ملخص كتاب


عادة الغضب في تربية الأولاد

د. كارل سيميلروث

المقدمة

يُشجِّع بقوة الأفراد الذين يدرسون هذا الكتاب لمحض اهتمامهم الشخصي على أن يبدؤوا الدراسة من الفصل رقم 1 أولاً. إنه يحوي معلومات حول الغضب بشكل عام، وهو طريقة للنظر إلى كيفية نمو الغضب. فنحن نريد أفضل خير لأولادنا، ونريد أن نكون والدين مثاليين كاملين لهم، وإنك لتميل إلى الشعور بأنك والد سيئ إذا افتقدت هذا الأمر أو قصّرت عن بلوغ هذا الهدف المثالي الأسمي. الرجاء كن لطيفاً ومتفهماً لنفسك حين تحاول القيام بتغييرات حقيقية مقترحة هنا. لا أحد فينا بالغ الكمال. وخطوات صغيرة نشرع بها إلى الأمام في الاتجاه القويم نبدأ بها رحلة طويلة. يكفي خطوتان إلى الأمام وواحدة إلى الخلف حتى ينجم التقدم.

لذا يقوم هذا الكتاب بمناقشة هذا الأمر عن طريق عدة تمارين تُحسن السلوك وأيضا تساعدنا على تفهم كثير من سلوكيات أولادنا بشكل مختلف.

سلسة الغضب

ينشأ الغضب من الرغبة في السيطرة. يقع العديد من الآباء والأمهات فريسة حب محاولاتهم السيطرة على أولادهم، وهم إذ يحاولون ذلك يملؤون بيوتهم بالتفاعلات الغاضبة. وحين يحدث ذلك يصبح الوالدان أكثر إحباطاً وبؤساً، ويصبح الأولاد أكثر ابتعاداً وغالباً خارج السيطرة. من المفيد فهم كيف ولِمَ يحدث الغضب الذي ما إن يزرع في الأسرة حتى يميل إلى النمو تواتراً وحدة. ومثله مثل الإدمان على المخدرات؛ إذ لا يلبث أن يُتطلب غضب أشد ويتطلب تواتر أكثر من أجل إرضاء عادة الغضب.

حين لا يرى الآخرون أفكار ومشاعر غضبنا نسمي هذه أحداثاً باطنية (إعداداً لسلوكيات الغضب). من بين هذه مشاعر الانزعاج، كون المرء مغتاظاً وكونه ضحية والتخطيط للانتقام والتفكير في عيوب الآخرين ومشاعر سخط مشروع له ما يسوغه.

سلسة الغضب

حين تصبح أفعال غضبنا ومظاهره واضحة للعيان لدى الناس الآخرين نسميها (سلوكيات الغضب). ومن بين هذه السلوكيات تعابير الوجه في الغضب وكلمات الغضب والحركات المهددة والضرب بل حتى اقتراف القتل.


إن مشاعر الغضب وسلوكيات الغضب متصلة فيما بينها، وتشكل سلسلة تمتد من الانزعاج الخفيف الذي يرافقه تكشير قسمات الوجه إلى الشعور بجنون الغضب الذي يرافقه التهجم الجسدي. وما إن يبدأ الوالدان باستعمال الغضب لتدبير الأولاد حتى تميل أفكارهما وسلوكياتهما للتحرك نحو الحد الأقصى من سلسلة الغضب. كما يظهر في الشكل على اليسار.

يحمل الغضب معه ميلاً إلى النزول في سلسلة الغضب نحو سلوكيات مدمرة. إن الأوضاع المحبطة تسبب تصاعداً في الغضب على طول سلسلة الغضب. والأفراد لهم سلاسل غضبهم الفريدة الخاصة بهم.

إن تربية الأولاد تتضمن إيجاد حلول لسلاسل طويلة من المشكلات الممتدة على سنين عديدة. ينطلق الأطفال في حياتهم وهم أصغر منا سناً. إنهم مبدئياً مستعدون للاستجابة لنا حين نرفع أصواتنا أو حين نهددهم تهديداً معتدلاً. وهذا يساعد الآباء على استعمال الغضب لحل المشاكل مع الأولاد في البداية. و بسهولة يصبح الغضب عادة، عادة تنمو وتصبح أكثر تدميراً. إن سعادة وراحة وهناء أطفالك وأسرتك وأنت شخصياً تجعل من المهم أن تتفحص عادة الغضب.

إن إعادة وضع الأسرة في مكان آمن بمعنى أن يستطيع الأطفال أن ينموا ويتعلموا تستحق أكثر من جهد ضئيل.

وضع القواعد و فرضها

إن هدفنا بصفتنا أولياء هو أن نغذي ونحمي ونعلم ونرحب بالصغار في ثقافتنا. ونحن جميعنا نعلم أننا لا نستطيع أن نعيش معاً بطريقة حضارية دون قواعد. ونحن جميعنا نعلم أن الأطفال يحتاجون إلى قواعد.

هل نضع القواعد للسيطرة على الأطفال؟ إذا كنت تظن أن عملك كوالد أو كوالدة هو أن تسيطر على طفلك فإن استعمالك للقواعد سيكون محاولة للسيطرة عليهم. إن كنت تنظر إلى القواعد على أنها طريقة للسيطرة على الأولاد، فإنك تجعل خرج القواعد أكثر إيلاماً بالتدريج. وإذا واصل الأولاد خرق القواعد فسوف يقع أذى أكبر.

