هل للفرحة أن تثير الاضطرابات النفسية؟

تحرير الاخصائية النفسية : ندى محمد

دائماً ما تكون مشاعر الاكتئاب وليدة ظروف ضاغطة متعبة، ظروف نفقد فيها ما نفقد من اشخاص واملاك وصحة و امان .. اياً كان ما نفقده، وتكون مشاعر القلق متسيدة للمواقف الغامضة التي نوضع فيها للمرة الاولى، وتكون حاضرة في المواقف التي كانت خبرتنا فيها سيئة، وحتماً سيكون الذعر رفيقنا في المواقف التي نكون فيها حبيسي افكارنا الكارثية التي تدعنا نرى من الغصّة اليسيرة اننا كنا على شفى موتٍ محقق، جميعها مشاعر نفسية ازديادها يجعلنا نضطرب في حياتنا على اصعدةٍ كثيرة البعض تلازمه هذه المشاعر وتتعمم استجابته على جميع المواقف فيحكم عليها بنظرته القلقه والاخر لا يرى الحياة مجدية فيحكم عليها بسوادٍ تام، ونرى احداً يتطرف في حكمه على المواقف فإما أن تكون ايجابيةً او سلبية بالكامل، كل هذه المشاعر منطقية جداً تجاه مسبباتها، قد يبالغ بها الشخص ولكن في نهاية المطاف الاكتئاب علاقته وثيقة بالفقد، والقلق مرهونٌ للغموض.. 

ولكن هل من الممكن أن يُحدث لي الفرح ذات المشاعر؟ 

انتقلت لعملٍ جديد، لوظيفة احلامي ولكن! الاكتئاب و القلق يلازمني! رغم اني لم اعهده سابقاً، بدأت انعزل وفقدت المتعة في حياتي!

يأتي اخر ويذكر انه تزوج ولكن مشاعره غريبه! هو سعيد ولكن يشعر بمشاعر غير مريحه لا تمسّ شريكة حياته بل يحبها وسعيد بها لكن هذه المشاعر موجوده وتزعجه!

تأتي أخرى وتقول انا انتقلت للدراسة في الخارج، ادرس الآن التخصص الذي لطالما حلمت به! لكني ابكي باستمرار، مشاعري ليست على ما يرام! نومي اضطرب وشهيتي تكاد تكون معدومه!

اخر يذكر انه انتقل لمنزله الجديد والذي تعب في تأسيسه لأسرته أيما تعب ولكنه الان منفعل باستمرار، حزين، متوتر  و قد لا يتقبل قضاء وقت طويل مع ابنائه خوفاً من انعكاس هذه المشاعر عليهم! 

يا للغرابة! جميعها احداثٌ سارّة! فلِما الاكتئاب! لما القلق! لما البكاء ايضاً!!

البعض سيهرول للمشائخ باحثاً عمن يُرقيه فما هذه إلا عين حاسد! 

الأخرى ستبدأ في التخطيط عن كيفية اخذ اثر من اجتمعت معهن اخر مره!

لا اذكر هذه التصرفات هنا بغرض الازدراء، لكنني اعكس ردود الفعل الطبيعية والمنطقية وفق ثقافتنا ومجتمعنا لمواقفٍ كهذه! 

ثم حين تبوء جميع الحلول بالفشل يكون العلاج النفسي اخر هذه الرحلة والذي كان من المفترض ان يكن اولى محطاتها.

هناك ما يسمى باضطراب التكيف والذي يعتبر ردة الفعل النفسية تجاه الاحداث التي يكون فيها الفرد لاول مره سواء كان الحدث إيجابياً ساراً أم سلبياً، تُحدث ردة الفعل النفسية هذه بعضاً من الاعراض الجسدية كالآلام المتفرقة في الجسد، اضطرابات في المعدة والجهاز الهضمي، رعشة، نوبات هلع متكررة، يرافقها اما مشاعر من التوتر والقلق والتوجس، او مشاعر من الاكتئاب واليأس و البكاء والعزلة والانطواء وفقدان المتعة تجاه الامور التي اعتادها الشخص مصدراً للسعادة، او كلاهما معاً اضافةً إلى أن بعض الاشخاص يشهدون تهيجاً انفعالياً ايضاً، قد يرافقها بعضاً من السلوكيات المؤذية للذات او للآخرين كالعدوان وصرف المال بشكل غير طبيعي، القيادة السريعة والمتهورة للسيارة وغيرها.

جميع هذه الاعراض غير مقلقة على الصعيد الاكلينيكي اطلاقاً ويتم علاجها بالعلاج المعرفي السلوكي خلال جلسات يسيرة وقد تذهب دون اي تدخل خلال ستة اشهر.

من المهم ان نعي ان الاعراض النفسية ليست جميعها بسبب عينٍ او حسد، ولا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتقصير في العبادات، فلا تضع نفسك او من تحب في دائرة اللوم والتأنيب، فكما يمر الجسد بوعكة صحية تجاه تغيرات الجو فالنفس ايضاً لها من تقلبات الحياة نصيب.

Join