التغيير وإدمان التعود

يغلب على الإنسان الميل للراحة والارتياح التام للعادات والممارسات اليومية التي تعود عليها، والعادة بالمعنى اللغوي: هي كل ما اعتيد حتى صار يفعل من غير جهد، وأصبح يتكرر على نهج واحد، وتتشكل تلك العادات بمجالات مختلفة منها العمل أو الدراسة أو حتى العادات الاجتماعية أو المحيط الخاص بالشخص، لذلك يجد الواحد منا صعوبة في الانفكاك والابتعاد من تلك العادات المرهقة أحيانا للكثيرين.


ما يصعب علينا كثيراً تقبل التغيير في جميع نواحي الحياة، يجد البعض في خلوة نفسه الرغبة الملحة في التغيير تجاه موضوع ما، لكنه يواجه آفة إدمان العادة والتعود على واقعه والتي تأتي من الداخل العقل الباطن (اللا واعي) ، الأمر الذي يستحيل معه المضي قُدماً في خطوات التغيير.


مشكلة العادة أنها محدودة النطاق يضع المرء نفسه في طريق ضيق لا يستطيع معه التنقل ولا الميل عنه لآفاق أوسع، ما يعطل معظم مصالحه ومشاريعه، أما تعود التغيير والتفكير فيه يفتح آفاقاً أوسع لدى المرء ما يجعله مرناً أكثر نحو كثير من الأمور الطارئة وغيرها.


إن للعقل الباطن (اللا واعي) لدينا القدرة الهائلة على إزالة الخوف بشكل عام والذي يعد التغيير جزء منه، وتحدي كل ما قد يثير الرعب في نفس الإنسان، ولكن عدم إدراك بعض الأشخاص لهذه القدرة، يجعل منهم أسرى خوفهم، وضحايا الشعور بالتردد والذعر نحو أي تغيير، فمواجهة العقل الباطن تفتح لنا آفاقاً لإقناع أنفسنا قبل أي تغيير ننوي القيام به بالعزيمة والإصرار ومواجهة الصعوبات، وتكرار خطوات التغيير حتى يتسنى للعقل الباطن الإيمان الكامل بها وتصديقها ما يساعد في تجاوز مرحلة التردد في التغيير.



الشيء الوحيد الثابت في هذه الحياة هو التغيير المستمر

هيراقليطس

هل الإنسان سجين عادات مجتمعه؟

ينشأ لدينا هاجس الرهبة من التطوير والتغيير من عدة عوامل رئيسية منها المجتمع والقناعة الداخلية بالوضع القائم ما يجعل المرء سجين عادات مجتمعه أياً كان حجم المجتمع وتصنيفه، وهناك موانع كثيرة للتغير منها التعصب للرأي، ومنها الجهل بالتغيير وعدم الثقة بالنفس وضبابية المستقبل وعدم توفر معلومات كافية نحو ماهية وأساليب التغيير المراد.


التغيير يشمل مجالات كثيرة في الحياة منها العملية والاجتماعية والفكرية وحتى التغيير في المظهر، وفي اعتقادي أن تغيير الأفكار والمعتقدات السائدة من أصعب أنواع التغيير وهي من جهة أخرى تحدث نقلة نوعية شاملة على المتغير من نواحي كثيرة، قال تعالى "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" [الرعد:11] فدلت الآية أن التغيير ينبع من النفس أولاً، وتغيير الجماعة يبدأ من تغيير الفرد لنفسه.


إن التغيير يساعد على تقدم الإنسان وتحقيقه للمزيد من النجاحات على أرض الواقع وأن رفض التغيير يساهم وبشكل كبير في فشله وتراجعه عن الآخرين.

Join