، حيث عسكرت مجموعة من الحجاج قرابة الخمسمائة ، أمام مدخل المستشفى في منى بحثاً عن الظل و رفضوا أن يتحركوا . لم يكن بالإمكان و هم يحتلون الساحة أمام المدخل أن تصل سيارات الإسعاف إلى المستشفى . حاول الزملاء إقناعهم بالتحرك و حاول رجال الأمن و لم يفلحوا ، ذهب د.غازي و قدم نفسه لهم و قال لهم أنه لا يستطيع أن يترك ضحايا ضربة الشمس يموتون في سيارات الإسعاف لأنهم يريدون الاستمتاع بالظل . لم يفلح الكلام قرر د. غازي اللجوء إلى سياسة “حافة الهاوية” قال لهم أنه سيقود سيارة من سيارات الإسعاف بنفسه و سيتجه إلى المدخل و إذا قرروا البقاء تحت العجلات فهذا شأنهم وحدهم . ذهب د.غازي فعلاً و قاد سيارة الإسعاف بإتجاه المدخل . عندما أصبح على بعد ثلاثة أمتار أو أربعة من المجموعة بدأ أفرادها يتقافزون و يركضون و لم يبقى أحد أمام المدخل كان يقود السيارة ببطء شديد و كان ينوي التوقف قبل أن يصل إليهم إذا لم يتحركوا كما ذكر ذلك .
لا تستعمل سياسة “حافة الهاوية” إلا في الضرورة القصوى ، و لا تتردد إذا تطلبت الضرورة القصوى استعمالها ، و إياك أن تنزلق من الحافة إلى الهاوية !
١٠- ألا تتردد في اتخاذ القرارت الضرورية ، حتى و إن كانت مؤلمة :
في أثناء فترة إدارة الدكتور غازي لسكة الحديد ، اتضح له أن بعض المدراء أمضوا سنين طويلة في مواقعهم و لم يكونوا قادرين على الأداء الذي توقعه منهم ، فؤجى الجميع ، ذات صباح ، بقرار حمل الكثير من التغيرات . جاء إعلان القرار مفاجئاً و لكن الدكتور غازي لم يتخذ القرار إلا بعد دراسة متأنية و بعد استعراض البدائل كلها . يذكر الدكتور غازي أنه لم يكن هنالك أي قدر من تأنيب الضمير . و لم يكن القرار يتضمن فصل أي موظف ؛ كل ما كان يتضمنه هو نقل الموظف من موقعه . إذا لم تكن للقائد الإداري القدرة على نقل موظف لم يعد قادراً على العطاء من موقعه فمن الأفضل ألا يتصدّى للقيادة الإدارية .