لحياة اكثر بؤسًا

تحرير الاخصائية النفسية: ندى محمد


أتعد الصحة النفسية أمراً هامشياً ليس ذو سلطة على الجسد؟

 أما دمنا نستطيع النوم دون ألم، نأكل ونشرب دون شعور بتوعك أو احتقان، نمشي على أقدامنا دون مساعدة، تلتقط أنوفنا ورئتينا الهواء وتزفره بسلامة فنحن أصحاء الأبدان متعافين في أجسادنا..!

ما فائدة التركيز على مشاعري إن كنت استطيع المشي والذهاب لعملي وما فائدة عملي إن كنت أتلمس الراحة في تركه؟ بل ما جدوى الحياة برمتها؟ هل أنام لأستيقظ ببؤس وثقل في شعوري و ذهني؟ ما جدوى الاستيقاظ ورأسي مثقلاً بأفكار كهذه تجذبني نحو التخلص من حياتي؟

سأتلو عليك نصائحاً ذهبية تجعل أفكارك حالكة كتلك التي تغشاني وانا اروي لك كلماتي هذه، أفكاراً تغلف مشاعرك وتضعها بمعزل عن الاخرين وكي أكون محسناً إليك سأفرض عليك أفعالاً تأخذ بيدك لحياة أكثر بؤساً..

إياك وملاحظة شعورك إياك ان تعطيه قيمة بفهمك إياه تجاهل مشاعرك تماماً فالمشاعر سبيل الضعفاء وما انت بضعيف! تشعر انك حزين؟ وماذا في ذلك؟ احزن واكبت حزنك فالغموض جاذبية، تشعر انك خائف؟ مضطرب؟ مرتبك؟ غاضب؟ متوتر؟ قلِق؟ هي مجرد مسميات فلا تحرص أن تفرغها بشكل سليم دعها تقتات على نومك وشهيتك ونشاطك بل دعها تفقدك حياتك الطبيعية

وتذكر دائماً أنك لست ذا قبول بين الناس ولا حتى لأعمالك فائدة تذكر بل ان وجودك برمته سيعيد إحياء كل تصرف غبي قمت به بالسابق في أذهان الآخرين فلن ينشغلوا بالحديث عن حياتهم واعمالهم بل سينشغلون بذكر مساوئك ومواقفك المحرجة السابقة بل قد يسخروا منك سراً فلا تتجاوز دارك لا لعمل ولا لدراسة ولا لمقابلة المجتمع ككل فما حاجة الناس لشخص يحمل تفكيراً محورياً لا يتجاوز موضع قدميه؟ ما حاجة الناس لشخص لا يكلف نفسه عناء تعلم المهارات الاجتماعية ويعمل بجد في رفع مستوى ثقته بذاته ويصحح أفكاره عن ذاته وعن الاخرين من حوله؟ دعك منزوياً معزولاً ودع الحياة والنجاحات والتفوق لمن أفاق في هذه الحياة وولدته امه بكل تلك المهارات وبالثقة العالية في ذاته وقدراته.

دعني اهمسها لك في اذنك .. مستقبلك مجهول وطريقك صعب مربك فانتبه ان تخرج هذه الفكرة من ذهنك دعها تدور في رأسك دائماً ودعها تعطلك عن دراستك وعملك فالمستقبل محتاج لتخطيط وعمل والتزام واجتهاد دعه للقوي المتزن الذي اجتهد على نفسه اما أنت فأبقى حبيس هذه الفكرة وابقى في مكانك لا تتقدم كالآخرين بل ابقى دائم النقد لنفسك لوّاماً لذاتك، احرص على أن تقارن عيوبك بمزايا الآخرين فهم لا يحملون الا فضائل اما انت فلست إلا كومة عيوب وأخطاء.. تبنى هذا التفكير كي تشعر بألم نفسي وعدم ارتياح كي تشعر ايضاً بأنك أقل من الاخرين ودعهم هم يحسّنون من ذواتهم وانت ضاعف ألمك ببقائك في مكانك وانشغالك بالنقد الداخلي واللوم والمقارنة مع كل خطوة يتقدم بها الاخرون عنك.

واخيراً..

احذر أن تهرول مسرعاً لعيادات الصحة النفسية إن لم تشعر بانك جيد او أن عانقتك الحياة واحكمت العناق بضغوطاتها ومصاعبها فما جدوى الذهاب ان كان ما تشعر به ليس الا حديث يروى من ذا الذي سيسمع مبالغاتك تجاه الاخرين وما تشعر به نحوهم؟ ابقى حبيس دارك تجاهل مشاعرك لا تعطي قيمة لعملك ولا لذاتك واعدك أن تكون بائساً كئيباً قلقاً وفي معزل تام عن المجتمع.

كان حديثاً شديد اللهجة محتقناً بجميع الأفكار السلبية التي تغشى أي شخص تحت ضغط نفسي او اجتماعي، مع الأسف ان جميع ما سبق قد نتبناه ونعمل به من التنشئة التي نشأنا عليها من طريقة التربية التي قد تصيبنا بنوع من الشلل الاجتماعي والنفسي والذي يترتب عليه اعاقات شديدة على جميع الأصعدة الاجتماعية والمهنية والأكاديمية بل وحتى الصحية.

كن على وعي بما تستقبله من بيئتك، كن واعياً لما تتبناه من قناعات عن نفسك وعن الآخرين وعن مستقبلك، كبّر العدسة على افكارك هل هي وليدة خبراتك وتجاربك؟ ام هذا ما وجدت عليه آبائك واجدادك وهذا ما تم إرضاعك إياه معرفياً منذ طفولتك؟

افكارك هي ما يشكل انفعالاتك التي عليها يترتب سلوكك، هل تقدم ام تحجم.. هل تبادر ام تتمنع.. هل تتحلى بالشجاعة الكافية التي تجعلك تأخذ احتياجاتك النفسية من حب واحترام وتقدير وغيرها؟

 ام انك منطوي على ذاتك في قوقعتك وتنتظر أن يأتيك الاخرين مهرولين باحترامهم وعطفهم وتأييدهم!

مشاعرك ايضاً ضعها تحت المجهر، تفحصها، نقحها، قوّمها وفلتر مسبباتها، لا تظلم نفسك وتفوت أجمل ايامك حاملاً لفكر قد لا يورد الا مرضاً وهمّا.

Join