ماذا غيرت فيك السنين؟!
تولد مسيراً على طريق واحد.. مراحل مرسومة و أيام تمشي بدقة.. حبو.. فمشي.. فجري.. فمدرسة.. فجامعة.. فوظيفة.. فزواج.. فأبناء..فبيت عمر.. فتقاعد.. أين أنت من كل هذا؟ هل مازلت نفس الشخص؟! هل تغيرت؟! هل ملامحك مازالت نفسها؟! هل روحك كما هي؟! هل ارهقتك الأيام؟! هل غيرتك المواقف؟! هل مازلت نفس الشخص أم تغيرت؟! هل مازالت مبادئك كما هي؟! هل مازالت معتقداتك كما هي؟! ماذا تعلمت من الحياة؟! ماذا أخذت منك الحياة؟! ماذا بقي لك في هذه الحياة؟!
أي كان عمرك فما مضى عمر لوحده.. مررت بأيام صعبة.. بانكسارات كثيرة.. بأشخاص سيئين..بدروس قاسية.. بصفعات أقسى.. لن تبقى كما أنت.. ستتغير حتماً.. ستتغير بدون أن تعلم.. ستتغير رغباتك.. ستتغير خياراتك.. ستختار أشياء كنت ترفضها.. ستقترب من أشياء كنت تستصغرها.. ستبتعد عن أشخاص لطالما اعتقدت أنهم جزء منك.. ستقترب من أشخاص كنت تعتقد أنهم لا يشبهونك.. ستتغير أولوياتك.. سيتغير نوع قهوتك.. سيتغير مطعمك المفضل.. سيتغير برنامجك المفضل..سيتغير الشخص المقرب لقلبك.. سيتغير الصديق اللذي تلجأ إليه لفضفضتك.
سيأتي اليوم اللذي تسأل فيه نفسك: من أنا؟ أين أخذتني الحياة؟ ماذا حققت من نجاحات؟ ماذا بقي لي أن أفعل؟ هل مافعلته يكفي؟ أين أنا من هذا الكون؟
تمر الأيام دون أن نشعر.. تجري السنين فلا ندرك إلا و أننا تجاوزنا العشرين و تخطينا الثلاثين و شارفنا على نهايات الأربعين و اقتربنا من الخمسين و نرى الستين تنتظرنا..
هل مطلوب منا أن نكون ناجحين؟ هل مطلوب منا أن نحقق الإنجازات؟ هل مطلوب منا أن نكون الأفضل؟ هل هذا يتعارض مع المتعة و السعادة و راحة البال؟ هل من لم يصنع مجده يعيش قرير العين مرتاح البال؟
القلق يزيد طردياً مع علو الهمة.. انشغال البال يتزايد مع الطموح.. فلماذا أرهق نفسي إذاً؟! هو عمر واحد.. حياة واحدة.. من الأولى أن أعيش السعادة..
أفكار متضاربة لابد و أن خطرت على كل أحد منكم بعد أن يمر عام من عمره.. بعد أن يرى نفسه كبر عام.. بعد أن يرى القدر يقوده بعيداً عن مخططاته.. بعد أن يسقط و يقع و يتعثر ويصر على الاستمرار..
لا تنسى أن تعيش و أنت تحقق نجاحاتك.. لا تنسى أن تعطي نفسك حقها.. لا تنسى أن تسافر كل عام.. لا تنسى أن تذهب لمقهى جديد كل أسبوع.. لا تنسى أن تشتري ساعة ثمينة مع راتب كل شهر.. لا تنسى أن تملك صديقاً وفياً.. لا تنسى أن تملك حبيباً مخلصاً.. لا تجعل نفسك نادماً عند نهايات العمر بأنك أرضيت الجميع عدا نفسك.. أنك حققت كل النجاحات لكن الجميع نسيك.. أنك ساعدت الجميع لكنهم خذلوك.. لا تنتظر شيء من أحد.. اصنع لنفسك قوتها و اعطها حاجاتها و أهداها ما تتمنى..
نفسك تتأمل منك كل جميل.. لكنها قد لا تطلب و تنتظرك أن تعطيها.. لكنها ستحاسبك حتماً عن كل موقف و كل يوم و كل لحظة في يوماً ما.. كن مستعداً لهذا اليوم.. الأهم ألا تكون أنانياً متحيزاً لنفسك لأنها لن تغفر لك ذلك
املك من الدنيا ماشئت..
لكنك ستخرج منها كما جئت..
حقق نجاحاتك.. اجتهد.. اعمل .. أثبت وجودك لكن لا تنسى أن الهدف الأساسي هو السعادة.. المتعة.. الحياة.. قدم لنفسك كل يوم.. كل أسبوع.. كل شهر.. كل عام.. هي من يستحق.. ستكون راضياً عن نفسك إذا مرت السنين و انتهت فصول حياتك اللامعة و تفرق الجميع من حولك.. لكنك مشبع بالمشاعر و الأشياء والتجارب و الحياة و الأشخاص.. ستقول حينها شكراً لي لأنني لم أنسى نفسي لأنك مهما حاولت أن تعوض نفسك فلن تستطيع إشباعها حينها.. ما يأتي متأخراً لا يترك أثراً كمن أتى في وقته المناسب..
مجرد تأملات..👌