فن اللامبالاة


لعيش حياة تخالف المألوف

للكاتب مارك مانسون



في هذه المراجعة أقتطفت بعض من فقرات الكتاب التي أعجبتني.

ويخبرك العالم كله دائمًا أن الطريق إلى حياة أفضل هو المزيد والمزيد والمزيد... اشتر أكثر، واكسب أكثر، واصنع أكثر، وكن أكثر في كل شيء. وأنت تجد نفسك دائمًا تحت وابل من الرسائل التي تدعوك كلها إلى المبالاة أكثر فأكثر بكل شيء، وطيلة الوقت.


لماذا؟ أظن أن الإجابة بسيطة؛ وهي: لأن الاهتمام أكثر بالأشياء أمرٌ ملائم تمامًا لمصالح الشركات.


ليست شدة الاهتمام بالحصول على «ما هو أكثر» مفتاحًا لحياة جيدة؛ بل المفتاح هو «الاهتمام أقل»، الاهتمام المقتصر على ما هو حقيقي، آني، هام.


إن الرغبة في مزيد من التجارب الإيجابية تجربة سلبية في حد ذاتها. والمفارقة أن قبول المرء تجاربه السلبية تجربة إيجابية في حد ذاتها.


أي فكرة أنك كلما سعيت إلى أن يكون إحساسك أفضل طيلة الوقت كلما تناقص رضاك، لأن ملاحقة شيء ما لا تفعل إلا تعزيز حقيقة أنك مفتقر إلى ذلك الشيء أصلًا. كلما كنت شديد الرغبة في أن تكون ثريًا، كلما شعرت بأنك فقير لا قيمة له، وذلك بصرف النظر عن مقدار ما تجنيه من مال في واقع الأمر.



ما معنى عدم الاهتمام الزائد؟ ما هي اللامبالاة التي أحدثكم عنها؟ فلننظر في ثلاثة «أمور دقيقة» ينبغي أن تساعدنا في توضيح هذه المسألة:


  1. عدم الاهتمام الزائد لا يعني عدم الاكتراث مطلقًا؛ بل هو يعني أن تهتم على النحو الذي يُريحك أنت.

  2. حتى لا تهمك الصعاب، لا بد لك أولًا من الاهتمام بشيء أكثر أهمية منها.

  3. سواء أدركت هذا أو لم تدركه، فإنك تختار دائمًا ما تمنحه اهتمامًا.



في أيام أجدادنا، كان الجد يمر بحالة سيئة فيقول في نفسه: «اللعنة على هذا كله! من المؤكد أنني أشعر اليوم كما لو أنني روث بقرة، لا أكثر. لكن، وماذا؟ أظن أن الحياة هكذا. فلأعد إلى جَرف القش». وأما نحن، فماذا لدينا الآن؟


أما الآن... إذا انتابك شعور سيء تجاه نفسك، ولو مدة خمس دقائق فقط، فإنك تجد نفسك على الفور أمام مئات الصور لأشخاص سعداء تمامًا يعيشون حياة مدهشة إلى أقصى حد. ويصير من المستحيل أن تردّ عن نفسك الإحساس بأن فيك بالتأكيد أشياء غير صحيحة حتى يكون وضعك أقل منهم.


هذا الجزء الأخير هو ما يجعلنا نعاني. نشعر بالسوء لأننا نشعر بالسوء. ونشعر بالذنب لأننا نشعر بالذنب. ونغضب لأننا نشعر بالغضب.


ليست السعادة معادلة رياضية نحلها. إن القلق وعدم الرضا جزءان أصيلان من الطبيعة البشرية، وهما مكوّنان ضروريان لخلق سعادة مستقرة. تأتي السعادة من حل المشكلات. الكلمة المفتاح هي الحل.


إن كنت تتجنب مشاكلك أو تحس كما لو أنه ليست لديك أية مشاكل، فإنك في سبيلك إلى أن تجعل من نفسك إنسانًا بائسًا. وإذا رأيت أن لديك مشاكل لا تستطيع حلها فإنك ستجعل من نفسك إنسانًا بائسًا أيضًا. الخلطة السحرية كامنة في حل تلك المشاكل، لا في عدم وجود مشاكل في حياتك.


