من يراقب من !!!
أين تقودنا الأيديولوجيا المعلوماتية
يبدو لي مؤخرًا أن استنادي على الكتابة يعني بالضرورة استنادي على الأفكار الناتجة عن قراءاتي ومشاهدتي للأفلام لا أدري هل هذا الخيار خير جيد أم سيء لكن ليكن على أية حال ؛
مع ضوضاء المعلوماتية وانخراطنا في جوفها بالمعنى الحرفي باتت الكثير من مسلماتنا التي قادتها الكثير من العوامل الخارجية ( المجتمع ، الأسرة ، المسلمات والخرافات التي تناولتها أساطير عديدة ، وأشياء كثيرة أخرى ) محل زعزعة وتغيير إلى حد كبير ، بالبداية كنت اعتقد ان الإنسان يؤمن كثيرًا بل ويتمسك بمبدأ الصلابة الفكرية والسلوكية إلى أنني مؤخرًا بدأت أيقن إلى حدٍ كبير جدًا أن الإنسان بطبيعة الحال كائن قابل للتأدلج إلى حد عالي جدًا بوعي منه أو بدون وعي بطريقة مباشرة أو حتى غير مباشرة ، موضع الأدلجة قد لا يكون سيء بالضرورة ولا حتى جيد بالضرورة لكن فكرة أن الأطوار البشرية بالسابق وحتى الحاضر تقع تحت منظور أدلجة حتميّ ، تبدو لي فكرة مثيرة للدهشة والتفكير في ماهيتنا كأفراد بشرية !
فمع كل طور بشري تزداد مواضع الأدلجة وتأثيرها على البشر مما يعني أننا كنا بالسابق
ننقاد لجماعات بسيطة صغيرة تملي علينا أنماط عيش محدده وأسلوب بناء اسري ثابت بيتك الصغير والبيت الصغير والذي يليه والذي يلي الذي يليه سواء بحيك او بالحي المجاور لك قد يحمل نسخة ثابته من مسلماتك وأحيانًا تبدو هذه النسخة غير قابله لا للتحرير ولا التعديل ولا حتى التطوير .
تتطور الأطوار البشرية وتتطور دائرة الأيديولوجيا المؤثرة أكبر فأكثر فنجدنا الآن قابلين للأدلجة من مواضع عديدة ومختلفة ، كانت المعلوماتية القائد الأكبر والمؤثر الأساسي في توسعها وتضخمها وتأثيرها في أساليب عيشنا
للآن اذكر مراجعة بعض القراء حول رواية ١٩٨٤ لجورج أرويل ، عندمًا انهو الكتاب كتبو عن شعورهم حولها ( انهيت قرائي للكتاب وللآن شعور مراقبة الأخ الأكبر لشخصيات الرواية انتقل لي وبت اعتقد انني داخل دوامة المراقبة )
فمن يراقب من وهل نحن في جوف منطقة التركيز العالي من انعدام الخصوصية
رواية جورج أرويل من الروايات الرائعة جدًا واعتقد انها غذت أكبر إسقاط على فكرة الأيديولوجيا السلطوية والديكتاتورية التي كانت تقود أفرادها إلى التسليم التام لجماعة السلطة التي كانت تحت جماعة الأخ الأكبر ، الرواية مهيبة على الجانب الفكري إلى حد كبير عالي جدًا
حيث كان المجتمع الروائي الذي صوره الكاتب يدور حول سلطه متحكمة تراقب كل فرد من أفراد الشعب من بداية يومه الى نهايته تملي عليه قوانين محدده ولنقل حتى مشاعر محدده ، الخلاف والخروج عن النظام يعني العذاب الشنيع من صعق ومن تعذيب لا يمكن تحمله حتى كتابتًا
على الجانب الهزلي والأخف وطأة و من مسألة الأيديولوجيا والدكتاتورية الى مسألة المراقبة فحسب
يمثل جيم كيري في فيلم The Truman show
حيث تتمثل فكرة الفيلم بتمثيل هزلية المراقبة بشكل غريب جدًا
تبدأ قصة الفيلم عندما يضع القائم على البرنامج طفل تحت مراقبة الشاشات منذ بداية طفولة إلى حتى وصوله لمرحلة الشباب في مجتمع صغير يعج بالممثلين الكومبارس الذي يأدون أدوارهم داخل المدينة الصغيرة المحاطة بالكاميرات من كل جهة والتي تراقب ترومان على الدوام إلى ان يكتشف مؤخرًا انه داخل برنامج تمثيلي يحتاج الخروج منه ليمارس حياته بشكل طبيعي ، الحقيقة هل نحن مع سطوة الأيديولوجيا والمراقبة المعلوماتية أصبحنا ممثلين كومبارس في حياتنا ؟!
أهلًا أنا سمانثا
Hi I’m Samantha
نظام تشغيل جديد يطرح في المدينة يطرح عليك تساؤلات عن حياتك يخيرك بين اختيار جنس المتحدث معك ( رجل ، أمرأة ) يستغرق ثواني قليلة لمعالجة المعلومات ومن ثم يصاحبك لقضاء ٧٥٪ من لحظات يومك
يذكرك بمواعيدك ، يبعد عنك شعورك بالوحدة يشاطرك الحديث ، النكات يربت على كتفك اثناء حزنك وحيرتك
كل ما عليك وضع السماعة واصطحاب جهاز صغير يدعم هذا النظام ؛ بالحقيقة وأنا اتذكر الفكرة انتابني شعور الروعة ! لكن فكرة الإستغناء عن علاقاتنا البشرية بالمطلق فكرة هزلية ومستحيلة تمامًا
المهم لنعود لصلب الموضوع ، هكذا كانت كانت فكرة فيلم (Her )
حيث تعج هذه المدينة بهذا النظام ويبدأ الكل تدريجيًا واقع تحت سطوة هذا النظام التشغيلي وتتدرج فكرة التخلي عن وجود جماعات وعلاقات بشرية ، حيث بدأ الكثير بإدخال معلوماته إلى النظام وبناء علاقته مع هذا النظام الذي يفهمه بمجرد معالجة معلوماته ، النهاية المتوقعة يزول هذا النظام وتدخل المدينة في حالة شعور بالفقدان والزعزعة
نهاية اخشى فكرة تأدية دور الكومبارس ، أخشى فكرة الأيديولوجيا الضارة
و اخشى المعلوماتية الممتدة التي بدأت تستحوذ علينا كأفراد بشرية وأود أكتب أخيرًا أتمنى المرحلة القادمة تكون أقل وطأة وتأثيرًا على أطوارنا البشرية