اتسمع لهمس قلبك أم لضجيج عقلك؟!
اتسمع لهمس قلبك أم لضجيج عقلك؟! قلبك أم عقلك؟! عقلك أم قلبك؟! قلبي دليلي.. أم عقلي مصدر حكمتي؟! دائماً ما نضيع بينهما.. نقول القلب يوجهنا فما نلبث أن نقع ضحية له.. نقع في الاختيار الخطأ و الأشخاص الخطأ و المواقف الخطأ بسبب اختيار القلب.. ثم نقرر أن نتبع العقل فنقع ثانية في أشخاص لا يشبهوننا و مواقف لا تناسبنا و علاقات لا نتعايش معها.. من فيهم يستحق أن يسود؟! من منهم نسلمه زمام الأمور؟! القلب أم العقل؟!
لطالما قلت سأتبع قلبي.. سأجعل العقل يتأمل ما يختاره القلب لي.. فقلبي سينير طريقي.. و لطالما قيل في القلب أنه يشعر و يستشعر.. لكنه ضاع مرات.. و تاه مرات أخرى.. و تردد مرات و مرات.. فلقد وليته أمري.. و تركت له حرية الاختيار.. و كامل الاختيار.. لكنه فشل.. فقد ارهقتني اختياراته.. و ضيعتني إجاباته.. و اربكتني تعلقاته.. فقد قالها البارودي:
قد طالما يا قلبُ قلتُ لكَ احترِسْ
أرأيت كيف يخيب مَن لم يسمعِ؟
فقررت بلا رجعة أن أجعل العقل يقودني و الحكمة توجهني..
بدأت مرحلة جديدة.. عقلي يملكها.. هو من يقرر.. هو من يفكر.. هو من يتخذ القرار.. أطمع في خطوات ثابتة.. و قرارات صائبة.. و أيام متوازنة.. فهو مبني على المنطق و الحقائق.. لا مجال فيه للمشاعر.. لكنني وجدتني تائهة.. مرغمة على أشياء لا تشبهني.. أسيرة عاجزة عن الإكمال.. أمشي و كلي أمل في العودة للوراء.. أُقدم و أنا أرغب في الانسحاب.. الروح مرهقة و العقل يمتلك السيادة.. فشلت مرة أخرى في خياراتي.. كنت أحاول أن أطبق قول القروي حين قال:
إذا نادىَ الهَوى والعقلُ يوماً
فصوت العقلِ أولى أن يُجابَا !
لكنني فشلت مجدداً…
ماذا أفعل؟! و كيف اختار؟! و من سيقرر؟! قلبي يريد أن يقود زمام الأمور.. عقلي يزاحمه ليفوز بالسيادة.. لكن هناك روح تائهة بينهما لا تعلم ماذا تفعل و كيف تتصرف و لمن تتنازل!!! مرحلة طويلة من التفكير.. أيام من التساؤلات.. ليالي من التأملات.. فترات طويلة من القراءة.. ساعات من المشي وحيدةً.. أسابيع من الحيرة.. لكن لا جواب يُقال.. و لا نتيجة ظهرت..
أنت من يحدد أتريد قلبك أم عقلك يقودك؟! لكن توقع الفشل من كلاهما.. كن على استعداد لتحمل النتائج.. تقبل الخسارة.. تقبل أن تعيد التجارب مرة أخرى بخيارات مختلفة.. لكن لا تنسى أنه سيكون هناك خسائر قد لا تكون بسيطة.. و أطراف قد لا تكون راضية.. و تضحيات قد لا تكون بسيطة.. و أحياناً تتقبل النتيجة أي كانت تفادياً لكل هذه الخسائر في حين أنك غير راض عنها.. و مشتت بسببها..
وصلت لقناعة تامة بأن الروح وحدها هي من يعطي بصيص الأمل لقراراتك.. روحك أولى من كل شيء.. قدم روحك على قلبك و عقلك.. روحك هي من ينير طريقك.. روحك هي من يسندك في أيامك و لياليك.. لكن ماهي الروح؟! كيف أعرف روحي؟! كيف أسمع صوت روحي؟! كيف أميز صوتها من كل الضجيج اللذي حولي؟! فقد اعتبر أفلاطون الروح أساس لكينونة الإنسان و المحرك الرئيسي للإنسان.. ابحث عن روحك التائهة.. افهمها.. اعرفها.. تناغم معها.. لتعرف طريقك و تحددت خارطتك في الحياة.. و عندما تصل لها سينتهي ضياعك و تيهانك و تشتتك.. ستعرف من أنت.. لا أعدك بأنك ستصل أو قد تصل متأخر بعد أن تراكمت الخسائر و شارف العمر على نهاياته.. لكن يكفيك شرف المحاولة..
مجرد تأملات..👌