هذا لأنهم يفسدون الأمر كله بطريقة من الطريقتين التاليتين، أو بالطريقتين معًا:


  1. الإنكار: ينكر بعض الناس وجود المشاكل من الأصل. وبما أن هؤلاء ينكرون الواقع، فإن عليهم دائمًا أن يخفوا هذا الواقع عن عيونهم أو أن يلهوا أنفسهم عنه. قد يمنحهم هذا بعض الراحة على المدى القصير، لكنه يؤدي إلى حالة من العُصابية وانعدام الأمان والاكتئاب.

  2. ذهنية الضحية: يفضل البعض التفكير في أن ما من شيء يستطيع فعله لحل مشكلاته، حتى عند توفرالقدرة على حلّها. يسعى «الضحايا» إلى لوم الآخرين على مشكلاتهم، أوإلى لوم ظروف خارجية. قد يجعلهم هذا أكثر ارتياحًا على المدى القصير، لكنه يؤدي بهم إلى حياة من العجز واليأس والحنَق الدائم.


لقد أردت النتيجة، ولم أرِد الصراع من أجلها. أردت النتيجة، ولم أرد العملية المفضية إليها. لم أكن واقعًا في حب الكفاح من أجل تلك الغاية، بل كنت أحب النصر فقط.


يظهر هذا الشعور بالاستحقاق من خلال واحد من الشكلين التاليين:


  1. أنا شخص رائع، وأنتم عاجزون ولا قيمة لكم جميعًا. وهكذا، فأنا أستحق معاملة خاصة.

  2. أنا عاجز ولا قيمة لي، وأنتم جميعًا رائعون. النتيجة: أنا أستحق معاملة خاصة.


هاتان الذهنيتان مختلفتان من حيث المظهر الخارجي، لكن لهما الجوهر الأناني نفسه. والواقع أنك كثيرًا ما تجد أصحاب الشعور الزائد بالاستحقاق يتأرجحون بين هاتين الحالتين. إما أن تكون على قمة العالم، أو أن يكون العالم كله فوقك، وذلك بحسب مقدار ما تصيبه من نجاح في كل لحظة بعينها.


هنالك مجموعة من القيم الشائعة التي تخلق للناس مشكلات سيئة حقًا. إنها تخلق مشكلات يكاد يكون حلها مستحيلًا وهي:


  1. المتعة:
    المتعة شيء عظيم، لكنها قيمة شديدة السوء إذا وضعت أولويات حياتك وفقًا لها. ليست المتعة سببًا للسعادة؛ بل هي أثر ناتج عن السعادة. إذا كانت لديك بقية العناصر (القيم والمعايير الأخرى)، فسوف تأتي المتعة بشكل طبيعي باعتبارها نتاجًا ثانويًا.

  2. النجاح المادي:
    يقيس أناس كثيرون قيمتهم الذاتية اعتمادًا على مقدار ما يكسبونه من مال أو على نوع السيارة التي لديهم إلا أن الدراسات تظهرأن الارتباط بين السعادة والنجاح المادي يقترب سريعا من الصفر بعد أن يتمكن المرء من توفيراحتياجاته المادية الأساسية (كالطعام والمسكن، إلخ)

  3. أن تكون على صواب دائمًا:
    إن أدمغتنا آلات منخفضة الكفاءة. فكثيرًا ما نضع فرضيات خاطئة، ونسيء تقدير الاحتمالات، ونتذكر الحقائق بشكل خاطئ، ونرضخ لأشكال الانحياز الحدسي، ونتخذ القرارات استنادًا إلى نزواتنا الانفعالية. وبما أننا بشر، فإننا نكون مخطئين في حالات كثيرة جدًا.


فإذا كان مقياس النجاح في الحياة عندك هو أن تكون على صواب، فهذا يعني أنك ستجد مشقة كبيرة في تفسير الأسباب الكامنة خلف أخطائك كلها.


Join