قصتي مع النظام النباتي 

 قبل خمس سنوات، كنت في سنتي الجامعية الأولى حيث بدأت معاناتي مع جهازي الهضمي، في بداية السنة كان نظام الدراسة جديد والبيئة مختلفة كليًا عما اعتدت عليه غير ساعات الدوام الطويلة التي كانت احد أسباب اختلاف أوقات الأكل بالنسبة لي


في أول الأسابيع بدأت أشعر بألم بعد تناول وجبة الإفطار كل يوم، لم اكن في مستوى وعي يجعلني افكر بأن السبب قد يكون في الجبن أو الخبز الذي تناولته، ومع مرور الأيام كان الألم يزداد مع شعور بالغثيان فبدأت اتخطى وجبة الإفطار واكتفي بشرب كوب من الشاي، وحتى وجبات الغداء في الجامعة توقفت عن تناولها لأن الألم كان متعب لدرجة لا تجعل حضوري كامل أثناء المحاضرات.


كنت الألم مزعجًا جدًا ويجعل مزاجي سيئاً في أغلب الوقت، حتى تفاعلي أثناء المحاضرات يكون ضعيف مقارنة بالأيام التي لا أتناول فيها شيء حين يكون جهازي الهضمي في وضع جيد، بعد مرور السنة الجامعية الأولى بسلام وبدء السنة الثانية والتي كانت أسوأ من الأولى من جميع النواحي ، حيث إنها  كنا ندرس مواد متخصصة أكثر وتحتاج تركيز اكبر، ازداد القلق والتوتر مما أدى الى زيادة الألم واستمراره أغلب الوقت.


بدأت أزور الطبيب لان وزني انخفض مقارنة بالسابق وأصبح الأشخاص من حولي يلاحظون علامات التعب على وجهي، قمت بجميع الفحوصات اللازمة وكانت كلها سليمة ولله الحمد، كان تشخيص الطبيب لحالتي هو متلازمة القولون العصبي وهذه المتلازمة لها مسببات كثيرة ، أخبرني ان اخفف من الزيوت والاكل المحتوي على الفلفل ، ووصف لي عدة أدوية أتناولها بعد الوجبات للتخفيف من الأعراض

 

بدأت أبحث واقرأ لأن مسألة العيش على ادوية وانا بهذا العمر لم تكن مقنعة بالنسبة لي هذا بالإضافة إلى أن الأدوية لم تعطي المفعول الذي توقعته، وفي كل مرة اذهب للطبيب يقوم بإعادة أسطوانة ابتعدي عن الدهون والفلفل وانا شخص بطبيعتي لا اتناول الوجبات السريعة إلا في نادراً ، كنت أشعر في تلك الفترة بضغط من جميع الأشخاص في حياتي حيث كانت جملتهم المعتادة (أنتي عودي نفسك على هذا الاكل لين معدتك تتعود عليه) والحقيقة أنه لا شيء من هذا صحيح.

 

بعد فترة من المعاناة مع الألم قرأت كتاب الأمعاء : كنزك في بطنك ، كان بمثابة مدخل ممتاز لأفهم ارتباط الجهاز الهضمي بالجهاز العصبي، فهمت أن سبب الألم لا يتعلق فقط بنوعية الطعام، بل إن التوتر كذلك عامل أساسي آخر للألم المزمن. وبدأت أفهم كيف يعمل الجهاز الهضمي بالتفصيل وفي ذلك الوقت ايضًا خلال دراستي في المجال الصحي فهمت عدة أمور من خلال مادة الكيمياء الحيوية، احد اهم المتلازمات التي تعرفت عليها تلك الفترة هي متلازمة عدم تحمل اللاكتوز أو حساسية الحليب ومشتقاته.

بدأت أراقب طعامي لتحديد اذا ما كنت أعاني من حساسية تجاه الحليب ومشتقاته، وجدت أنني أعاني من حساسية شديدة، توقفت عن تناول جميع منتجات الحليب وفعلًا انخفض الألم بنسبة كبيرة، خلال تلك الفترة قمت بمراجعة الطبيب وكانت تلك المرة الأخيرة لأن الطبيب بدأ يقترح إجراء منظار للقولون، وأنا شخصيًا أرفض القيام بإجراء غير مقتنعة به لدواعي القيام بها فقط.

 

أصبحت أبحث عن كل شيء حتى قرأت عن النظام النباتي وكنت في تلك الأيام من المعارضين لهذا النظام ، شاهدت فلم وثائقي عن تأثير النظام النباتي، بدأت أفكر بتجربته واعطاءه فرصة وبدأت بنظام نباتي أو ما يسمى Vegetarian وبشكل أساسي يُعنى هذا النظام بتجنب منتجات اللحوم كالدجاج واللحوم الحمراء. خلال أسبوع واحد وجدت فرق! ، ثم خلال شهر بدأت أتدرج إلى النظام النباتي الصرف ويعني ذلك تجنب منتجات اللحوم ومشتقاتها تمامًا وهنا بدأ التغيير الجذري، اختفى الألم تمامًا ولا ابالغ بهذه الكلمة ، توقفت عن جميع الادوية، واعتدل مزاجي المضطرب على جميع من حولي، وهناك الكثير من التغيرات التي لم أتوقع أن تحصل بمجرد تعديل نظام غذائي كالبشرة والهرمونات.

 

منذ ذلك اليوم أصبحت أعتمد على البحث الذاتي والسعي المستمر ووصلت لقناعة أن الإنسان طبيب نفسه خصوصًا مع ازدياد الطعام المصنع والتعديل الوراثي على الطعام، فأحيانًا حتى وان كان الطعام نباتي صرف فإنه قد يحتوي على مواد لا تلائم طبيعة جهازنا الهضمي أو غير مفيدة على المدى البعيد ! إن كل شخص له نظام معين من الاكل يتناسب مع طبيعة جسده و جهازه الهضمي، ما يناسبك قد لا يناسبني، وحتى انا اليوم ليس كل الاكل النباتي يناسبني فبعض الأطعمة لا يتقبلها جسدي.

 

أخيرًا، من خلال تجربة النظام النباتي اقتنعت أننا نصبح ما نستهلك، فمن خلال النظام النباتي تغيرت نظرتي للطعام تمامًا، رأيت جوانب مختلفة لمعنى الطعام الصحي، والكثير من التأثيرات التي عشتها ، صحيح أن بداية أيامي كانت متعبة جدًا ولكن في الوقت ذاته لولا ما حصل لما تعرفت على هذا النظام والذي وسع آفاقي ووجدت فيه بدائل مفيدة ولذيذة جدًا خصوصًا في جانب المخبوزات والحلويات والتي هي بمثابة تأنيب ضمير للجميع ولا يمكن أن تكون خيار صحي او مفيد.

أننا لم نتمتع بالعافية طيلة حياتنا لكننا سعينا لها ، سألنا عنها ، فكسبناها، وما زلنا سعاة للمزيد.

Join