هناك بديل لاستعمال القواعد من أجل القواعد للتأثر في سيطرة الأولاد على أنفسهم:

  • ينبغي أن تبقى نتائج خرق القواعد هي نفسها كل مرة تخرق فيها القواعد و ذلك من أجل التأثير في سيطرة الأولاد على أنفسهم

  • ينبغي أن تنقل القواعد المفروضة إلى الأولاد توقعات أهليهم الثابتة لسلوكياتهم. و ينبغي أن يكون الأهل حاضرين حتى إذا تجاوز الأولاد تلك القواعد عمد الأهل إلى توكيد فرضها

أن القواعد كي تكون ثابتة مستمرة ينبغي أن يعاد فرضها نفسها كلما خرقت القاعدة وسبب غياب هذا الأمر عن بالهم هو:

  • إذا كانت نظرة الأهل للقواعد على أنها طريقة للسيطرة على سلوك الطفل يظنون كل مرة تجرب فيها القاعدة وتخرق أنها قاصرة وفيها خلل، ويلقون بها جانباً. فهي لم تسيطر على الطفل.

  • إنهم على صواب. إذا افترض أن القواعد تسيطر على السلوك، فخرقها يدل على أنها لا تعمل بصورة جيدة. ويكون ثمة حاجة إلى قاعدة أصلب وأقوى – قاعدة دخلت عليها فروض تؤذي الطفل أكثر. 

  • إذا كانت وظيفة القواعد في تربية الأولاد ليست سيطرة الأهل على الأولاد ولكن سيطرة الأولاد على أنفسهم فنتائج خرق القاعدة ينبغي أن تكون هي ذاتها في كل مرة.

  • تعمل القواعد على إعلام الولد بتوقعاتنا الثابتة التي لا يمكن زعزعتها فيما يخص سلوكهم، هي تماماً مثل قوانين الطبيعة، تعلمهم كيف يتصرفون بأن تعطيهم نتائج ثابتة. فالجدار دائماً يعطي التأثير ذاته حين يرتطم الأطفال به. إنه لا يسيطر على الأطفال بل يؤثر فيهم ليسيطروا على أنفسهم فيستعملون الباب.

إن القواعد منظوراً إليها كتوقعات لا يمكن هزها وتحريكها تؤثر في سلوط الطفل الإرادي وتجعل التواصل مع الأهل سليماً. لا أبواب مغلقة في التواصل بين الأهل والولد مع فرض ثابت لتوقعات الأهل.
إن إوضاع الأسر تتفاوت، وكل أسرة لها تعقيداتها الخاصة بها، ليس هناك أسرة كاملة مستوفية. أنا أعرف أنه ليس ثمة أهل بلغوا حد الكمال وأنا منهم. نحن نقوم بأفضل ما نستطيع. ولكن من المفيد لك أن تعلم ماذا تريد أن تعمل بشكل مثالي. وإن مثال الطريقة الكاملة في تربية الأولاد هي:

  • أن نمتلك بضعة قواعد.

  • أن نكون حاضرين.

  • أن نجري تواصلاً جيداً مع أولادنا.

  • أن يكون لنا مصداقية تحول إيماننا بأولادنا إلى ما يتوقعه الأولاد لأنفسهم.

من هو المسيطر هنا؟

إن غضب الأهل نتيجة طبيعية للنزاع مع الأولاد حول السيطرة على سلوكيات الطفولة. يريد الأهل أن يتعلم الأولاد بعض السلوكيات ولكن هل يحتاجون حقاً إلى السيطرة على أولادهم؟

لا يستطيع الأهل ان يربوا أطفالهم بسلام إذا فكروا في أنه ينبغي عليهم أن يسيطروا على سلوكيات أولادهم. فمن أجل أن يكبر الأولاد ويصبحوا افراد المستقلين ينبغي ان يناضلوا كي يسيطروا على أنفسهم سيطره ذاتية.

يريد معظم الأهل من أولادهم أن يسيطروا على سلوكهم الشخصي ويكبروا ويصبحوا أناساً لهم الصفات التالية:

  • يقومون بما هو صحيح؛ لأنه صحيح، لا لأنهم قد يقعون في شباك عمل أمر خاطئ.

  • أن يكونوا أعضاء صالحين في الأسرة لأنهم يريدون ذلك، لا لأن الآخرين سوف ينتقدونهم إذا لم يكونوا كذلك

  • أن يكونوا سعداء وناجحين في عمل يحبونه، لا في عمل يتوقعه لهم الآخرون.

إن الأولاد مثلهم مثل الراشدين يمكن جعلهم يظهرون بأنهم يحبون ما يعملون. إلا أنه ليس بوسعهم أن يجعلوا أنفسهم يشعرون بالحرية وهم يعملون ذلك.
فمن المهم جداً للأهل أن يدركوا:

  • حين نختار السيطرة نهجاً من أجل تربية الأولاد فنحن اخترنا أن نستعمل الغضب والانزعاج طوال الوقت الذي نعيشه مع أولادنا.

  • حين نجد أنفسنا غضبانين ومنزعجين مع أولادنا، فذلك لأننا اعتمدنا تقنية ونهج السيطرة في تربية الأولاد.

إن تعلم المرء كيف يصبح متمدناً معناه تعلم التعاون بدلاً من القتال للحصول على ما يريد. إن تعلم المرء كيف يصبح متمدناً لا يعني تعلم التخلي عن السيطرة على النفس.

Join